قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13( صدق الله العظيم. تعتبر العنصرية في أوروبا وأمريكا خصوصا من أقوى مظاهر التطرف جذورا فهي عميقة في النفس البشرية عموما، ولكنها في وتيرة متصاعدة على صعيد الوعي الغربي وبصورة لايمكن السيطرة عليها إذا ما قلنا انها من المستحيل التخلص منها، رغم التقدم العلمي للغرب، فالعقلية الضعيفة هي التي تسمح بفكرة العنصرية. العنصرية في اوروبا ضد المسلمين تُعد إرتدادا عن منهج الاديان السماوية وتباعدا عن القيم الانسانية والعدالة والمساواة، وتؤشر نقصا حضاريا وانسانيا في عقلية من يؤطرها كمبدأ او يقدمها كمنهج حياة في المجتمع الغربي. واذا رجعنا الى تراثنا الاسلامي ففيه من الحكم ما ورد عن رسول الله محمد بن عبدالله صلَ الله عليه وآله وسلم حينما كان يعلم الناس أن العنصرية والتعصب مرفوضة جملة وتفصيلا في قوله الشريف:( من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه).
في دول مثل السويد أو الدنمارك لا يستطيع المرء تصور أن الجار لا يبادل جاره التحية ناهيك عن انه لا يبادر بها، وذلك لأن العنصرية طافحة عنده! والسمة الاساسية في تفكير العقل الغربي، ان جميع المسلمين أعداء ويمكن أن يتحولوا في أي لحظة إلى خطر محدق بحياة اي انسان أوروبي، لذلك عليهم الابتعاد قدر الامكان عنهم وعدم تكوين اي علاقة صداقة معهم. يخبرني أحد الشباب من المسلمين المهاجرين مع عوائلهم في التسعينات قصته مع احد موظفات الهجرة الدنماركية التي اعربت عن عنصريتها بصراحة في تصرفها الفج ازاء الموقف من عدم تقبل بقاء جدة ذلك الشاب في مخيم استقبال اللاجئين والتي وصلت للدنمارك قبل اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية بعدة اسابيع، وهي التي كانت ترفض بقاء تلك الجدة العجوز مع عائلة ابنها المقيم، وعندما استفسر منها الشاب مستغربا، فاجأته بجوابها العنصري، أن المكان الذي تشغله العجوز سوف نُهيأهُ لإمرأة اوكرانية! وحينما رد عليها الشاب: وهل يوجد فرق بين جدتي وبين المرأة الاوكرانية؟ فما كان جوابها إلا مزيدا من العنصرية بالقول والفعل: (نعم الاوكران جيراننا وهم يشبهوننا بالشكل واللون أما جدتك فهي مختلفة من نوع آخر). وفعلا قام بنقل جدته من المخيم لتعيش معهم في بيت واحد ويكون مسؤولاً عن إطعامها وتحمل جميع نفقات نقلها وعلاجها على حسابه الخاص وليس على حساب الهجرة الدنماركية. هذه واحدة من القصص التي تفرز المواقف الطافحة بالعنصرية والتي ينتهجها موظف حكومي في وزارة المفترض أن عملها انساني بحت وهي وزارة الهجرة! ليس ببعيد عن البيئة التي حدثت فيها تلك القصة النكراء نزلت في فندق متواضع وفيه رأيت العنصرية بأم اعيني من قبل موظفة الاستعلامات الدنماركية ومن عاملة المطعم الاوكرانية التي كانت توزع ابتسامتها على جميع من كان لون شعره اشقر، ولكنها كانت تعبس بوجهي كلما نظرت أو تحدثت معي. قد تهون مسألة العنصرية في التعامل مع بعض شرائح المجتمع البسيطة لكنها تكاد تصبح اكثر تعقيدا عندما تجد العنصرية مجسدة بافعال بعض الشخصيات السياسية التي تتسنم مناصب عليا في الدولة كمحافظ أو وزير أو حتى رئيس وزراء! العنصرية آفة نفسية تبرز ملامحها وتدلل على ان العقلية التي تحمل باعث عنصري في داخلها هي عقلية ضعيفة وافقها ضيق.