تعد تركيا من دول الجوار التي تحقق استفادة اقتصادية كبيرة من العراق ، فهي الأكثر توريدا للمواد الغذائية والمنتجات الزراعية وغيرها التي تكلف مليارات الدولارات كل عام نظرا لقربها من الحدود ولتدني تكاليف إيصال بضائعها من حيث النقل وتسهيلات الكمارك والرسوم ، و تصل يوميا آلاف الشاحنات المحملة بالسلع المنتجة في تركيا او التي تمر من خلال حدودها لرغبة بعض التجار لنقل استيرادهم من الشمال بدلا من المنافذ الأخرى في الوسط والجنوب ، و تركيا من أكثر الدول استقطابا لمواطنينا للإقامة فالعراقيون في المقدمة بمجال شراء او إيجار العقارات في مدنها المختلفة ، والعوائل المقيمة في تركيا تحول شهريا مئات الملايين من الدولارات لسد نفقات السكن والمعيشة وما يترتب على الإقامة من متطلبات ، كما تنشط حركة السياحة في تركيا والتي يكون الدخول إليها من خلال سمات الدخول التي تديرها شركات تركية تستوفي مبلغا لا يقل عن 135 دولار لكل سائح بما يوصل إيراداتها لأكثر من مليون دولار يوميا ، وتعد تركيا المنفذ الثاني لتصدير نفط سومو عبر ميناء جيهان كما إن هذا الميناء او غيره يستخدم لتصدير نفط كردستان لان الاقليم لا يملك منفذا بحريا داخل حدوده وتركيا هي منفذها الكبير ، وتحقق تركيا منفعة اقتصادية كبيرة من العراق في مجالات أخرى يصعب حصرها في هذه السطور ومنها تشغيل خطوطها الجوية عبر مطاراتنا في بغداد والمحافظات وقيام الشركات التركية بتنفيذ عقود عمل ومقاولات لصالح الحكومة والقطاع الخاص في مختلف المجالات .
ويمكن اعتبار ما تجنيه تركيا من أموال العراق بلسما يداوي جزءا من جروح اقتصادها الذي يعاني الكثير من المشكلات أبرزها اختلال ميزان المدفوعات مما جعلها تعيش تضخم أوصل سعر الصرف 18 ليرة تركية لكل دولار ، ورغم كل ذلك فان الجارة لا تصون ( خبزتها ) بالشكل الصحيح فهي تحتكر الحصص المائية للعراق المستحقة بموجب المواثيق الدولية وتتحكم بالاطلاقات المائية بحجة إملاء السدود كما تعرض المقيمين العراقيين لمضايقات في مجال منح الفيزا والإقامة ، وقد أصدرت قبل أيام تعليمات حظرت فيها إقامة العراقيين في عشرات المواقع السكنية تحت مسوغ رفع الاكتظاظ بعدد المقيمين ، وفي المجال العسكري فان انتهاكاتها لم تتوقف اتجاه العراق من خلال التوغل الكيفي المستند لاتفاقية منتهية المفعول او القصف الذي يطال المدنيين بحجة مطاردة حزب العمال ، وحسب تصريح مصدر عراقي فان البلد يشهد آلاف الانتهاكات وبعضها وصل لإقامة معسكرات ومقرات للجيش التركي في مناطق تقع ضمن حدود العراق ، وحاليا توجه الاتهامات إليها بخصوص الأعمال الشنيعة التي طالت المناطق السياحية في زاخو التي خلفت شهداء وجرحى من أبناء شعبنا الكريم وهي اتهامات لا تزال قيد التحقيق لإثبات الحقيقة بالتأكيد ، وربما لا يدرك من يعنيه الأمر إن المساس بمصالح بلدنا هو لعب بالنار كونه يهدد مصالحها الاقتصادية مع العراق ، فبلدنا قادر على تعويض اغلب فعالياته معها من خلال ولوج مصادر بديلة للاستيراد من دول الجوار او دول آسيا ، كما إن لديه الاستعداد لإيقاف الأعمال وتحويل مسارات السياحة وتقويض التحويلات المالية بما يجعلها بموقف مالي غاية في الإحراج ، ونرجوا ممن يعولون على الحرب وقطع الماء تصحيح الأمور وتحاشي الأخطاء لإبقاء العلاقة الاقتصادية سارية وعلى ما يرام بما يحفظ العلاقة المتبادلة بتفاهم واحترام .