يحتاج العراق اليوم إلى حكومة خلاص وطني، تُنهي آلام المواطن الذي سأم الشعارات المُستهلكة المبنية على أساس المصالح الضيقة الخاصة، وإن إستمرت هذه الشعارات، ستقضي على العملية السياسية التي وضع دعائمها الحاكم المدني للعراق الأمريكي بول برايمر.
أعلنت الكتل السياسية المتخاصمة العديد من المبادرات التي ولدت ميتة ولم نرى مبادرة لعقد حوار وطني حقيقي ينهي ما أسموه (الإنسداد السياسي)، من المفترض إعلان عدة مبادرات جديدة أحد تلك المبادرات سيطلقها المستقلون ومبادرة أخرى سيطلقها الكرد بعد عقد مؤتمر حواري يجمع جميع الأطراف في العقد الثاني من شهر حزيران الجاري.
من الصعب الوصول إلى صيغة ومقررات وإتفاقات بين الكتل الفائزة السياسية المتحالفة، حول تشكيل الحكومة المقبلة، سواء توافقية أم أغلبية حيث ستجد أي حكومة تحديات كبيرة وكثيرة ستحتاج بالتأكيد إلى خبرة سياسية ودبلوماسية عالية؛ لتذليل وإفشال الصعوبات والأزمات لاسيما الخارجية منها.
تسنمت السفيرة الأمريكية الجديدة فوق العادة السيدة إلينا رومانوفسكي زمام الأمور أخيراً وبالتأكيد تحمل في حقيبتها الكثير من البرامج والقرارات دون الرجوع إلى الحكومة الإتحادية خصوصاً أن العراق ينتظر زيارة قريبة للرئيس بايدن ويبدو بأن العراق سيكون ضمن أولويات الدول الكبرى، كذلك بعد إحاطة بيلاسخارت الأخيرة أمام الأمم المتحدة بخصوص الوضع في العراق، وجهت الأمم المتحدة ممثلتها لدى العراق العمل على إنهاء الإنسداد السياسي ومتابعة ملفات الفساد، وستكون بيلاسخارت ضمن لجنة ترأسها السفيرة الأمريكية الجديدة وعضوية السفير البريطاني.
على الحكومة المقبلة، إخماد الفتن وتطمين المواطن بإن سياستها ستكون رادعة مع مد جسور الثقة بين المواطن والحكومة؛ وهذا يتطلب مزيداً من الجهد والوقت والعمل، ونبذ الإنتماء الحزبي، بفضل السياسات الخاطئة أصبح العراق دولة مُستهلكة بعد أن كان مُنتجاً ومَصْدراً ومُصدّراً للكثير من المُنتَجات الإستهلاكية والمعمرة، والتي كانت تكفي لتلبية حاجة المواطن العراقي، وبالتأكيد لن تجد الحكومة العراقية المقبلة، سوى أرض قاحلة جرداء وشعب متذمر؛ حيث سيكون على عاتقها، وضع حلول وخطط كفيلة بتحويل الأرض القاحلة إلى أرض مِعطاء مُنتجة.
العراق أصبح مكبّاً للسياسيين الفاشلين، الذين عاثوا في الأرض فساداً وجوراً، ولا ينعم بالأمن والإستقرار إلاّ بعد محاسبة هؤلاء بالقِصاص العادل، وفتح آلاف ملفات الفساد التي أزكمت الأنوف.
إن مطالب إعادة الإنتخابات بعد تعديل قانونها لا تروق لجميع الكتل السياسية ولا تجد ترحاباً جماهيرياً بسبب الفجوة الكبيرة بين المواطن والطبقة السياسية وبقاء الأوضاع كما هي الآن ستؤدي الى مزيداً من الأزمات، وستتحول بالتدريج إلى صراع قد يؤدي الى ما يخشاه المواطن؛ من مواجهات مسلحة مباشرة وحرب شوارع للدفاع عن المكتسبات، إذا ما إختلف الفرقاء من الرابحين والخاسرين على حد سواء، فالحكومة القادمة سيكون على عاتقها بناء أساس جديد للدولة، وتمتين العلاقات الخارجية، والسيطرة على جميع مفاصل الدولة.
لا يمكن تحقيق أي نوع من أنواع الإستقرار في العراق، ما لم يتم توزيع الأدوار بمهنية وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية، وحسم مبدأ المحاصصة.
وفق ما هو معلن وغير معلن، فأن معطيات المباحثات بين الكتل والتحالفات الفائزة، تشير إلى إمكانية حصول إنفراجة مطلع شهر تموز والسيناريو الأبرز هو الإبقاء على حكومة الكاظمي مع بعض التعديلات في الوزارات والصلاحيات، والإتفاق على موعد إنتخابات مبكرة جديدة.
فهل سينقلب رئيس الوزراء المقبل ويغير جميع المعادلات، بحماية دولية ومن غير المستبعد الإنقلاب على الأصدقاء والفرقاء؛ لتشكيل حكومة بطعم الديكتاتورية وهذا ما يتمناه المواطن ؟!