القوى الكبرى في سباق تسلحي محموم تجاوز ما كنا نحسبه سلاحا فتاكا , فالعقل أمعن في إبداعات أدوات الشر , وتفوق في إبتكاراتها على كافة الأصعدة الأخرى.
فالدنيا تتحرك على سكة الحروب والدمارات المتعاقبة , وكأنها تلد ممكنات التطور والتقدم والإنهماك في تجديد واقع الحياة , والثمن يكون باهضا وداميا ومزدحما بالأشلاء , والخرابات الفائقة.
ولا تزال آثار الحرب العالمية الثانية تقدم شواهد مذهلة عما أصاب مدن العالم وشعوبها من الأضرار والمعاناة القاسية الفتاكة , لكنها تجاوزتها ونهضت في مسيرة إنطلاق جديدة , والأمثلة في ألمانيا واليايان ووارسو التي مُحقت عن بكرة أبيها.
ويبدو أن الدول القوية لتواصل نشاطاتها التصنيعية العسكرية وتسارعها , تسعى بين فترة وأخرى للتخلص مما تكدس في مخازنها من الأسلحة القديمة , ويكون السبيل المربح لذلك أن تشعل الحروب في المناطق المتأخرة من العالم فتبيعها لهم , ولهذا فالحروب متواصلة في أصقاع الدنيا المصابة بالكسل والتبعية والخنوع والإنهيار.
وتبدو الأسلحة النووية بالنسبة للدول المتأخرة وكأنها إنجاز هائل عظيم , والدول القوية المهيمنة على الأرض قطعت أشواطا بعيدة في تصنيع الأسلحة مستعملة آخر المكتشفات العلمية , ودخلت علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء المجهرية في مناهجها التدميرية.
وتجدها اليوم تتحدث عن الأسلحة الفائقة السرعة والإشعاعية , والصوتية والصاروخية العابرة للقارات , ومعظمها نقلت صراعاتها التدميرية إلى باقي الأجرام في مجموعتنا الشمسية التي سنفتك بها ذات حين.
إن العقل أخذ البشرية إلى متاهات فنائية لن تنجو منها الكرة الأرضية , ولربما سيدفعها للإنتقام من خلقها الذي أصابها بويلات وإنتكاسات تزعزع ثبات توازنها وإيقاع دورانها , مما سيعرضها إلى الإحتراق المبيد بأشعة الشمس القاسية.
فالدوران يحمي كيانها وكينونتها البيئية اللازمة للحفاظ على الحياة.
فهل سنرحم أمنا الأرض قبل أن تغضب علينا وتنتقم منا؟!!