قال السيد محمد الحلبوسي في كلمته التي ألقاها ( السبت الماضي ) في المؤتمر الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة ، إن رواتب الموظفين وكل المصروفات ستنتهي صلاحية صرفها بعد 31 \ 12 \ 2022 واستند في ذلك إلى قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 ونصوص قانون الإدارة المالية نافذ المفعول ، ووضح إن آليات الصرف بمعدل 1\12 من المصروفات الفعلية للعام السابق لا يمكن سريانها لعدد غير محدود من السنين ، وقال بالحرف الواحد لو كان ذلك ممكنا لما كانت هناك حاجة لتقديم موازنة اتحادية كل عام واكتفاء مجلس النواب بموازنة واحدة كل 4 سنوات ، وهذا التوضيح يدحض الآراء التي تروج بجواز الاستمرار في الصرف لعام 2023 بنفس الآليات التي تمت عام 2022 إن تأخر او تعثر إصدار الموازنة لأي سبب من الأسباب ، ومنها تصريحات الدكتور هيثم الجبوري النائب السابق والمستشار المالي الحالي لرئيس الوزراء الذي كان يرأس اللجنة المالية في دورة البرلمان السابقة ، حيث أكد بان ( قانون الإدارة المالية خرج من تحت عباءة اللجنة المالية ونعلم تفاصيله وهو يسمح بالصرف لحين المصادقة على الموازنة الاتحادية ) ، وتأتي هذه التصريحات في ضوء التوقعات التي ترجح صعوبة إصدار الموازنة الاتحادية لعام 2023 ، حيث لم تتبقى من نهاية السنة المالية غير أربعة شهور وهناك ضبابية في انعقاد مجلس النواب وإكمال المتطلبات الدستورية لانتخابات تشرين الأول 2021 وأبرزها تشكيل حكومة بكامل الصلاحيات تأخذ على عاتقها اقتراح موازنة مالية في ضوء البرنامج الحكومي الذي يخضع لمصادقة البرلمان .
وإذا كان تفسير رئيس البرلمان هو ما يعول عليه فان البلد سيمر بمأزق مالي لم يسبق المرور به ( بعد 2003 ) بسبب تكرار مرور سنتين ماليتين بدون موازنة اتحادية ، فذلك يعني إيقاف الصرف على النفقات كافة بما فيها الرواتب للموظفين والمتقاعدين والعاملين في الدولة بعد نهاية السنة المالية الحالية ، ولو اجتهد البعض بإيجاد مخرج فانه سيكون بحاجة لتشريع قانون يتيح استمرار الصرف 1\12 او تمديد العمل بقانون الطوارئ والأمن الغذائي لعام إضافي ، وهذه التشريعات من صلاحية مجلس النواب وهو يعاني ما يعانيه بسبب الظروف التي يعرفها الجميع ، ومجلس الوزراء غير مخول بإصدار والسلطة القضائية معروفة الاختصاصات ، وعلى فرض إيجاد ثغرة من ( عباقرة ) الحلول لاستمرار الصرف وخاصة الرواتب فان الإنفاق سيكون للجوانب التشغيلية دون الاستثمارية مما يعني تعطل تنفيذ المشاريع لعام إضافي ، كما إن ذلك سيحرم البلد من التمتع بزيادة موارده ، فموازنة 2020 بنيت على أسس تقشفية وتشاؤمية وخلال العامين 2021 و2022 تحسنت إيرادات النفط بشكل كبير فقد بلغ مجموع إيرادات تصدير النفط من الجنوب خلال تموز الماضي أكثر من 10 مليارات دولار ، والخروج من مأزق صرف الرواتب وغيرها يجب إن يكون قبل نهاية العام الحالي ، والحل الأنسب لذلك هو تركيز الجهد في إصدار موازنة متكاملة تغطي التشغيلية وتهتم بالاستثمار وتحقق نوع من الرفاهية للمواطن بعد تحسن الإيرادات لتعويض ما فاته من تقشف وجوع وحرمان وشد الأحزمة على البطون استمر لسنوات دون انقطاع ، والسؤال هل سيحتكم من يعنيهم الأمر لتحكيم لغة المنطق للحؤول دون الوقوع في ( انسداد اقتصادي ) بعد أن شهد البلد كثيرا من الانسدادات ، وهل سيتوقف مزاد بيع الدولار حتى لو توقف الصرف بعد أن ازدادت المبيعات الأسبوعية لهذه النافذة لأكثر من مليار دولار ؟! .