خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
ماتزال إدارة “جو بايدن”؛ تتمسك بالإستراتيجية السائدة في “الولايات المتحدة الأميركية”؛ منذ العام 1980م، وهي فرض العزلة على “إيران”.
ورغم انتقاد الإدارة الأميركية الحالية سياسة إدارة؛ “دونالد ترامب”، بشأن ضغوط الحد الأقصى، إلا أن النبرة والسياسات الأميركية الراهنة لم تختلف كثيرًا عن إستراتيجية الرئيس الأميركي السابق.
وعليه؛ تتبع إدارة “بايدن” نفس الإستراتيجية تجاه المنطقة بشكلٍ خاص، مثل اجتماع قادة “وارسو” للحديث عن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط؛ في شباط/فبراير 2019م، علمًا أن مبادرات “بايدن” الأمنية بين “إسرائيل” والدول العربية قد تُهييء مجال التوتر والمواجهات العسكرية المعلنة بالمنطقة؛ بحسب “هنریتا تیوانن”؛ خبير أول في شؤون الشرق الأوسط بمركز أبحاث (كوينسي)، في مقال نشرته مجلة (ریسپانسیبل استیت کرفت)؛ وأعادت صحيفة (راهبرد معاصر) الإيرانية نشره.
إستراتيجية عزلة “إيران”..
وسياسة فرض العزلة على “إيران” قد أضر بمصالح “إيران” المترتبة على الحد من التوتر بالمنطقة والتعاون الاقتصادي مع الأطراف الإقليمية، وتقود “إيران” بالنهاية باتجاه سياسات ترفضها كل الأطراف بالمنطقة.
كذلك قد تدفع هذه الإستراتيجية؛ “إيران”، إلى زيادة قدراتها الاقتصادية والعسكرية إلى الحد الأقصى؛ بحيث تضمن القدرة على المقاومة إزاء الضغوط الأجنبية، والتركيز على خلق علاقات مع الدول التي ترفض الانضمام إلى حملة الضغط الأميركية.
وتغيير هذه الإستراتيجية ينطوي على الكثير من الفرص، وهذا ما يٌلفت انتباه الكثير من دول المنطقة. وأهم دوافع دول المنطقة للحد من التوتر مع “إيران”، تلك الأحداث الناجمة عن فترة الاضطرابات الإقليمية؛ (2019 – 2020م).
خلل في الدبلوماسية الإقليمية..
والتطورات الجيوسياسية الأخيرة تُثبت أن السبب الرئيس في التوترات هو بالواقع تلك المشكلة التي تسببت بخلل في الدبلوماسية الإقليمية أي (سياسة العزلة). ومن البديهي أن تُدرك دول المنطقة حقيقة أن المسارات الراهنة للضغوط المتكررة ليست مستدامة.
على سبيل المثال، إن السرعة المتزايدة في اللقاءات المتبادلة بين “الإمارات” و”إيران”، وعودة السفراء المحتملة إنما ترتبط بتشخيص “أبوظبي” الصحيح لضرورة التعاون الدبلوماسي مع “إيران”.
وهذا التغير في رؤى شركاء “الولايات المتحدة” يخلق للمشرع الأميركي أجواء كافية لإعادة النظر في مواقفه وبخاصة فرضياته بشأن حتمية النزاعات والأزمات بالمنطقة.
الاتفاق النووي..
و”الاتفاق النووي” في الواقع نقطة منطقية للشروع للقضاء على مشكلة العلاقات الإيرانية الإقليمية والدولية المُثيرة للجدل، وإيجاد أطر الحد من التوتر في سائر الحوزات الإقليمية. وقد تحول هذا الاتفاق بالأساس إلى عملية اختبار لأي تقارب محتمل بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، لكن الديناميكيات المتطورة في المفاوضات تؤشر إلى ملاحظات أخرى أيضًا.
ورغم بعض الشكوك الأولية تجاه “الاتفاق النووي”، أبدت كل دول “مجلس التعاون الخليجي”؛ ومنها بين “السعودية” و”الإمارات” ميلًا إلى تقييد البرنامج النووي الإيراني بالتوازي مع رفع مستوى التعان الاقتصادي.
وتُدرك دول الخليج أهمية الحد من التوتر “الأميركي-الإيراني” في المنطقة، وما قد تحصل عليه من إنجازات سياسية وعسكرية واقتصادية محتملة نتيجة خفض “العقوبات الأميركية” على “إيران”.
وتدعم دول الخليج بشكلٍ متكامل إحياء “الاتفاق النووي”، كما أبدت في تشرين ثان/نوفمبر الماضي؛ ميلًا إلى مزيد من التعاون الاقتصادي مع “إيران” بعد إلغاء العقوبات. هذه الموسيقى الجديدة التي تنبعث من المنطقة هامة ويتعين على السياسات الأميركية تجاه المنطقة مراعاتها.
وفي حال فشل جهود إحياء “الاتفاق النووي”، فسوف تظل “إيران” تحت العقوبات الثانوية الأميركية، وسوف تفّعل “واشنطن” من جديد سياسة “ضغوط الحد الأقصى” ضد “طهران”. وهذا الأمر لن يُقيد فقط كل أشكال الحوار الدبلوماسي الإقليمي، وإنما سوف يؤثر سلبًا كذلك على التطوير المستمر للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بالمنطقة.
وقد أعرب المسؤولون الأميركيون في جلسات خاصة مع نظراءهم من دول الخليج والدول الأوروبية، عن توقعاتهم من دول الخليج وتحديدًا “عُمان وقطر والإمارات” الانضمام إلى سياسة “ضغوط الحد الأقصى” حال فشل جهود إنقاذ “الاتفاق النووي”.
بالتوازي مع ذلك سوف تتخذ “الولايات المتحدة” المزيد من الإجراءات التي تقوض إلى فرض عزلة على “إيران” عبر التحالفات الإقليمية. وهذه الإستراتيجية شديدة الخطورة ولا تحظى بدعم إقليمي حقيقي؛ حيث لا تفضل أي من دول الخليج الدخول في مواجهات عسكرية مع “إيران”. والتعاملات الدبلوماسية المستمرة مع “طهران” تعكس ميول هذه الدول للحيلولة دون عودة المنطقة إلى فوضى (2019 – 2020م).
وقد أعربت “السعودية والإمارات” بوضوح عن الرغبة في مزيد من التعاون مع “إيران” للقضاء على المشكلات العالقة بالوسائل الدبلوماسية.