18 ديسمبر، 2024 11:27 م

الهوية الاجتماعية بمفهومها العام حسب ما ورد في نظريات علم الاجتماع وآراء علماء النفس تعني مجموعة المفاهيم والقيم والأعراف السائدة في تجمع بشري كبيراً واسعاً كان أم محدود وانعكاسها السلوكي على الأفراد ضمن بيئة وإطار مكاني محدد والذي يولد شعور شخصي وفطري تراكمي يشتركون به ويشكل سمة وطابع الى حد كبير يمنح هذه المجتمعات مميزات خاصة بهم وهو ما يسمى وفق نظريات علم الاجتماع بالهوية الاجتماعية.

ومن الطبيعي أن يتباين نوع وحجم الارتباط النفسي والمعنوي لهذه التجمعات وحسب نظر أفرادها لذواتهم وانعكاس ذلك على شكل تعاملهم مع التجمعات البشرية الأخرى فحب الانتماء الشديد المفرط بالتعصب والشوفينية يؤثر سلباً على سلوك الأفراد تجاه مواطني المجتمعات والدول القريبة و البعيدة منهم وهذا يشكل بحد ذاته تهديد للأخرين وأسباب ذلك ترتبط بالجنس والقومية والعرق والدين ولذلك يطلق عليه الدافع السلبي والذي يعتبر الحجر الأساس لكل الحروب والصراعات الدولية التي تنشب بين الشعوب والقوميات المتجاورة وبالمقابل هناك دافع ايجابي يتمثل بحب الانتماء والوطنية والإخلاص للمجموعة وخدمتها .

من هنا وجب على المؤسسات والأنظمة التي تدير هذه التجمعات التخفيف من حالة التعصب والعنصرية المشحون بها أفرادها من خلال سياسات تربوية وعلمية تضطلع بها دوائر ومؤسسات أكاديمية واجتماعية كبرى من جهة وتعمل على ترسيخ القيم والمفاهيم الانسانية النبيلة واشاعة روح التسامح والتعايش السلمي والاستفادة القصوى من الثورة الكبيرة في عالم الاتصالات والتكنلوجيا التي باتت في متناول الجميع وبالتالي تعمل هذه الأنظمة على المحافظة ولو بالحد الأدنى على القيم والسلوكيات الايجابية .

صحيح أن هذا التطور الهائل قتل المشاعر الحقيقية الصادقة التي كانت تعتلي النفوس حيث النخوة والشهامة والتسامح والتعاون واضحة جداً بين أفراد المجتمع فالأشياء بسيطة ورغم بساطتها تنعكس على نفسية الأفراد بالفرح والسعادة والأمن ولكن لا مفر من ركوب موجة التطور واستخدام أدواتها ذات الحدين .

العراقيون وهم محور الحديث يعيشون مشكلة مركبة ومعقدة ففي الوقت الذي عملت الأنظمة المتعاقبة على محو الهوية الاجتماعية وإسقاط القيم الراسخة و زعزعتها من خلال تجهيل الأفراد وافقارهم وزرع الفتن وخلق حالة من التناحر بينهم مما أوجد شرائح اجتماعية مشوهة والأهم من ذلك كسر هيبة الفرد العراقي والتفريط المتعمد بمكانته وحقوقه أمام التجمعات والدول الأخرى والتي باتت تنظر بدونية وعدم احترام للعراقيين ولعل سوء التعامل والجفوة ونبرة الاستعلاء محنة يواجها كل العراقيين في الخارج بشكل عام وفي المحيط الجغرافي بشكل خاص حتى بلغ التجاوز حرمان العراقيين من حقوقهم الدولية والوطنية وما يمر به العراق خير دليل حيث الحكومة غير قادرة على فرض هيبتها في الداخل فما بالك في الخارج ودول تتكالب على نهب خيرات العراق وإبقائه ضعيف وذليل ومسلوب الارادة كل ذلك على حساب الفرد العراقي .