20 أبريل، 2024 11:16 ص
Search
Close this search box.

واشنطن تسير في أرض ملغومة نحو “تايوان” .. تصميم “بايدن” وتهور “بيلوسي” اختبار صعب جدًا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

وصلت “نانسي بيلوسي”، رئيسة “مجلس النواب” الأميركي، “مطار سونغشان”؛ في “تايوان”، في 02 آب/أغسطس 2022، لتؤكد تضامن “الولايات المتحدة” مع “تايبيه”.

كما صرحت “بيلوسي”: “الكونغرس الأميركي بشقيه الديمقراطي والجمهوري؛ مُلتزم بأمن تايوان وحقها في الدفاع عن نفسها”، في رسالة تحدٍ مباشرة لـ”الصين”، وتراجع عن إلتزام “الولايات المتحدة” بسياسة: “الصين الواحدة”؛ بحسب ما استهل به مركز (المستقبل) للأبحاث والدراسات المتقدمة؛ تحليله.

تصعيد أميركي متعمد !

اتجهت “واشنطن” لتصعيد حدة التوتر مع “الصين”؛ حول “تايوان”، وهو ما يمكن تفصليه على النحو التالي:

01 – التراجع عن “الغموض الإستراتيجي”: كان موقف “الولايات المتحدة” الرسمي يقوم على مبدأ: “الغموض الإستراتيجي”، والذي كان يتمثل في عدم توضيح موقف “واشنطن” من دعم “تايوان” عسكريًا في مواجهة احتلال صيني محتمل، وهي سياسة أميركية مصممة لدرء غزو صيني، وثني “تايوان” عن إعلان الاستقلال رسميًا.

وبدأت إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، في التخلي عن هذه السياسة في السنوات الأخيرة، ومن مؤشرات ذلك إصدار “بايدن” ثلاثة تصريحات؛ خلال عام 2021، كان آخرها في تشرين أول/أكتوبر من هذا العام، إذ أكد خلال زيارته لـ”اليابان”؛ أن “واشنطن” لديها: “إلتزام” بالدفاع عن “تايوان”.

وتزامن ذلك مع وجود مناقشات في “الكونغرس” الأميركي حول ما إذا كان يجب على “الولايات المتحدة” أن تتبنى مبدأ جديدًا، وهو: “الوضوح الإستراتيجي”، أي التأكيد صراحة بأن الجيش الأميركي سيتدخل عسكريًا لدعم استقلال “تايوان” في مواجهة الاحتلال الصيني، وهو ما يُعد تحولاً كبيرًا، بالنظر إلى أن “الكونغرس” يلعب دورًا في صياغة السياسة الخارجية الأميركية.

02 – تحدي التحذيرات الصينية: أطلقت “الصين” تحذيرات شديدة اللهجة ضد زيارة “بيلوسي”؛ إلى “تايوان”، إذ حذر الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، نظيره الأميركي؛ “جو بايدن”، في 28 تموز/يوليو 2022، في مكالمة هاتفية؛ من أن هذه الخطوة حال إتمامها تُعد بمنزلة: “اللعب بالنار”. ولم تأبة “واشنطن” لتهديدات “بكين”، وهو ما أثار غضب “بكين”.

03 – توقع “واشنطن” السلوك الصيني: أعلن “جون كيربي”، المتحدث باسم “مجلس الأمن القومي” الأميركي، في 05 آب/أغسطس 2022، أن “واشنطن” توقعت رد الفعل الصيني على هذه الزيارة في إشارة للمناورات الصينية حول “تايوان”، كما أشار إلى أن هذه المناورات قد تؤدي إلى تصاعد احتمالية الحسابات الخاطئة.

ويُلاحظ أن “واشنطن” سعت من استفزاز “الصين” إلى ترهيب دول جنوب شرق آسيا من “الصين”، ومحاولة دعم سياستها الرامية إلى إقامة تحالفات عسكرية في جنوب شرق آسيا لتطويق “بكين”، سواء من خلال الـ (إكوس)، أو من خلال الـ (كواد).

كما أنها قد تستغل هذه الأزمة لدفع الشركات الغربية للخروج من الاقتصاد الصيني، والبحث عن دول أخرى بديلة.

وقد بدأ هذا التوجه بالفعل، فقد أكد استطلاع أجرته “غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي”؛ في “الصين”؛ في حزيران/يونيو، أن: 23% من الشركات الغربية تُفكر في نقل استثماراتها إلى خارج البلاد، بينما أفاد: 50% منهم أن الأنشطة الاستثمارية في “الصين” أصبحت أكثر تسييسًا؛ في عام 2021، مما كانت عليه في السنوات السابقة.

ولاشك أن التوتر “الصيني-الأميركي”؛ حول “تايوان”، سوف يُعزز من هذا التوجه.

رد صيني حازم..

جاء الرد الصيني؛ على زيارة “بيلوسي”، إلى “تايوان” حازمًا، إذ تم تبني عدد من السياسات، والتي يمكن تفصيلها على النحو التالي:

01 – تهديد حاملة الطائرات الأميركية: نشرت “البحرية الأميركية” حاملة الطائرات (رونالد ريغان) و03 مدمرات بأماكن قريبة من “تايوان”، وهو ما ردت عليه “بكين” عبر نشر صاروخ (باليستي) فرط صوتي من طراز (دي. إف-17) مضاد للسفن، الذي تتراوح سرعته بين: 05 و10 ماخ، وهو ما يجعل أنظمة الدفاع الجوي الأميركية غير قادرة على رؤيته، ناهيك عن اعتراضه.

وقامت بنشره في قواعد الجيش الصيني في مقاطعتي “فوغيان” و”تشجيانغ”؛ المقابلة لسواحل “تايوان”، وهو ما يُمثل تحذيرًا لحاملة الطائرات الأميركية من الإبحار في “مضيق تايوان”، أو التدخل لدعم “تايوان” عسكريًا.

ويُلاحظ أنه خلال الذكرى الـ 95 لتأسيس الجيش الصيني، في 01 آب/أغسطس 2022، أطلقت “بكين” عدة صواريخ من طراز (دي. إف-41) البالستي القادر على حمل رؤوس نووية في المياه المحيطة بشمال شرق “تايوان” وشمال غربها.

ويُلاحظ أن هذا الصاروخ لديه مدى يتراوح بين: 12 و15 ألف كيلومترًا، ويُمكنه حمل: 12 رأسًا حربيًا نوويًا، وعلى الرغم من توجيهه ناحية “تايوان”، فإن المقصود به هو تهديد “الولايات المتحدة”، وردعها عن التدخل لدعم “تايوان”.

02 – فرض حصار “مؤقت” على “تايوان”: أعلنت “الصين” عن مناورات عسكرية؛ (04 – 08 آب/أغسطس)، في سبع مناطق حول “تايوان”، وهو ما فرض عمليًا حصارًا جويًا وبحريًا على “تايوان”، إذ إن بعض المناورات تقع على بُعد عشرين كيلومترًا فقط من الساحل التايواني، كما أن بعض المناورات تجري عند طرق التجارة المزدحمة.

ويُلاحظ أن هناك بُعدين جديدين في هذه المناورات، وهي أنه لأول مرة تُطلق “الصين” صواريخ بعيدة المدى تُحلق فوق الجزيرة، والتي سقطت في المنطقة الاقتصادية الخالصة لـ”اليابان”، كما أن بعض المناورات الصينية وقعت داخل المياه الإقليمية لـ”تايوان”.

وصّعد الجيش الصيني ضد نظيره التايواني عبر تحميله عواقب التصعيد في حالة اصطدام القوات التايوانية بالجيش الصيني، وذلك على الرغم من اختراق المقاتلات الصينية للمجال الجوي التايواني.

ويُلاحظ أن الهدف من هذا الاستعراض العسكري هو نقل رسالة للحكومة التايوانية؛ عما سيكون عليه شكل الهجوم العسكري ضد الجزيرة، وأن “الولايات المتحدة” لن تكون قادرة على التدخل لحماية “تايوان”.

03 – فرض عقوبات اقتصادية ضد “تايوان”: فرضت “الصين” عقوبات تجارية ضد أكثر من: 100 شركة أغذية تايوانية.

كما أعلنت “بكين”، في 03 آب/أغسطس، تعليق تصدير الرمال الطبيعية إلى “تايوان”، وهو المُكّون الذي يدخل في صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات التي تُشكل أهمية كبيرة للاقتصاد التايواني.

وتستهلك “تايوان” حاليًا نحو: 90 مليون طن متري من الرمال الطبيعية في العام، ثُلثها كان من صادرات “الصين”.

04 – تعليق التعاون مع “واشنطن”: استدعت “وزارة الخارجية” الصينية السفير الأميركي في “بكين”، “نيكولاس بورنس”، في 02 آب/أغسطس 2022، لتسليمه رسالة احتجاج على زيارة “بيلوسي”؛ لـ”تايوان”، وأكدت “وزارة الخارجية” الصينية أن تصرف “بيلوسي” استفزاز مُتعمد ولعب بالنار، وانتهاك خطير لسيادة “الصين” وسلامة أراضيها، وتُقّوض السلام والاستقرار عبر “مضيق تايوان”.

كما أعلنت “الصين”، في 05 آب/أغسطس، فرض عقوبات غير محددة على رئيسة “مجلس النواب” الأميركي؛ “نانسي بيلوسي”، بسبب زيارتها “تايوان”. وعلقت “بكين” المحادثات مع “واشنطن” حول التغيّر المناخي، وألغت لقاء بين القادة العسكريين واجتماعين أمنيين، فضلاً عن تعليق التعاون مع “واشنطن” حول إعادة المهاجرين غير القانونيين إلى بلادهم، والتعاون على صعيد القضاء والجرائم العابرة للحدود الوطنية ومكافحة المخدرات.

05 – هجمات سيبرانية رمزية: تعرضت المواقع الإلكترونية لمكتب الرئاسة ووزارتي “الخارجية” و”الدفاع”، في 02 و04 آب/أغسطس، إلى هجوم سيبراني، تزامنًا مع زيارة “بيلوسي” إلى “تايوان”، كما تم اختراق محطات التلفاز في محطات القطارات التايوانية، وبث رسالة نصها: “داعية الحرب بيلوسي اخرجي من تايوان !”، وتم فصل حوالي: 60 ألف جهاز في “تايوان” عن الإنترنت.

وأعلنت جماعة (آي. بي. تي-27-APT 27)؛ مسؤوليتها عن الهجوم، وهي جماعة هاكرز متهمة بأنها مدعومة من الجيش الصيني.

ويُلاحظ أن هذه الهجمات كانت رمزية، إذ إنها لم تستهدف البنية التحتية الحيوية، مثل الكهرباء، أو غيرها، ولكن هدفت منها إلى تأكيد قدرة “الصين” على اختراق “تايوان”، وبث رسائل مباشرة إلى الشعب التايواني.

حدود تصعيد “واشنطن”..

يُلاحظ أن خيارات التصعيد الأميركية؛ ضد “الصين”، محدودة، نظرًا لأن فرص إقدام “واشنطن” على عملية عسكرية يُعد أمرًا غير مطروح على الطاولة، كما أن خيار العقوبات الاقتصادية ذو تكلفة مرتفعة، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي:

01 – محدودية الخيارات العسكرية الأميركية: يُلاحظ أن “الولايات المتحدة” لن تستطيع تقديم الدعم العسكري لـ”تايوان”، على غرار “أوكرانيا”، في حال أقدمت “بكين” على فرض حصار على “تايوان”، أو حتى غزوها عسكريًا، نظرًا لأنها جزيرة وتقع بالقرب من السواحل الصينية.

كما يُستبعد أن تقوم حاملة الطائرات الأميركية (رونالد ريغان) والسفن المُرافقة لها بالتدخل في سير العمليات العسكرية الصينية ضد “تايوان” في حالة اندلاعها، نظرًا لقدرة “بكين” على تدميرها باستخدام الصواريخ الفرط صوتية من طراز (دي. أف-17).

ولا شك أن الإجراءات الصينية تستهدف التأكيد على عجز “واشنطن” عن توفير مظلة أمنية ذات مصداقية لـ”تايوان”.

02 – تراجع سلاح “العقوبات الأميركية”: يُلاحظ أن “الولايات المتحدة” قد عانت؛ خلال الربعين الأول والثاني من عام 2022، ركودًا اقتصاديًا، إذ انكمش الناتج القومي الإجمالي للربعين الأول والثاني بحوالي: 1.6%، و0.9% على التوالي، وذلك بسبب التداعيات السلبية للعقوبات المفروضة على “روسيا”.

وبدأت الدول الأوروبية تتجه لتخفيف عقوباتها ضد “روسيا”، سواء في مجال الغذاء، أو الطاقة، لتلافي تدهور أوضاعها الاقتصادية، خاصة بعدما أقدمت “موسكو”؛ مؤخرًا، على تقليص واردات “الغاز الطبيعي” إلى “أوروبا”.

ويُلاحظ أن أغلب دول العالم؛ غير المشاركة في “العقوبات الغربية” ضد “روسيا”؛ قد تضررت اقتصاداتها.

ونظرًا لضخامة حجم الاقتصاد الصيني، وارتباطاته القوية باقتصادات أغلب دول العالم، بما فيها الدول الغربية، فإن أي محاولة لفرض عقوبات اقتصادية ضد “الصين” سوف يترتب عليها إنهيار الاقتصاد العالمي، وارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية.

ولا شك أن هذه العوامل سوف تدفع “واشنطن” إلى توخي الحذر قبل أن تندفع في توظيف سلاح العقوبات الاقتصادية ضد “بكين”، خاصة أن أغلب الشركات الغربية لاتزال تتخذ من “الصين” مقرًا لها.

ومن جهة أخرى؛ فإن “تايوان” تُهيمن على نحو: 60% من إجمالي تصنيع أشباه الموصلات عالميًا حتى العام 2022، وتُعد (تي. إس. إم. سي) أكبر شركة تصنيع رقائق إلكترونية في العالم؛ بقيمة سوقية تتجاوز: 600 مليار دولار، وتُسيطر على أكثر من: 50% من سوق أشباه الموصلات في العالم، وهو ما يعني أن الاقتصاد العالمي سوف يُصاب بشلل في حالة احتلال الجزيرة، نظرًا لأنها تدخل في صناعة الكثير من المنتجات التي تستخدم يوميًا، ومنها الكمبيوترات والهواتف الذكية والسيارات وجميع الأجهزة الإلكترونية الأخرى.

وفي التقدير؛ يمكن القول إن السيناريو الأمثل بالنسبة لـ”واشنطن” هو الحفاظ على التصعيد المنضبط مع “بكين”؛ حول “تايوان”، بحيث لا يتفاقم مستوى التوتر إلى مستوى الحرب بين “الصين” و”تايوان”، إذ إن هذا الخيار سوف يُحجم من الخيارات الأميركية، الاقتصادية والعسكرية، ضد “بكين”، ويُقّوض مصداقية مظلتها الأمنية في جنوب شرق آسيا.

ولكن على الجانب الآخر، فإن “واشنطن” سوف تستفيذ من التوتر مع “الصين”؛ حول “تايوان”، في نسج تحالفات عسكرية في جنوب شرق آسيا ضد “الصين”، فضلاً عن دفع الشركات الغربية إلى مغادرة السوق الصينية تدريجيًا لصالح أسواق أخرى، وهو ما يخدم المصالح الأميركية في إطار صراعها مع “الصين” و”روسيا”.

ومن المتوقع أن تلجأ “واشنطن” إلى محاولة دفع دول العالم المختلفة لتبني مواقف دبلوماسية داعمة للموقف الأميركي في مواجهة “الصين”، وهو ما يتضح من إعلان “كيربي”، في 05 آب/أغسطس، بأن العالم أجمع، وليس “الولايات المتحدة” وحدها، سوف يرفض محاولة “الصين” فرض واقع جديد حول “تايوان”، غير أنه من الملحوظ أن هناك صعوبة في تحقيق ذلك، إذ إنه عدا “الولايات المتحدة” والدول الأوروبية و”أستراليا” وحلفاء “واشنطن” الآسيويين، فإن الدول الأخرى سوف ترفض إدانة السلوك الصيني، خاصة أن أغلب الدول لا ترغب في الدخول في صراع مع “الصين”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب