خاص: حاورتها- سماح عادل
“كوثر إبراهيم علي” فنانة تشكيلية سودانية، مواليد ١٩٥١، خريجة كلية الفنون الجميلة والتطبيقية، جامعة السودان١٩٧٥ قسم التلوين. عملت بدار النشر التربوي بوزارة التربية والتعليم، في تصميم الكتب المدرسية والمجلات التي تصدر منه مثل مجلة الصبيان للأطفال، ومجلة الكبار لتعليم الكبار والجيل للشباب، عملت في التأهيل التربوي في قسم الوسائل التعليمية، عملت في كلية المعلمات بأمدرمان لمعلمات المرحلة الابتدائية، عملت معلمة للفنون في المرحلة الثانوية حتى المعاش.
لديها كتابين منشورين للأطفال باسم (النحلة الحزينة) وآخر باسم (الدعاش)، وعدد من كتب أطفال غير منشورة، اشتركت في عدد من المعارض الجماعية، أقامت معرض ثنائي في ٢٠٠٢. عملت أربعة بوسترات عن وقف العنف ضد النساء لليونسكو.
كان لنا معها هذا الحوار:
* متى بدأ شغفك بالرسم وكيف تطور وهل وجدت الدعم من الأسرة؟
– بدأ شغفي بالرسم منذ الطفولة، الدعم كان من المدرسة لأن الأسرة كانت لا صلة لها بالرسم. كانت الفنون جزء من المنهج الدراسي وتوفر وزارة التربية والتعليم المواد والمعلمين وغرف مخصصة للفنون والأعمال اليدوية والخياطة والتدبير المنزلي مشتركة. وأبدت بعض المعلمات اهتمام بموهبتي وشجعنني بعرض أعمالي في معارض المدرسة السنوية.
* ماهي المواد التي تفضلين استخدامها في فنك؟
– كنت أفضل الألوان الزيتية، لكن أمضيت فترة طويلة أرسم بالحبر الأسود، حتى أصبح لي طابعي الخاص وارتبطت به. ولى أعمال بألوان البوستر وoil pastel قد جربت خامات أخري مثل تطريز بالصوف لم أواصل فيه. والأوراق الملونة بعض الأحيان. ولوحات زيتية من السبعينات في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية.
* عملت أربعة بوسترات عن وقف العنف ضد النساء لليونسكو.. هل تعكس لوحاتك رسائل ما وهل لفنك أهداف؟
– أحيانا أرسم عن قضايا الساعة خصوصا في ما يخص المرأة، الحروب التي تدور في وطني، والتشريد والعنف ضد النساء والاغتصاب وما ترزح تحته من ضغوط هن والأطفال والشيوخ. كذلك القضايا الوطنية التي تمر بها البلاد في الثورة المستمرة والعنف الممنهج ضد شباب الثورة. شباب فقدوا أطرافهم وأعينهم جراء استخدام السلاح الناري، نساء في ظروف الحرب
* عملت معلمة للفنون في المرحلة الثانوية، احكي لنا عن تجربتك في تدريس الفن وهل مواصفات الجيل الجديد من الفنانين؟
– تجربتي مع تدريس الفنون في الثانويات تجربة محبطة من عام ١٩٨٩ ألغت حكومة الإنقاذ تدريس مادة الفنون في المنهج مثل عدد من المواد في مرحلة الأساس والثانوية، ولم تعين معلمين للمادة إلا نادرا. عدم تدريس الفنون في الأساس له دور سلبي يؤثر على الطالب ومستواه في الرسم مثل طفل الروضة، إلا قلة نادرة من أبناء المغتربين أو أصحاب المواهب الواضحة. والضربة الأخرى سيادة النهج السلفي وتحريم الفنون. كثيرا ما تسأل الطالبة عن تحريم الفنون، أو يمنع أولياء الأمور بناتهم من الرسم رغم ذلك كانت هناك مواهب واصلت تعليمها في مجال الفنون وحققت نجاحا كبيرا.
وكان للميديا وانتشارها والتلفزيون أثر كبير، ولكن كنت أدرس في مناطق الطرفية ذات الأسر الفقيرة التي لا يتوفر فيها أحيانا حتى الكتاب المدرسي.
* هل تنتمين لمدرسة ما؟
– لا انتمى لمدرسة بل إلي تيار عريض يسعى للتجريب واختبار قدراته دائما. نحن في زمن أصبح التشكيل أوسع من أن تسعه مدرسة، فالمجال مفتوح على مصراعيه في زمن المعرفة اللانهائية. أصبح مفتوح لتجارب غير محصورة وتشكيليين من شتى المجالات والفئات. انتمائي لتحقيق حرية الإنسان والعيش الكريم من موقع اهتمامي وتخصصي.
* احكي لنا عن المعارض التي شاركت فيها؟
– شاركت في عدد من المعارض الجماعية التي شارك فيها اتحاد الفنانين التشكيليين في المناسبات الوطنية المختلفة. أقمت معرض ثنائي مع التشكيلي الراحل علاء الدين الجزولي عام٢٠٠٢. أقمت عدة معارض في مناسبات وطنية للقوى الديمقراطية في المنطقة السكنية. معرض للاتحاد النسائي بعد نجاح ثورة مارس/ أبريل ١٩٨٥.
* كيف أثرت الثورة السودانية واستمرارها حتى الآن على حركة الفن التشكيلي في السودان؟
– أري أن صياغة السؤال بالنسبة لي، هو كيف أثر التشكيل في الثورة السودانية القائمة الآن. أرى أن التشكيل له دور أساسي ومحوري في أحداث الثورة. في التحريض والرصد والمتابعة المستمرة، وهو جسم من الأجسام الإبداعية الثائرة من موسيقى وغناء ورقص ومسرح، وكلها يلازمها التشكيل في إنجازها. عدا أن الممارسة التشكيلية الفورية كانت ملازمة لأحداث الثورة من جداريات وبوسترات ويافطات سجلت عنف السلطة ومقاومة عنفها، وسجلت جداريات للشهداء في كل مدن السودان. التشكيل عنصر يومي في مسيرة الثورة الآن، وعنصر الثوار الشباب له الأثر الطاغى.
* أصدرت كتب للأطفال ومازالت هناك كتب لم تطبع احكي لنا عن تلك الكتب؟
– بدأت علاقتي بكتاب الطفل من المرحلة الابتدائية، حين كانت تصدر عن مكتب النشر مجلة الصبيان وبعض الكتب المخصصة للأطفال. مجلة سمير المصرية التي كانت تصلنا في ذلك الوقت.
التحقت بالعمل في دار النشر التربوي بوزارة التربية والتعليم عام ١٩٧٩. وعملت مصممة بمجلة الصبيان وعدد من المجلات التي تصدر منه. والكتب المدرسية، بالإضافة إلى تمركز عدد من المهتمين بكتاب الطفل في دار النشر. كنت من بينهم وأصدرت كتابي الأول باسم (النحلة الحزينة) في عام ١٩٨٣. رسمت عدد من الكتب لم تنشر بينها ثلاثة عن قصص إفريقية ضاعت عند الناشر إلا بعض اللوحات. نشر كتابي الثاني باسم (الدعاش) كلمة سودانية تعنى الرائحة التي تأتى قبل سقوط المطر.
* هل وجدت صعوبات كفنانة خاصة في مرحلة البدايات؟
الصعوبات ليست في البدايات بل هي موجودة دائما. أولها الظروف غير المؤاتية للعمل الفني بكل ضروبه من بينها التشكيل، ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية أضيفي لها النوع، نحن النساء نعانى من أجل توفير الوقت والجهد والمكان والزمان.أوضاعنا لا علاقة لها بالإبداع. بالإضافة لتقبل المجتمع الفن التشكيلي عموما وهو ليس من اهتماماته مسئولين وجمهور حتى المتعلمين إلا قلة.
* ماهو رأيك في الفن التشكيلي وهل يعاني من مشاكل في المنطقة العربية؟
– رغم عدم اطلاعي الكافي على ظروف التشكيليين العرب، لكن في ظل الأوضاع الراهنة يمكن قياسها حسب ظروف التشكيليين السودانيين التي تتقارب في كثير من الوجوه إلا في حالة من الاستثناءات في بعض الأحيان. اعتقد أن التخلف الثقافي والاجتماعي، ومشاكل الاقتصاد والثقافة والسياسة وعدم الاستقرار، وانعدام المؤسسات الثقافية والفنية والبنيات التحتية المصاحبة لها، من تعليم وتقدم فكرى وتعليم متطور واهتمام بالإبداع منذ الطفولة المبكرة. كلها أمور نفتقدها وتسود المنطقة ككل