18 ديسمبر، 2024 10:09 م

الحقيقة والكذب من وراء زيارة بايدن للمنطقة

الحقيقة والكذب من وراء زيارة بايدن للمنطقة

زيارة بايدن الى السعودية قادماً من اسرائيل ولقائه مع قادة تسع دول عربية منها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والاردن وربما العراق لتصحيح مسار ازمة الثقة بعد انحسار مصداقية امريكا عندما تيقنت دول المنطقة من الكذب الامريكي طيلة العقود الماضية لانه لم يعد خافياً ما تنثره امريكا من وعود بحماية حلفائها وهي تتعاون مع ايران من تحت الطاولة، بينما الحقيقة الاساسية من وراء هذة الزيارة هي مساومة السعودية والامارات لتغيير بوصلة تصدير النفط والغاز السعودي الاماراتي ليكون بديل عن النفط والغاز الروسي مقابل ضمان أمن الخليج .. لذلك بايدن سوف يأتي صاغراً بعدما اخذته الغطرسة والغرور بما روج في السابق من انه لن يقابل ولي العهد السعودي عندما اصبحت السعودية شيء ثانوي في المسار الامريكي الجديد بعد الترويج لانسحاب امريكا من المنطقة، ولكن ما الذي تغيير لولا ورطة حرب اوكرانيا وارتفاع اسعار الطاقة التي أعادت اهمية دول المنطقة الى الواجهة بل اصبحت من اولويات الأمن الاستراتيجي الأميركي مما جعلت الرئيس الامريكي يأتي مرغماً للتوسل بحلفاء امريكا المهمشين .. بمعني ان بايدن لم يأتي لفك ازمة الحلفاء مع ايران وانما يريد فك ازمته مع روسيا بعدما قال بشكل صريح انه يتعهد بتعزيز الشراكة مع السعودية لغرض مواجهة روسيا والصين واعتبر السعودية شريك استراتيجي منذ 80 عام، بالرغم من ان العلاقات بين امريكا ودول الخليج وخصوصاً السعودية مرت بمراحل بداياتها كان ابتزاز مستمر حيث كانت امريكا تأمر والجميع ينفذ دون مقابل، بينما الحرب الاوكرانية ادت الى انحسار الهيمنة الامريكية على منطقة الشرق الاوسط خصوصا بعد رفض السعودية والامارات الطلب الامريكي بزيادة ضخ النفط لمواجهة ارتفاع الاسعار .. مما يعني ان ما افرزته الحرب الاوكرانية من متغيرات في السياسية الدولية جعلت العالم يتوجه الى تبني فكرة تعدد الاقطاب نتيجة انحسار مصداقية السياسة الامريكية سواء على صعيد المنطقة وفي شرق اسيا وافغانستان وامريكا الجنوبية وعلى هذا الاساس يريد بايدن العودة الى حلفاء امريكا الدائمين لأعادة صياغة هندسة التحالفات في المنطقة وترسيخ انضمامهم الى القطب الامريكي وفق الكذبة التي يريد تسويقها وهي حماية دول المنطقة من تمادي ايران بعد ترويج فشل مباحثات العودة الى الاتفاق النووي، وايضاً ليس مصادفة ان تُبلّغ ايران بكل صلافة وكالة الطاقة الذرية بهذا التوقيت بضخ الغار في اجهزة طرد مركزي جديدة وانتاج يورانيوم مخصب بنسبة 20% في منشأة فوردو وذلك لتخويف دول المنطقة من نمو قدرات ايران النووية لأجل قبول العرض الامريكي على نقل اسلحة ومعدات عسكرية ودفاعات جوية متطورة من خلال تشكيل ناتو عربي لتأمين انسيابية نقل الطاقة عبر الممرات البحرية بحجة احتواء إيران وترك الامر لاسرائيل قيادة هذا التحالف وفق اجندة المصالح الاسرائيلية الغربية، والجميع يعلم ان نشر تلك القواعد والمعدات العسكرية ليس للاستعمال ضد ايران وانما لتكريس وجود امريكا واسرائيل عسكرياً في منطقة الخليج أي استخدام ايران شماعة لغرض احكام قبضتهم على الشرق الاوسط .. وبعدها سوف يفاجئ الجميع باتفاق امريكي ايراني على احياء الاتفاق النووي بما يرضي اسرائيل ثم ترك العرب في قلب المواجهة مع ايران .. نعم انها لعبة مكشوفة تدل على تخادم امريكي ايراني لجر العرب الى فخ الاحلاف مع اسرائيل وهي المرحلة الثانية ما بعد التطبيع .. لذلك يفترض بدول المنطقة الانتباه للكذب الامريكي بعدم التورط باي تحالف مشبوه مبني على ابتزاز وسلب اموال لاجل تغطية نفقات الحرب المكلفة في اوكرانيا والتي قدرت بمئات المليارات من الدولارات ولابد من المشاركة الخليجية في التمويل مقابل اكذوبة الحماية من الخطر الايراني، لهذا نجد اليوم قبل زيارة بايدن قيام بعض المواقع الاعلامية بنشر العديد من السيناريوهات والافلام الهندية لردع ايران لكي يسيل لعاب العرب على مايحمله بايدن من وعود وخطط على الورق .. بينما الاولى بالعرب احياء معاهدة الدفاع العربي المشترك التي تشمل الدول العربية كافة بدلاً من دول محدودة تحت تسمية الناتو العربي الموعود الذي سيولد ميتاً بسبب تباين اراء ووجهات نظر تلك الدول التي يراد لها ان تكون تحت المظلة الاسرائيلية وبمباركة امريكية، فضلا عن التناقض في مزاعم امريكا بتهويل الخطر الايراني من جهة ومن جهة اخرى نجدها تتشبث بكل السبل للوصول الى حل دبلوماسي مع ايران وحكام قطر اعرف بما جرى في الدوحة من تنازلات امريكية لايران التي مازالت حريصة على الوصول إلى توافق حول الاتفاق النووى الايراني، وهذا ما يؤكد ليس فقط عدم مصداقية امريكا وانما خبث النوايا الامريكية اتجاه دول المنطقة العربية .. لذلك يفترض تسخير امكانات الامة الهائلة في اقامة مشاريع استراتيجية مشتركة اقتصادية ودفاعية افضل من تبديدها على أوهام امريكية حقيقتها أكاذيب.