18 ديسمبر، 2024 11:29 م

الجهاد بين الأرهاب وبين القتل المشرعن

الجهاد بين الأرهاب وبين القتل المشرعن

مقدمة : أحتل موضوع الجهاد مكانة كبيرة في المعتقد الأسلامي ، وتهافت الفقهاء والمفسرون والمحدثون وشيوخ الأسلام في تناوله ، وفي موضوع المقال ، سأقدم بعض الأضاءأت حول الجهاد دون أسهاب ، ومن ثم سأسرد قراءتي الخاصة له .
الموضوع : 1 . ما يهمني في عنوان المقال هو التفسير الشرعي للجهاد ، لأنه هو محور الموضوع ، فقد جاء في موقع / طريق الأسلام ، بصدده التالي ( الجهاد في الشرع – يدور المعنى الشرعي عند أغلب الفقهاء : على قتال المسلمين للكفار ، بعد دعوتهم إلى الإسلام ، أو الجزية ؛ فيَمتنعون ، وكذلك دفع الكفار عن حُرمات المسلمين وبلادهم ، كلّ ذلك إعلاءً لكلمة الله). وحول أنواع الجهاد ، فقد ذكر ابن القيم في الزاد وابن حجر في الفتح ، التالي ( فذكروا أنه يطلق على مجاهدة النفس والشيطان والفساق والكفار .. / نقل من موقع أسلام ويب ) . والأهم في أنواع الجهاد – لأنه محور المقال ، هو قتال المسلمين للكفار ، وقتال الكفار يكون على وجهين: ( الأول – قتال طلب ؛ وهو أن يبدأهم المسلمون بالقتال لإحدى الغايتين : الإسلام أو الجزية . وهذا واجبٌ على دولة المسلمين في بعث الجيوش لنشر الإسلام ، وفرض سلطانه على بلاد الكافرين . والثاني – قتال دفع ؛ وذلك إذا غزى الكفار بلاد المسلمين وجب على المسلمين جهادهم دفعًا لشرهم ، وكفًا لعدوانهم ، وحمايةً لديار الإسلام . / نقل من موقع الشيخ عبد الرحمن البراك ) . وهناك تقسيمات أخرى للجهاد يمكن للقارى أن يطلع عليها عن طريق مراجعته للمصادر ذات العلاقة . 2 . ولو رجعنا للأحاديث النبوية ، لرأينا أن جهاد مقاتلة الكفار قد تحدث عنها رسول الأسلام ، وأنقل من موقع / أشرف شعبان أبو أحمد ، التالي بأختصار ( ” فسر رسول الله فيما رواه عنه الإمام أحمد في مسنده عن عمرو بن عبسة .. قال : وما الجهاد ؟ قال : أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم ” . وبمثل هذا التفسير للجهاد ، الوارد عن الرسول ، فسر علماء الإسلام الجهاد ، فقال ابن حجر : بذل الجهد في قتال الكفار . وقال القسطلاني : قتال الكفار لنصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله .. ) . 3 . وهناك ذكر وتكرار على الجهاد في القرآن ، حيث جاء في موقع / محتويات ، التالي ( وردت كلمة الجهاد في القرآن الكريم واحدًا وأربعين مرة ، ولم تكن لفظة الجهاد واحدة في كل تلك المواضع ، فمنها ما كان فعلًا ومنها ما كان اسمًا ومنها ما كان فيه تحريض على القتال ، ومنها ما كان يحض على جهاد النفس .. ) ، ومن آيات الجهاد ، سورة التوبة 41 – 44 { انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ * لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ } . أذن الجهاد ركن مهم في المفهوم العقدي للأسلام .
القراءة : أولا – لابد لنا أن نذكر أن العقيدة الأسلامية تخطت في نهجها مرحلة أركان الأسلام ( بُني الإسلام على خمسة أركان ، كما أخبر بذلك سيدنا محمد من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب قال : سمعتُ رسول الله يقول : « بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان » [أخرجه البخاري برقم (8) ، ومسلم برقم : 19 – (16) ] / نقل من موقع الفاروق ) وعبرت العقيدة الى مرحلة أخرى وهي ” الجهاد ” ، حيث ركز شيوخ الأسلام ، على قتال غير المسلمين ، طمعا في السبي والغنائم ، وقد جاء في موقع / أبن باز ( فإن الجهاد في سبيل الله من أفضل القربات ، ومن أعظم الطاعات ، بل هو أفضل ما تقرب به المتقربون وتنافس فيه المتنافسون بعد الفرائض ، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من نصر المؤمنين وإعلاء كلمة الدين ، وقمع الكافرين والمنافقين وتسهيل انتشار الدعوة الإسلامية بين العالمين .. ) ، وهنا نلاحظ التركيز على قتال الكفار ، وغياب التشديد على أركان الأسلام . ثانيا – وفي النص القرآني أيضا نشهد نوعا من التقاطع ، ففي آية ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ / 73 سورة التوبة ) ، هناك أمر ألهي على جهاد الكفار والمنافقين مع القسوة عليهم ! ، ولكن في نص أخر ( فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا / 52 سورة الفرقان )هناك تفسير مختلف للجهاد لأبن كثير : على لسان أبن عباس / حبر الأمة ، حيث يقول ” وجاهدهم به أي القرآن ” ، أي بالأقناع عن طريق الطرح القرآني . ثالثا – وهناك تفاسير أخرى للجهاد ، ذات توجه حداثوي لا تمت بصلة مع كل ما سبق ذكره ، فيقول جمال البنا 1920 – 2013 / الشقيق الأصغر لحسن البنا ، والمختلف مع شقيقه حسن في الفكر والنهج : القاهرة (رويترز) .. ( يرفض الكاتب المصري جمال البنا أن يكون الجهاد بابا لنشر العقيدة الاسلامية ويري في ذلك مساسا بحرية الاخرين في الاعتقاد . ويشدد على أن الجهاد الاسلامي المطلوب في هذه المرحلة لا يعني الغزو بل مناهضة التخلف والسعي للارتقاء بأساليب الحياة في العالم الاسلامي وهذا يعني تغيير مفهوم الجهاد الى انتزاع حق الحياة بكرامة وليس الموت في المعارك . ) . رابعا – الأرهاب الأسلامي ، بني على ما سبق من نصوص وأحاديث وفتاوى ، فمن الشيخ أبن تيمية / القائل بأن تفسير القرآن بمجرد الرأي حرام ، الى محمد بن عبدالوهاب / مذهب الوهابية ، الى أبو العلا المودودي – الهندي / القائل :لابد من وجود جماعة صادقة في دعوتها إلى الله ، جماعة تقطع كل صلاتها بكل شيء سوى الله وطريقه ، الى حسن البنا / مؤسس جماعة الأخوان المسلمين ، الى سيد قطب / القائل بأن الحاكمية لله ، الى الشيخ عبدالله عزام / الأب الروحي للجهاد الأفغاني ، الى أبن لادن / القاعدة ، الى أبو بكر البغدادي / داعش .. ، كل هولاء أستمدوا أفكارهم الجهادية – المشرعنة للأرهاب الأسلامي لمنظماتهم ، من تراث موبوء بالفكر الجهادي ، معززا بنصوص قرآنية وأحاديث نبوية وفتاوى .
الخاتمة : تساؤلات كثيرة في ختام المقال ، أولا – أن كل ما يجري في العالم / عربيا ودوليا ، من أرهاب أسلامي ، كان مصدره تراثا معبأ بنصوص جهادية ، المحور المهم في هذه النقطة ، هو أن كل ما ينفذ من عمليات أرهابية ، مشرعن وفق المعتقد الأسلامي ، وأن الجهاديين مؤمنين بأن ما يقومون به تأمر به العقيدة ويوصي به الدين { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المتقين / 123 سورة التوبة } . ثانيا – وفق النصوص والأحاديث ، أن الله يوجب مقاتلة الكفار / المسيحيين واليهود .. ، والمنافقين ، وهنا نتساءل ، لم الله يأمر مقاتلة ما سبق ذكره ، وهم عباده ! . ثالثا – وفق انواع الجهاد ممكن القبول جدلا بجهاد الدفع ، لأنه دفاع عن النفس ، ولكن جهاد الطلب ، هو ليس جهادا ، لأنه ذا غايات توسعية ومادية ومالية ، وأنه غير حضاري ، لأنه أعتداء على الأخرين ، مساوين لك بالأنسانية ، مختلفين معك بالمعتقد . رابعا – أما قضية نشر الأسلام عن طريق الجهاد ، فأنا أسال : هل يوجد أي نص ألهي أنساني ” يخير الفرد بين معتقد معين / الأسلام ، أو القتل أو الجزية ! ” .. واختم مقالي بنص قرآني ، الذي يجيب على كل ما ورد من تساؤلات : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ / سورة التوبة 29 ) . أما جملتي الأخيرة : ( أن جهاد المنظمات الأرهابية ، هو ليس جهادا قد أمر به الله ، لأن الله لا يأمر بقتل عباده ، بل هو جهاد أمر به محمد بن عبدالله ! ).