لم يتعرض سياسي كردي عراقي للهجوم والانتقادات الحادة والمنظمة من قبل معارضيه مثل ما تعرض له رئيس حزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان السابق (مسعودبارزاني) ، تترصده عيون معارضيه اربعة وعشرين ساعة في الأربعة وعشرين ساعة! قلما تجد مجلات وصحف ومواقع الكترونية وقنوات فضائية لا تطرح جانبا من تصريحاته المثيرة ومواقفه السياسية الكثيرة حول مختلف المواضيع السياسية التي تتعلق بالكرد والعراقيين وشعوب المنطقة ، فهو رجل الدولة الأقوى في الإقليم وربما في العراق أيضا ، يجمع السياسة والأخلاق العشائرية في شخصه ، صارم وعنيد مع خصومه السياسيين ولديه استعداد لخوض الصراع معهم الى آخر المشوار ، لا يلين ولا يستكين ، ولكنه يتحول الى انسان آخر رحيم ، رقيق القلب مع من احتمى به وطلب مساعدته دون ان يكترث كثيرا لعواقب ما يقوم به ، وانصع مثال على ذلك ، عندما استنجد به نائب رئيس الجمهورية الاسبق”طارق الهاشمي” عام 2012 وهو خصم سياسي إسلامي وعروبي حد التطرف ، اعترض على تولي الكرد منصب رئاسة الجمهورية عام 2005 معتقدا ان العرب العراقيون هم أولى بالمنصب من الكرد ، وخرج مع كتلته من قاعة البرلمان غاضبا عندما صوت البرلمان لصالح “جلال الطالباني” ليكون اول رئيس جمهوري كردي في العراق ، ولكنه عندما اختلف مع رئيس الوزراء “نوري المالكي” واتهم بالإرهاب وبعد ان ضاقت عليه الأرض بما رحبت ، لم يجد مكانا يلجأ اليه غير إقليم كردستان الذي يترأسه “مسعودبارزاني” الخصم الذي آواه وحماه ، رغم ما جر عليه وعلى الإقليم فيما بعد من عقوبات قاسية مازالت سارية لحد الان .
ورغم الدعوات الكثيرة التي طالبت بارزاني بتسليم الهاشمي الى بغداد ليحاكم ، ولكنه رفض تسليمه بثبات وقال؛ “انه لن يسلم الهاشمي بأي شكل من الأشكال، لأن الأخلاق الكردية لا تسمح بتسليم من يلجأ إلينا”. ولم يكن الهاشمي وحده من لجأ الى كردستان خوفا على حياته ، بل مئات الالاف من النازحين العرب من الوسط العراقي واللاجئين من السوريين تدفقوا اليها ، وبحسب الإحصاءات الرسمية فان اكثر من مليون نازح ولاجيء مازال موجودا في الإقليم الذي تحول بفضل ادارته الى واحة للسلام والاستقرار في منطقة مشتعلة ، متخمة بالحروب والصراعات الدموية ، رغم إمكانات الإقليم المادية المتواضعة والحصار الشديد الذي تفرضه عليه بغداد.
ولكن كيف حول دويلة صغيرة في وسط جحيم المنطقة والمؤامرات المستمرة التي تحاك ضدها الى مكان آمن وصالح للعيش الآدمي وبميزانية قليلة جدا لاتصل الى 10% من مجمل مبالغ الميزانية العراقية؟! وامام تدهور الحالة العراقية ووصولها الى حافة الانهيار نتيجة الصراع بين التيار الصدري والاطار التنسيقي بزعامة المالكي ، لم يجد قيادة الاطارالتي طالما حاربت الإقليم وناصبته العداء غير اللجوء الى “مسعودبارزاني” ليتدخل في الصراع قبل ان يتحول الى حرب أهلية لاتبقي ولا تذر ، واخذت وفود الاطار التنسيقي تتقاطر اليه وتجتمع به وتناشده للتدخل في الازمة ، زاره “هادي العامري” رئيس تحالف الفتح وناشده “فالح الفياض”رئيس هيئة الحشد الشعبي من خلال رسالة ان يمارس “دوره الحكيم” في إيجاد حل للانسداد السياسي!
ولكن هيهات ان يصلح العطار الكردي ما افسده قادة الشر والفساد منذ 2003 مهما كان حكيما وبارعا في اصلاح ذات البين وحل الازمات ، الطريق مسدود بالضبة والمفتاح ولا يوجد حل غير ان يلم اقطاب الفساد اغراضهم ويرحلوا الى غير رجعة مصحوبين باللعنات والفضائح في الدنيا والاخرة ، وكفاهم ما نهبوا وقتلوا العراقيين على”الهوية” والانتماء الطائفي.