رب قائل ، يقول لماذا هذا التحامل على الذات ؟ أو لماذا تنسب الأخطاء للشعوب فقط وتترك الزعامات.؟ ، الجواب بالمباشر ودون تمهيد ، لينظر أي منا إلى حال الاقتتال البيني بين الليبيين بعد مصرع معمر القذافي ، اين كان ابطال هذا الاقتتال ابان حكم من كان دواءا شافيا لنزع هذا الانفلات المجتمعي ؟، أو لينظر أي مراقب للاقتتال القائم بين اليمنيين بعد مقتل العقيد علي عبد الله صالح ، أو ليتفرج الجميع على حال الاقتتال بين العراقيين بعد إعدام صدام حسين . حروب عشائرية يتبادل فيها المتقاتلون قذائف الهاون والمدفعية ، حيث صار مضيف الشيخ معسكرا ، والشيخ أصبح جنزالا ، نزاعات سياسية تتخللها عبوات ناسفة أو رشقات رصاص ( لصبية يمتطون دراجة نارية) توجه نحو استاذ جامعي أو محلل أمني أو عسكري أو سياسي ، أو لضابط شرطة يصفع مديرة مدرسة ، أو وزير يختلس أو مدير عام يزور ، و، و، و إلى ما لا نهاية ، وكاد الأمر يتحقق في مصر على يد الإخوة المسلمين اتباع البنا وسيد قطب لولا حرص الجيش على سلامة الوطن ، واليوم في لبنان السياحة ، لبنان الجمال ، وبعد 15 عام من الاقتتال الطائفي ، يقوم اقتتال سياسي تتبادل فيه الأطراف تهم الفساد والرشوة ، والكل فاسد والكل مرتش ، أردنا بهذا أن نقدم للقارئ الكريم أن الطاغية الذي كان يحكم تونس لم يكن ليكون طاغية لولا أن سمح له التونسيون بأن يكون طاغية ، فهو وليد مجتمعه الذي قمع نفسه بأمر الطاغية ، ولم يكن القذافي الا من صنع شعبه الذي صفق له وهو يغتال المعارضة ، كذا الأمر في اليمن ، أما تجربتنا في العراق فهي الأسوأ ، فلم يكن صدام حسين على ما يبدو إلا عارفا بنوازع مجتمعه المنفلتة ، حيث معاداة الدولة في كل الأحوال ، وحيث حب خرق القانون ، وحيث تجاوز الاعراف والاصول ، وها نحن اليوم نجلد أنفسنا بطريقة نرجسية لا سابق لها وتعادي حتى تربتنا ونحارب أنهارنا ، ونسرق أموالنا ، وتعتدي على ثوابتنا ، فهل من سائل بعد كل ما تقدم ، يسأل ، لماذا كانت مجتمعاتنا تسير مثل عقرب الساعة ابان حكم الطغاة ،؟ الجواب ،، الخوف والخشية من جبروتهم ، نعم لقد ادخل صدام الخوف في قلوبنا ونحن اليوم بحاجة لمن نخافه ، ولكن هذه المرة بقوة القانون لا بقوته ، وان نعود بعقلية جديدة إلى ثوابتنا ، وان نحب أوطاننا ، والا فنحن بعد هذه التجارب المريرة لا نستحق هذه الاوطان….