يقول النابغة الجعدي:
تذكرت والذكرى تهيج لذي الهوى
ومن حاجة المحزون أن يتذكرا
فلنتذكر معا المادة (50) من الدستور العراقي، والتي جاء في نصها:
يؤدي عضو مجلس النواب اليمين الدستورية أمام المجلس، قبل أن يباشر عمله، بالصيغة الآتية:
“اقسم بالله العظيم ان اؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وان احافظ على استقلال العراق وسيادته وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثروته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وان اعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد والله على ما اقول شهيد”.
لقد أشهَد النائب في قسمه الله سبحانه وتعالى في نهاية اليمين (والله على ما أقول شهيد) ومن المؤكد أن قَسَما كهذا (يكسر الظهر) لابد أن تتبعه التزامات وقيود، تحتم على مؤديه عدم الإخلال بها والحذر من نكث ماتعهد به، كذلك يتوجب عليه الوفاء بما وعد به من قبل الى من وضعه موضع الثقة، وسلمه (الجمل بما حمل)، وولاه أمره في كل أمور حياته.
ووفقا لهذا القسم، فإن مخيلة المواطن تذهب به حتما، إلى أن النائب قد اشترط على نفسه شروطا لعل أهمها:
الولاء للعراق، الحيادية في اتخاذ القرارات، الشفافية في التعامل مع القراءات ومشاريع القوانين، الوقوف على مسافة واحدة من إقرارها والبت فيها، الحرص على مصلحة البلاد ثم مصلحة البلاد ثم مصلحة البلاد ولاشيء غير مصلحة البلاد.
وكل العراقيين مروا بالعمليات الانتخابية أكثر من مرة، لكن، كانت كل واحدة منها أكثر مرارة من الثانية، وصار قسَم النواب نسيا منسيا، وحلت محله المصالح الشخصية والفئوية، الأمر الذي جعل العراقيين اليوم يجنون مازرعوا في صناديق الاقتراع -بل الافتراء- ويجبرون على هضمه بنكهة مشوبة بالخذلان وخيبة الظن، فيما كانوا يأملون الخير فيه، بما يشبه الـ (گشاية) التي مافتئ العراقي الغريق يبحث عنها، ليتمسك بها بعد أن نأت به شطآنه، وبات عسيرا عليه الوصول الى بر الأمان، وهو يدعو الله أن تصادفه من القشات الكثير، لعلها تنتشله من البحر متلاطم الأمواج الذي قذفه فيه المجلس بدوراته الانتخابية الماضية. ومن يدري؟ فقد تكون الشدائد والعقبات قد أمر الله بتذليلها من طريق العراقيين، فيقذف بالرحمة في قلوب ممثليهم بأعلى سلطة للشعب المتمثلة ببرلمانهم، لاسيما والعراقيون اليوم يتطلعون الى من يُحدث طفرة، ونقلة نوعية فيما يناقش تحت قبة المجلس من قوانين ومشاريع قوانين، بشكل يأتي بجدوى يلمسها المواطن ويتحسسها واقعا حيا معاشا، وليس وعودا او أكاذيب كما عوده نواب المجلس -ورئيسه طبعا- لم يكن مبتدؤها محمودا كما لا تحمد عقباها كذلك.
وبعودة الى القَسَم الذي أداه النواب، أرى أن يضع كل عضو ونائب نسخة من هذا القسم في جيبه، ليحفظوه عن ظهر قلب، ذلك أن الشيطان شاطر، والإنسان (مو راحة) -ولاسيما نوابنا-. كما أتمنى أن يضع النواب -ورئيسهم على وجه الخصوص- نسخة من أبيات الشعر الآتية، يقرأونها بين الفينة والأخرى “لعلهم يتفكرون”. تقول الأبيات:
ياصاحب القبر المنقش سطحه
ولعلـه من تحتــه مغلـول
لا يغرنــك زخرفـه ونقوشـه
وعليه من حلق العذاب كبول
فـاذا وليـت أمـر قـوم ليلــة
فاعلم بأنـك عنهم مسـؤول
واذا حملـت الى القبـور جنازة
فاعلم بأنـك بعدها محمـول