22 نوفمبر، 2024 7:31 م
Search
Close this search box.

صحون المؤسسة الدينية الطائرة

صحون المؤسسة الدينية الطائرة

على نسق المماحكات الذي ارتفعت وتيرتها بين من يسمون أنفسهم فقهاء الشيعة (كنموذج أذكر بالمعركة التي كان بطلها – بالمعنى القصصي – السيد كمال الحيدري)، وفي التفاتة لا تخلو من طرافة وخبث في الوقت ذاته همس جلال الصغير في أذن علي الكوراني، أو على الأقل هكذا أفهم أنا، قائلاً: “الأفضل أن تشتري بعقلك حلاوة بدل الحديث السمج عن الصحون الطائرة، والأسلحة الفتاكة المخبئة في مثلث برمودا، والتسجيلات الفديوية المدّخرة منذ عصر صدر الاسلام”!

طبعاً لا أحد منكم يتوقع أن يملك الصغير من الجرأة ما يجعله يتكلم بمثل هذه الصراحة، وتوقعكم مصيب تماماً فما وقع فعلاً هو أن الصغير في جواب له عن سؤال بخصوص الصحون الطائرة ومثلث برمودا، وعلاقتها بالامام المهدي عليه السلام، نعى العقول التي تربط بين هذه الأمور التي سماها (حكايا) وبين الإمام المهدي عليه السلام.

ولكن القصة لا تقف عند هذا الحد، فمن الواضح إنه لو كانت تنتهي هنا فهي لا تستحق الذكر، ولا تستحق أن نرتب عليها صورة الهمسة الخبيثة، ولكن القصة لها امتداداتها، وانعكاساتها الواقعية التي دفعت الصغير للسخرية ممن يربط بين (الحكايا) كما اصطلح عليها وبين الإمام المهدي عليه السلام، وهذه إشارة يعلم الصغير جيداً إن المتلقي سيوجه مسار سهمها الى قلب الكوراني مباشرة!

المسألة إن المؤسسة الدينية بدأت تروج لصحون الكوراني الطائرة بوسائل سمجة، وباستهتار لم يسبق له مثيل. فمن بين هذه الترويجات وضع جدارية كبيرة في أحد الأماكن الحساسة تصور مجموعة من الصحون الطائرة المتجهة لأحد المدن المقدسة يقف على واحد منها شخص يرتدي ملابس عربية، يشع من منطقة وجهه نور يخفي ملامح وجهه (وهي الصورة النموذجية للإمام المهدي بحسب ما تروج المؤسسة الدينية)، وتظهر في الجدارية صورة مكة تمثل المنطقة التي انطلقت منها الصحون، وفي الجهة المقابلة صورة لمرقد الإمام علي عليه السلام يمثل الهدف الذي تتجه له الصحون.

ويبدو أن صورة الصحون الطائرة التي تحمل الإمام المهدي نحو النجف رائجة تماماً بين جمهور المقلدين المساكين، فقد وجدت في بعض المواقع الالكترونية التابعة لمقلدي المؤسسة كتابات تفاعلية معها، لدرجة إن بعضهم ربط بين بناء مطار النجف وهذه الصحون العتيدة!

هذه النمطية من الترويجات التي تدمر الوعي الديني الشيعي، وتغرق القضية المهدوية على نحو الخصوص في أجواء الأسطرة، والخرافة، والتي تستهدف المؤسسة الدينية من ورائها فصل هذه القضية عن حركة التأريخ والواقع، وإبعاد الوعي الجماهري عن تلمسها وقراءتها في تلافيف ما يقع من أحداث، أقول يبدو أن هذه النمطية لم تعجب جلال الصغير، خاصة إذا علمنا بأن الرجل يعد نفسه لدور ما، يمكن لمن يتابع ما يصدر عنه أن يتحسسه بوضوح لا بأس به باعتبار أن الرجل يكتفي بالتلويح دون التصريح. كذلك يمكن اعتبار همسة الصغير الخبيثة محاولة للاطاحة بخصم ينافس الصغير على النجومية التي يريد الاستفراد بها بقدر تعلق الأمر بالافتاء فيما يخص القضية المهدوية.

أحدث المقالات