19 ديسمبر، 2024 5:45 ص

من هم أصل فتاوى القتل والإجرام والفتك الجماعي

من هم أصل فتاوى القتل والإجرام والفتك الجماعي

ربما يعتقد الكثير من المتوهمين ان دراسة التاريخ الاسلامي غير مجدية في الوقت الذي تعاني فيه الامة الاسلامية من التشرذم والتفكك والتقاتل فيما بينها ، وقد ارسل لي البعض عددا من الرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي يستنكرون ما يطرحه المحقق والمرجع الديني العراقي السيد محمود الصرخي الحسني في محاضراته الاسبوعية ضمن بحوث ( محاضرات في العقيدة والتاريخ الاسلامي) التي تبث مساء كل يوم جمعة وسبت عبر قناة (المركز الاعلامي) على اليوتيوب ، حيث يطرح المحقق الصرخي الكثير من الالتفاتات والمواضيع التاريخية التي تكشف حجم التزييف والتدليس والتكفير والاقصاء الذي تزخر به امهات الكتب الاسلامية الموجودة بين ظهرانينا اليوم ، وقد جهل هؤلاء المنتقدون ان الفهم الخاطئ للتاريخ الاسلامي والاخذ بما يطرحه ارباب التكفير من مدرسة ابن تيمية وابن الاثير وابن الجوزية وامثالهم كان ولا يزال سببا رئيسيا لتلك المعاناة وذلك التقاتل الذي تعيشه الامة الاسلامية في الوقت الحاضر .

وقد كشف المحقق الصرخي في تلك محاضراته التي جاءت تحت عنوان (وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الاسطوري) العديد من التناقضات والدعوات الى تكفير المسلمين واباحة دمائهم وتقتيلهم وتشريدهم تحت حجج واهية ومبررات غير شرعية .

وفي محاضرته الثانية والعشرين (1) التي القاها مساء يوم الجمعة الماضي كشف المحقق الصرخي عن الجريمة التي ارتكبها الملك الايوبي صلاح الدين بالمصريين ابان حكمه “سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(564هـ)” وذلك عندما استعرض ما ذكره (ابن الاثير) في الكامل في التاريخ (2) في ذكر وقعة السودان في مصر ، حيث ذكر الراوي ان الملك الناصر صلاح الدين الايوبي اباد وقتل ما يقارب خمسين الف رجل من السودان هم وعوائلهم واطفالهم ونسائهم في مصر حيث تم ابادتهم وقتلهم في منطقة (الجيزة) بمصر حيث قال ابن الاثير بعد ان سرد سبب خروج هؤلاء على الحاكم نتيجة قتله لمؤتمن الخلافة ” فَأُخْرِجُوا مِنْ مِصْرَ إِلَى الْجِيزَةِ، فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ شَمْسُ الدَّوْلَةِ تُورَانْشَاهْ أَخُو صَلَاحِ الدِّينِ الْأَكْبَرُ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَأَبَادَهُمْ بِالسَّيْفِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ الشَّرِيدُ، وَكَفَى اللَّهُ تَعَالَى شَرَّهُمْ ” .
ويستمر المحقق الصرخي بالشرح والتعليق على هذه الوقعة وحيثياتها باسلوب علمي تاريخي تحقيقي مميز يكشف فيه الكثير من الحيثيات التي لابد من التوقف عندها ، حيث استوقفتناعبارة ابن الاثير في نهاية الرواية عندما أيد قتلهم بقوله ” وكفى الله تعالى شرورهم “! حيث يستغرب المحقق الصرخي من ما جالت به نفس (ابن الاثير) ولا غرابة فهو من كتاب الدولة المارقة اتباع ابن تيمية الذين يكفرون الجميع ويبيحون دمائهم ويبررون قتلهم وابادتهم .

وقد علق المحقق الصرخي على تلك العبارة بقوله : ” ومع كلّ ذلك وبدم بارد فإنّ ابن الأثير يقول: وَكَفَى اللَّهُ تَعَالَى شَرَّهُمْ!! ، ويقال مِن أين للدواعش القتلة فتاوى القتل والإجرام والفتك الجماعي؟!! ،هذا هو التاريخ وهذا هو الواقع، هذه الحقيقة، ابحثوا عن أصول الجريمة، ابحثوا عن أصل الإرهاب، ابحثوا عن فتاوى الإرهاب التي طبقت على الأرض ، فبأيّ شرعٍ وأيّ قانونٍ تمّ غَدرُ وإبادة هؤلاء؟! ،إذا كان صلاح الدين وغيره من قادة قد جهِلوا الأحكام فمَنْ أفتى لهم وشرعن لهم سياسة الأرض المحروقة وسياسة البَشر المحروقة والنساء والأطفال والشيوخ المحروقة وسياسة الإبادة الجماعية!!”.

ولعل من يتابع المحاضرة باكملها سيجد الكثير من الشواهد والمواقف التي تثبت ان الفكر الداعشي التكفيري التقتيلي لم يكن وليد الساعة ولم يتم خلقه نتيجة الظروف الموضوعية الحالية التي يمر بها المسلمون ن بل هو نتاج فكر تيمي وفعل تيمي وله اصول في تلك الكتب التي يتداولها المسلمون ويثقون بها وبكتّابها ، وتسببت دراستها السطحية عن فهم خاطيء للاخلاق الاسلامية الحقيقية فاصبحت تلك الافعال المتطرفة قواعد واسس سار ويسير عليها المغفلون والمنتفعون .

————————

(1) السيد الصرخي الحسني ، المحاضرة الثانية والعشرين من بحث (وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الاسطوري)

(2) ابن الأثير: الكامل في التاريخ 9: 345

أحدث المقالات

أحدث المقالات