شخصيا أثمّن الجهّد المبذول من قبل الباحثة التونسية في كتابها الموسوعي (الفتنة الثانية في عهد الخليفة يزيد بن معاوية) وهو من الكتب الضرورية ويستحق التمعن فيه والاستفادة منه كمرجع هام وملاحظتي هذه لا تقلل من جهدها العميق في حفريات المعرفة
(*)
تقول الباحتة التونسية الأستاذة بثينة بن حسين (أن الامويين كانوا مُتدينين وعملوا على تركيز ونشر الإسلام عن طريق الفتوحات/ 134)..
(*)
إذا كان الامويون متدينين فعلاً، فهذا يعني أنهم يطبقون العدالة الإسلامية مع المسلمين في الاقل ضمن المنطقة العربية، وإذا كانوا فعلا يطبقونها كيف بزغ الثائر (غيلان الدمشقي) في دمشق ذاتها أثناء خلافة عمر بن عبد العزيز وقام غيلان بإعادة ما نهبه ُالحكام الامويون في دمشق نفسها. وبعد أن تخلص البيت المرواني من الخليفة عمر بن عبد العزيز، قاموا بصلب غيلان الدمشقي ؟ لقد توالت الثورات ضد الخلافة الاموية وتمزقت خريطة الفتوح الكبرى
ثانيا : أي إسلام نشره الامويون، وهم الذين فضلوا أن تبقى البلدان المفتوحة على دينها، حتى تستفيد الدولة الأموية من الجزية التي يدفعها الذميون. ونستعين هنا بالمؤرخ البلاذري حين يخبرنا(أن الامويين مارسوا الشدة في تثبيت مركزهم في القفقاس فأغرقوا البلاد في بحار من الدماء وأحلّوا البؤس والشقاء في تلك الربوع. واستحوذوا على أخصب الاراضي وحوّلوها ملكا لهم، كما يذكر البلاذري / ص229)
ثالثا : يذكر أبو عبيدة القاسم بن سلام في كتابه (الأموال )فقد فتك الامويون بسكان إيران، وعاملوا الناس بازدراء واحتقار وازادوا كمية الضرائب وأخذوها ممن أعفوا عنها من دفعها بعد إسلامهم. ووضعوا أختام الرصاص في أعناق الموالي وأهل الذمة من الفلاحين، مكتوبا عليها أسماء محلاتهم لكي لا يهربوا من دفع الضرائب وأعادوا الضرائب القديمة كضرائب أعياد النوروز والمهرجان والضرائب على حرف والصناعات.. ويضيف المؤرخ البلاذري استحوذ الامويون على الاراضي وانتقل ملكية أخصب الاراضي إلى الاسرة الاموية الحاكمة/ ص329/ فتوح البلدان..
رابعا: مفهوم (أهل الذمة) عربي إسلامي يعني أبناء البلدان المحتلة المحتفظين بديانتهم في أمان مشرط بدفع الضرائب للخلافة الإسلامية وكذلك على الذميين توفير الخل والزيت وضيافة من يمر بهم من المسلمين لمدة ثلاثة أيام ويطعمونهم الخبز والثريد والتوابل والخضراوات المطبوخة والسمك واللحم وعلى الذميين العناية بالطرق والجسور والأسواق/ ص217/ الطبري /اختلاف الفقهاء/
خامساً : الذميون عاشوا أقرب للعبيد منهم للأحرار فهم عرضة للتحقير والأذلال والبينة على ذلك، ما يخبرنا به أبو يوسف في كتابه (الخراج) كتبَ الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى أحد عماله بخصوص أهل الذمة ( لا تدع صليبا ظاهراً إلا كسر ومحق، ولا يركبن يهودي أو نصراني على سراج ولا يلبس نصراني قباء ولا ثوب خز ولا عصبة/ ص127/ كتاب الخراج / ط3) ومن جانب آخر أثقلت الضرائب كاهل الذميين في خلافة عبد الملك بن مروان.
في كتابه (مقدمة في تاريخ صدر الإسلام) نقرأ الكلام التالي
(أحتقرَ الامويون بتأثير العصبية القبلية جميع الاقوام غير العربية وعدوهم في منزلة اجتماعية أدنى من العرب وأبعدوهم عن السياسة والقيادة وفرضوا عليهم من الضرائب أكثر مما فرضوه على العرب/ ص74- 85/ عبد العزيز الدوري)..
(*)
إذن كيف يكون الاموي متدينا والرسول الأعظم يعلن العقد الاجتماعي الأممي :(لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى) من خلال كتب التاريخ الاسلامي : لم نلمس أي سلوك إسلامي قويم استعمله الامويون مع البلدان التي استعمروها. وهل يعقل أن الدين الإسلامي تتقبله شعوبٌ تهان كرامتها وتنهب خيراتها باسم الإسلام!!
(*)
الامويون لم ينشروا الإسلام بل استعملوا الاسلام ذريعة ليستعمروا البلدان ويذلوا الشعوب وهكذا صاغ الامويون نسخة ً رديئة ً عن الدين الإسلامي الحنيف
بثينة بن حسين/ الفتنة الثانية في عهد الخليفة يزيد بن معاوية/ منشورات الجمل/ بغداد – بيروت/ ط1/ 2013