19 ديسمبر، 2024 2:04 ص

هل هذه مواصفاتُ حرب .!؟

هل هذه مواصفاتُ حرب .!؟

بدءاً : على الرغم من ظهور اجيال جديدة من الأسلحة المتطورة في كلا المعسكرين الغربي وروسيا ” ولعلّ اوّلها او من ضمنها الطائرات المسيّرة في مجالي الإستطلاع والتصوير والقصف من ارتفاعاتٍ مختلفة ” , كما وبرغم تطوّر فنون القتال في المعارك التي تجري في ميادينٍ مختلفة الطبوغرافيا , إلاّ أنّ هنالك مبادئ وقواعد اشتباكٍ مشتركة وتكاد تكون ثابتة ومعتمدة في معظم الجيوش , والتي هي من اساسيات الحرب .

a \ أمّا عن الحرب الأوكرانية – الروسية , والتي لم يحدث أيّ مثيلٍ لها في تأريخ الحروب البعيدة والقريبة , فالقوات الروسيّة احتلت 20 % من الأراضي الأوكرانية , ومستمرة في محاولة الوصول الى اهدافها المرسومة مسبقاً في ضمّ وقضم اراض ومدنٍ اخرى بما يعود عليها بمنافع ستراتيجية واقتصادية على المدى البعيد , بينما الجيش الأوكراني ليس بمقدوره سوى محاولات صدّ الهجمات الروسية , وغالباً ما ينسحب الى مسافاتٍ قريبة , وانّ هيأة الأركان الأوكرانية لا تمتلك في مخططاتها في ادارة المعركة سوى القصف المدفعي – الصاروخي المحدود , وتفتقد القدرات لشنّ الهجوم المقابل على الروس في معظم المعارك التي جرت وما انفكّت .!

b \ من المفارقات في هذه الحرب ” والتي لابدّ منها بشكلٍ او بآخر.! ” , أنّ الأمريكان صاروا يقومون بتدريب الجنود الأوكرانيين على الأسلحة الغربية بواسطة الأنترنيت , وذلك لأفتقاد الجيش الأوكراني لقُدُرات استيعاب تكنولوجيا او تقنيات الأسلحة الحديثة , بالإضافة الى الصعوبات اللوجستية لنشر مدربين وخبراء امريكان بين صفوف الفرق والألوية والوحدات العسكرية الأوكرانية , ومع ما يتطلبه ذلك من عنصر الوقت , بالإضافة الى خشية البنتاغون من تعرّض مدربيهم لضربات القصف الروسي , ودون ان يعني ذلك عدم وجود ضباط امريكيين بين القيادات العسكرية العليا في الجانب الأوكراني , وبأعتراف الأمريكان بذلك .

c \ إذ من حقّ اوكرانيا الدفاع عن بلادها كمبدأ , لكنّما هل يحقّ للرئيس زيلينسكي الإصرار على المقاومة وفقَ حساباتٍ مؤكّدة بتعرّض بلاده لمزيد ومزيد من الخسائر في فقدان مساحاتٍ اخرى من الأرض , وخسائرٍ موازية في تدمير المنشآت والمصانع والثكنات وعموم البنى التحتية الأخرى .! , وماذا ينتظر زيلينسكي أمام الحقيقة المترسّخة والمتجذرة بإستحالة إخراج الجيش الروسي من الأراضي الأوكرانية .! سيّما مع افتراضات ممكنة لسقوط مناطق ومدنٍ اوكرانية اخرى في المدى المنظور او بعده قليلاً .!

D \ الرئيس الأوكراني < وبدعم وتعزيزٍ من الإعلام الأمريكي – الأوربي > صارَ لوحدهِ يمثّل إعلام كلّ دولة اوكرانيا , بالرغم من العديد من تصريحاته المتوالية والمتعاقبة ” غير المدروسة ” والتي غدت بنحوٍ يومي وبضمنها احاديثه لوسائل اعلامٍ غربية .

غالباً ما تُلحَظ وتٌفحص تصريحاته ” في المحافل الإعلامية ” على انها كنتاجٍ لإعتباراتِ ردود افعالٍ منفعلة , ولعواملٍ سيكولوجية – عاطفية مبسّطة , ودونما ايّ حسابٍ لمديات تأثيرها على الرأي العام .!

e \ عَمَدَتْ وتعمّدت الإدارة الأمريكية مؤخراً الإعلان عبر وسائل الإعلام , أنها أرسلت للتّو منظومة صواريخ بعيدة المدى الى اوكرانيا , لكنها اشترطت او طلبت من القيادة الأوكرانية عدم استخدامها او تسديدها الى داخل الأراضي الروسية .! : –

1 – الخبر او الموضوع بحدّ ذاته يبدو ملغّم , وقابل للقراءة من اكثر من زاوية .

2 – اذا لا يريدون الأمريكان حقاً عدم استخدام هذه الصواريخ داخل العمق الروسي , فلماذا ارسلوها اصلاً؟

3 – من المرجّح اذا لم يكن من المكشوف أنّ منح الضوء الأخضر لتوجيه وتسديد هذه الصواريخ الى اهدافٍ داخل روسيا هو لوقتٍ مؤجّل .! , وخصوصاً حين يتعرّض الوضع الأمني للعاصمة كييف الى خطرٍ مفاجئ .! , مع ورودِ احتمالاتٍ ضعيفةٍ قد تؤخذ بالحسبان , بأنّ القيادة الأوكرانية سوف تطلق هذه الصواريخ على اهداف مختارة داخل روسيا ” في لحظةِ غضبٍ عسكري ! ” , وستبررها امريكا بعد التزام زيلينسكي بالشروط او المطالب الأمريكية .! او بالإتفاق المسبق على هذا التسويغ .!

f \ ضلّلت القيادة العسكرية العليا للجيش الروسي , كلّ القادة العسكر الأوكرانيين والأمريكان والأوربيين حينما حشّدت قواتها ” وكأنها في هجومٍ جبهوي ” للتقدم لإحتلال العاصمة كييف , ممّا ارغم رئاسة الأركان الأوكرانية لسحب وتجميع قواتها في خطٍ دفاعي محصّن أمام الجيش الروسي , بينما زحفت وحدات روسية اخرى نحو مدنٍ ومناطقٍ اخريات في جنوب شرق اوكرانيا وحرّرتها .! , وذلك ما أربك الدفاعات الأوكرانية , وما لبث الروس أن سحبوا قواتهم المحتشدة – المواجهة لكييف .! وعززوا بها جبهات القتال الأخرى .! , وكان ذلك ضمن ما تسبب لإرباكٍ لكبار المحللين العسكريين الأمريكان ونظرائهم الأوربيين .!

g \ إذا لم يجرِ إيقاف هذه الحرب خلال شهرين < وفق ما قاله هنري كيسنجر – السياسي الأمريكي العريق والمخضرم في الدبلوماسية > – وذلك أمرٌ مشكوكٌ به ! – , وهذا الإيقاف المفترض لا يتمّ بالطبع إلاّ بالضغط الأمريكي على الرئيس الأوكراني لتقديمِ تنازلاتٍ ومساوماتٍ للروس في جولة مفاوضات جديدة وأخيرة قد تجمعه مع الرئيس بوتين , واذا ما عانت روسيا فعلياً من شدة العقوبات المفروضة عليها , فإنّ آخر خَيارات الكرملين هو تحويل كييف الى اطلالٍ وانقاض دون تحريك ايّ سريّةٍ او فصيلٍ عسكري نحوها .! , وهذا الأمر سابقٌ لأوانه كثيراً , وقد تمهّلت القيادة الروسية في ذلك , وربما اكثر من اللازم , والأمر فيه حساباتٍ واعتباراتٍ أخرياتٍ , ربما لم تدخل كلياً في الحسابات الكومبيوترية الأمريكية لحدّ الآن .!

أحدث المقالات

أحدث المقالات