21 يوليو، 2025 11:47 م

أوروبا في الجحيم .. ارتفاعات الحرارة وحرائق الغابات وجفاف الأنهار يضعها في حالة طواريء قصوى !

أوروبا في الجحيم .. ارتفاعات الحرارة وحرائق الغابات وجفاف الأنهار يضعها في حالة طواريء قصوى !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تُعاني عدة دول فى نصف الكرة الشمالي من موجة حر قاسية ناجمة من التغير المناخي، منها قارة “أوروبا” ومنطقة “حوض البحر المتوسط” و”كندا”.

وتواجه قارة “أوروبا” أسوأ موجة حر تتعرض لها دول “حوض البحر المتوسط”، بسبب المنخفض الموسمي القادم من شبه القارة الهندية مما أدى لوصول درجات الحرارة لمستويات قياسية نجُم عنها حرائق غابات مدمرة امتدت لـ”البرتغال وإسبانيا وإيطاليا واليونان”، مع إجلاء الآلاف من منازلهم.

وتضرب “بريطانيا” الآن ذروة موجة الحر مع مطالبات بتعطيل الدراسة.

إعلان حالة الاستنفار القصوى في “لندن”..

وأعلنت الحكومة البريطانية حالة الاستنفار القصوى لأول مرة لمواجهة الحرائق، ووصول درجات الحرارة إلى: 40.2 درجة، بعد إعلان “الإنذار الأحمر”؛ وهو أعلى درجة تحذير ضد حالات الطقس، وهو ما يكسر الرقم القياسي البالغ: 38.7، الذى وصلت إليه البلاد؛ في عام 2019.

ووصف عمدة مدينة لندن؛ “صديق خان”، الوضع الناجم عن الحرائق، وعدم استخدام وسائل النقل العام إلا في حالة الضرورة القصوى، وأعلنت بعض المدارس أنها ستبقى مغلقة في جنوب “إنكلترا” خلال موجة الحر، لافتًا إلى أن عناصر الإطفاء يعملون تحت ضغط كبير.

تجاوز الـ 47 درجة في “البرتغال وإسبانيا”..

وبدورها تتعرض “البرتغال” بأكملها لخطر الحرائق، فمنذ الثلاثاء الماضي، ارتفعت درجات الحرارة إلى: 47 درجة مئوية في “البرتغال”؛ وتخطت: الـ 40 درجة فى “إسبانيا”، ما جعل الريف جافًا وساعد في تأجيج الحرائق، وتُوفي أكثر من: 300 شخص بسبب الحرارة في الدولتين.

وقد دمرت الحرائق: 75 ألف فدان من الأراضي هذا العام، وهي المساحة الأكبر منذ عام 2017، عندما عانت “البرتغال” من حرائق مدمرة تسببت في وفاة حوالي: 100 شخص.

إعلان “إيطاليا” الطواريء بسبب موجة الجفاف..

كما أعلنت “إيطاليا” حالة الطواريء في خمس مناطق في شمال البلاد؛ وأقرّت تمويلاً عاجلاً لمواجهة تداعيات موجة الجفاف التي اجتاحت “وادي بو”؛ في الأسابيع الأخيرة، ولا تنفكّ تزداد سوءًا.

وقالت الحكومة في بيان إنّها أقرّت حالة الطواريء في خمس مناطق هي: “إميلي-رومانيا”، و”فرويلي-فينيسيا جوليان”، و”لومبارديا”، و”بيدمونت”، و”فينيتو”، وذلك حتى 31 كانون أول/ديسمبر.

وأضافت أنّها قرّرت أيضًا تخصيص مبلغ قدره: 36,5 مليون يورو؛ (39,5 مليون دولار)، لمساعدة المتضررين.

وتواجه “إيطاليا” موجة حرّ مبكرة غير عادية ونقصًا في هطول الأمطار، لا سيّما في “وادي بو” الزراعي في شمال البلاد؛ والذي تعرّض لأسوأ موجة جفاف منذ 70 عامًا.

وتوفر حالة الطواريء: “صلاحيات استثنائية” للمساعدة في ضمان السلامة العامة والتعويض عن الخسائر مع السعي إلى ضمان ظروف معيشية طبيعية لمن هم في المنطقة.

وبحسب نقابة “كولديريتي” الزراعية الأكبر في البلاد؛ فإنّ الجفاف يُهدّد أكثر من: 30 بالمئة من الإنتاج الزراعي الوطني، ونحو نصف إنتاج مزارع “وادي بو” للمواشي.

كما تضرّرت بحيرتا “ماغيوري” و”غاردا”، بسبب انخفاض منسوب المياه عن المعتاد في هذا الوقت من العام، بينما انخفض أيضًا منسوب “نهر التيبر” جنوبًا؛ والذي يمرّ عبر “روما”.

ارتفاع حاد لدرجات الحرارة في “فرنسا”..

وفي “فرنسا”، حذّرت “المؤسسة العامة للأرصاد الجوية”؛ من أنّ: “الحرارة تتزايد بينما تنتشر موجة الحر فى مختلف أنحاء البلاد”.

ووصلت درجات الحرارة؛ يوم الإثنين، إلى أربعين درجة في “بريتاني ونورماندي باس وأكيتان وغرب أوكسيتاني”.

ويُكافح رجال الإطفاء في مقاطعة “غيروند”، الحرائق حيث اشتعلت النيران فيما يقرب من: 25 ألف فدان من الغابات منذ الثلاثاء الماضي، ووفقًا للسلطات فإنه لكبح الحرائق، تم نشر أكثر من ألف رجل إطفاء وأجبرت: 12 ألف شخص على الإجلاء كإجراء احترازي،  تصل درجة حرارة المنطقة نهاية هذا الأسبوع إلى: 40 درجة.

ويتم تحذير المتسلقين في “جبال الآلب” على تأجيل رحلاتهم إلى “مونت بلانك”؛ بسبب خطر سقوط الصخور بسبب: “الظروف المناخية الاستثنائية”.

100 حريق في “اليونان”..

و”اليونان”؛ هي إحدى الدول الأكثر تضررًا من الحرائق كل صيف، حيث اندلع حريق بـ”جزيرة كريت”، مهد الحضارة اليونانية، وذات قيمة أثرية كبيرة، ليتم السيطرة عليه.

ونتيجة اندلاع الحرائق تم إخلاء سبع بلدات ريفية، وقال رئيس بلدية مدينة أغيوس فاسيليوس؛ “يوانيس تاتاراكيس”: خلال هذا الأسبوع فقط، واجهت خدمات مكافحة الحرائق اليونانية: 100 حريق في جنوب البلاد.

تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في “المغرب وكندا”..

وفي أماكن أخرى من العالم، تسبّبت درجات الحرارة الشديدة في حرائق الغابات؛ خصوصًا في شمال “المغرب”، حيث قضي شخص ودمّرت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

وتضرّر غرب “كندا” أيضًا بفعل حريق مُدمّر اشتعل؛ منذ الخميس، في منطقة “ليتون” في شمال “فانكوفر”، والتي كانت قد دمّرت العام الماضي بفعل موجة حر تاريخية وحرائق مدمّرة.

وهذه موجة الحر الثانية التي تشهدها “أوروبا” في أقل من شهر، وأصبحت موجات الحر أكثر تواترًا وشدة لفترة طويلة بسبب تغير المناخ، إذ ارتفعت درجة حرارة العالم بالفعل بنحو: 1.1 درجة مئوية منذ بدء العصر الصناعي.

نصف أراضي “الاتحاد الأوروبي” عُرضة للجفاف..

وحذرت “المفوضية الأوروبية”؛ الإثنين، من أن نصف أراضي دول “الاتحاد الأوروبي” هي عرضة للجفاف، وما يُصاحب ذلك من تداعيات وظواهر كارثية تطال الأمن الغذائي والمائي والإخلال تاليًا بتوازن النظام البيئي الطبيعي.

انتحار جماعي يواجه الإنسانية..

فيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة؛ “أنطونيو غوتيريش”، الإثنين، من أن الحرائق المستعرة في “أوروبا” وغيرها من قارات العالم، إضافة لموجات الحر الخانقة، تُشير إلى أن الإنسانية تواجه: “انتحارًا جماعيًا”.

وقال “غوتيريش”؛ الذي تحدث أمام وزراء من: 40 دولة؛ خلال اجتماع حول الأزمة المناخية والاحتباس الحراري في “ألمانيا”: “نصف الإنسانية في منطقة الخطر، من الفيضانات، التصحر، العواصف المتطرفة والحرائق”.

وأضاف: “لن تكون هناك دولة بمنأى عن الكارثة، ومع ذلك نتابع إشباع إدماننا على الوقود الأحفوري، لدينا الخيار، إما التحرك الجماعي أو الانتحار الجماعي. الأمر بيدنا”.

ووفقًا لخبراء المناخ: “ستواصل درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تقم الحكومات؛ في جميع أنحاء العالم، بإجراء تخفيضات حادة في إنبعاثات الكربون، ودعت الأمم المتحدة إلى: (التحرك الآن)؛ لمواجهة الجفاف والتصحر من أجل تجنب وقوع (كوارث بشرية)”.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر؛ “إبراهيم ثياو” – خلال مؤتمر في “مدريد” بمناسبة “اليوم العالمي للجفاف”: “حان وقت العمل: كإجراء مهم، من عواقب هذه التقلبات المتطرفة، حرائق وصولاً إلى سيبيريا وذوبان الجليد البحرى في القطب الشمالي والجفاف ودرجات حرارة قياسية في جميع القارات وأعاصير وظواهر مناخية أخرى شديدة”.

إحدى الحلقات المأسوية لسلاسل التغير المناخي..

وتعليقًا على خطورة ما يحدث بفعل تداعيات ظواهر التغير المناخي من احتباس حراري وجفاف وشُح أمطار وحرائق، يقول الخبير المناخي؛ “أيمن قدوري”، في لقاء مع (سكاي نيوز عربية): “إحدى الحلقات المأساوية لسلاسل التغير المناخي، تتمثل بظاهرتي الاحتراز وتاليًا اندلاع الحرائق المنتشرة في مختلف أنواع الغابات، حيث تتزايد معدلات حدوثها المتكرر كلما اقتربنا من منتصف القرن الحالي أي في عام 2050، وهو التاريخ الذي وضعته الأمم المتحدة من خلال التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة وقاعدة بيانات الموارد العالمية، الذي نُشر قبل اجتماع ممثلي: 193 دولة في نيروبي، ضمن الجلسة الثانية للدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، نتائج التقرير كارثية وتتنبأ بأحداث مأساوية قد تشهدها كل قارات العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وبارتفاع نسبة حدوث الحرائق إلى: 30% بحلول عام 2050، ثم لترتفع إلى: 50% بنهاية القرن الجاري”.

جزء يتعلق بالطبيعة وآخر من فعل الإنسان !

ويتحدث الخبير المناخي والبيئي في شرح خطورة الموقف: أسباب حرائق الغابات بشكلٍ عام؛ وبغض النظر عن خصوصية بعض هذه الحرائق، تُقسم لقسمين: طبيعية تتمثل بضربات الرعد التي تُطلق الشرارة الأولى، إلى جانب الشرارات الناتجة من احتكاك الأحجار والصخور ببعضها أثناء تدحرجها، الثورات البركانية وبشكل واسع تتكفل أشعة الشمس ودرجات الحرارة المتزايدة؛ خصوصًا في المناطق الجافة؛ بإطلاق الشرارة الأولى لحرائق حطام الغابات، والمقصود بحطام الغابات هنا ما جف من النباتات وتحول لحطب ومادة أولية سريعة الإشتعال.

وليكون النشاط البشري بطل القسم الثاني، كما يوضح “قدوري”، متابعا: حيث أنه من أبرز مسببات حرائق الغابات بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كالحريق المتعمد، السجائر التي تُرمى في الطبيعة، والنار المهملة بدون رقابة، والشرارة الناتجة عن سلك كهربائي مقطوع، وقطع مساحات شاسعة من الأشجار، وهكذا دواليك من ممارسات يقترفها البشر وتتسبب بكوارث طبيعية خطيرة كحرائق الأحراش والغابات.

كميات هائلة من “ثاني أوكسيد الكربون”..

ويرى “قدوري” أن الأضرار الناجمة عن هذه الحرائق على البيئة، بالقول: “لا يمكن حصرها وعدها، لكن أبرزها وما يُفاقم أزمة التغير المناخي، هو إطلاق كميات هائلة من غاز الاحتراز العالمي؛ (ثنائي أوكسيد الكربون)، إلى الغلاف الجوي بصورة حرة وتحرير الكميات المحبوسة في الترب الرطبة؛ خصوصًا في الغابات المطيرة نتيجة تجفيف هذه الترب بفعل الحرائق، الأمر الذي ينشط ويمد دورة غاز (CO2) في الغلاف الجوي بنسب عالية”.

بالنتيجة، يُضيف “قدوري”، وهو أيضًا عضو “اللجنة العالمية للمناطق المحمية”: “أزمة تولد وتفاقم أزمة أخطر، لتكون المحصلة وبالتوازي مع نتائج تقرير الأمم المتحدة، انتشار حرائق الغابات بصورة مخيفة في كل قارات العالم؛ خصوصًا القارة الأوروبية، بعد إعلان المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حدوث ارتفاع مرتقب في معدلات تزايد درجات الحرارة بمقدار: 1.5 درجة خلال السنوات العشر القادمة، وبنسبة: 24% كأعلى معدلات الحرارة خلال الأعوام الخمسة القادمة”.

ويختم المتحدث: “إيقاف حدوث هذه الظواهر الناجمة عن تغيرات المناخ كالحرائق غير ممكن إطلاقًا، لكن تقليل مخاطرها وخفض معدلات حدوثها عملية ممكنة من خلال إدارة مخاطر مسببات الحرائق مثلاً؛ وتوجيه الجهود الدولية باتجاه الإدارة المستدامة للغابات من خلال إزالة المسببات الطبيعية لهذه الكوارث أو الحد من تأثيرها، وتوعية وإرشاد الناس بأهمية المحافظة على استدامة المناطق الخضراء التي تُمثل رئة الأرض وأمل الأجيال القادمة ببيئة صالحة للحياة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة