القول بأن الكثرة لها تأثير في صناعة القرار وهم كبير , ففي الزمن التواصلي المعاصر , يمكن إختصار الملايين بواحد , وربما تحويلها إلى صفر , وفقا لمعطيات الديمقراطية والتعبير الحر عن الرأي.
وبلعب الإعلام دوره الفتاك في وضع العجينة البشرية في القوالب , التي يراها مناسبة لخدمة المصالح والأهداف المنشودة , ويمكنه تحريك الناس ودفعهم في مسيرات للوصول إلى الغايات والتطلعات المرسومة.
فالقوة الشعبية أو الجماهيرية تديرها الماكنة الإعلامية وتحركها أنى تشاء , وقد تعزز تأثيرها بإنتشار وسائل التواصل الإجتماعي بأنواعها.
فما عادت الإرادة الحرة ذات قيمة ودور في المجتمعات , وما بقي للسيادة قوة وفاعلية في الحياة , لأن الدول مرهونة بالهيمنة الإعلامية القادرة على أخذ الناس إلى حيث تشاء , بعد أن بلغت مهارات التدجين والترويض والبرمجة الدماغية والنفسية ذروتها وفاعليتها في تصنيع الآراء , وتحويل الشعوب إلى طاقة متحركة نحو الهدف بكامل ما فيها من القدرات.
فالإعلام يحكم , ووسائل التواصل الإجتماعي تضرم.
فهل للإنسان رأي: (الإعتقاد , العقل , التدبير , النظر والتأمل)؟!!
يُقال أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن إلغاء العقل , فالتجارب جارية على برمجة البشر مثلما تبرمج الكوبيوترات , والأجيال القادمة ستكون مرهونة بما يُزرع في رؤسها من الرقائق الإليكترونية , التي ستؤدي دورها التفاعلي مع محيطها , وفقا لآليات الذكاء الإصطناعي المرعب التطورات.
وهل ستذاب الكثرة في وعاء واحد؟
ليس ببعيد أن تفقد الكثرة قيمتها وتتحول إلى موجود يساوي واحد , وبعضها يتحقق تصفيرها ومحق وجودها بإرادتها وفقا للبرمجة القابضة على مصيرها.
ترى هل سيبقى قيمة لما نسميه بالديمقراطية؟!
فالعالم يسبح ويعوم وأكثرنا يغطس في قاع الوجوم!!