يبدو ان التحدث والابتداع في الفقه والقران والهجوم على العلماء والعلم الشرعي أصبح (جائحة) لم ترصدها منظمة الصحة العالمية بعد! وقد استبشرنا خيرا بانحسار جائحة كورونا وتخفيف الله عن عباده الأسوياء جدري القرود.
الجائحة الآن في أوج انتشارها وموطنها الأصلي “المصدر” الدول الغربية ومتآمروها ، و يزيد انتشارها حسب الاحصاءات غير الرسمية والرصد الشعبي في الدول العربية بدءا من مصر التي تتربع على عرش الحواضن ثم بلدان المغرب العربي مرورا بجزيرة العرب واليمن السعيد وصولا الى الشام والعراق ، وقد نجى الله السودان وموريتانيا من ذلك كونهما كما صنفتا-نسبيا- بيئات طاردة ، ونرجو الله ان تدعمنا بلاد المسلمين من غير العرب كماليزيا وتركيا واندنوسيا وباكستان للشفاء من ذلك عن قريب. انه سميع مجيب.
فالجائحة بدأت تصيب الجميع تقريبا الا من رحم ربي ومن مناعته قوية او الذي يعزل نفسه حيث ان المصابين لا حجر عليهم بعد. وحاملو “فايروس التنطع والابتداع” هذا مازالوا مؤثرين خصوصا في الفئات العمرية الصغيرة والنساء وبعض ضعاف التحصين يساعدهم في ذلك مفهوم حرية التعبير المكفولة ولاضير في ذلك ، وينعمون بمنابر مجانية ولاحسد ،
و الى ان يرفع الله هذا الامر قبل ان يتحول الى وباء بمنه وكرمه كما رفغ غيره،، علينا بالعمل والتصدي والتحصن لنا ولابنائنا ولأهلينا، والاحتماء بكتاب الله الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ومابين يدينا من تفسيرات السلف الصالح وعلماء الامة الاولين ومن سار على نهجهم واجتهد في علومهم ونظر في آثارهم وجدد دون ابتداع وتوسع دون ارتقاع ،
ثم وعلينا اللجوء الى سنة نبيه الصحيحة ، فالذي اوصل الينا القرآن بإذن الله ، اوصل الينا سنة نبيه العملية والقولية والتقريرية التي لابد منها باذن الله ﴿وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ والتي قال عنها الله تعالى ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ وانه لاقيمة للموضوع والضعيف من أحاديث يتوكأ عليها المصابون والتي توجب-كما يدعون- عرض الحديث على كتاب الله ويخدعون الناس بحسن هذه الكلمة وظاهر صلاحها “فإن أحاديث العرض على كتاب الله ، كلها ضعيفة لا يصح التمسك بشيء منها كما ذكر أهل العلم ، فمنها ما هو منقطع ، ومنها ما بعض رواته غير ثقة أو مجهول ، ومنها ما جمع بين الأمرين ، وقد بَيَّن ذلك ابن حزم ، و البيهقي ، و السيوطي ، وقال الشافعي في الرسالة : “ما روَى هذا أحدٌ يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير ، وإنما هي روايات منقطعة عن رجل مجهول ونحن لا نقبل هذه الروايات في شيء” ، بل نقل ابن عبد البر في جامعه عن عبد الرحمن بن مهدي قوله : “الزنادقة والخوارج وضعوا هذه الأحاديث” ، ثم قال : “وهذه الألفاظ لا تصح عنه – صلى الله عليه وسلم – عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه”.
“وقد ألهم الله تعالى نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنَّ قومًا سيأتون يدعون الاقتصار على القرآن ويرفضون الأخذ بما ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولذلك قال عليه ـالصلاة والسلام ـ“أَلَا إِنِّي أُوتِيت الكتاب ومثله معه، ألا يُوشك رجل شبْعان مُتكئ على أَرِيكته يقول: عَلَيْكُمْ بالقرآن فما وجدتم فيه من حلالٍ فَأَحِلُّوه وما وجدتم فيه من حرامٍ فَحَرِّمُوه، ألا، لا يحل لكم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يُقروه فإن لم يُقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قِراه” رواه أبو داود ، فقد وضَّح الرسول في الحديث أن تحريم الأشياء المذكورة لم يرد في القرآن، وهو تشريع واجب أن يُعْتَمد عليه، ومنها القِرى وهي الضيافة.”
اما قولهم عن النبي “إذا جَاءَكُمْ عني حديث فاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ الله، فما وافقه فخذوه وما خالفه فاتركوه” فهو مختلق وقد بيَّن أئمة الحديث أن هذا الحديث موضوعٌ ومُخْتَلَق على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
بل إن هذا الحديث نفسه يعود على نفسه بالتناقض والبطلان ، فلو عرضناه على كتاب الله لوجدناه مخالفاً له ، فلا يوجد في كتاب الله أن حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يقبل منه إلا ما وافق الكتاب “اي كما يدعون ان يكون له مناظر في كتاب الله” ، بل إننا نجد في القرآن إطلاق التأسي به – صلى الله عليه وسلم – ، والأمر بطاعته ، والتحذير من مخالفة أمره على كل حال ، فرجع الحديث على نفسه بالتفنيد.ومما يدل على بطلانه كذلك معارضته الصريحة لقوله – صلى الله عليه وسلم- الفائت.
كما وان القرآن نفسه يُكَذِّب هذا الحديث، فلو عرضناه على القرآن لوجدنا فيه ما يعارضه ويُكذِّبه في عشرات المواضع انتقي منها قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:32]. وقوله عز و جل:{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا. مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}[النساء:80] و {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾[الأنفال:24] ، و {لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، [النور:63].و {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا} [النساء:60-61]. وكل هذا دون التقييد بالعرض،
فكل مانطق به الرسول”تشريعا” هو من الوحي : وهذه آيات سورة النجم “الأربع” تبين ذلك دون اشتباه:
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ. وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ}
و من أعراض الإصابة بهذا الفايروس انكار ما اجمعت عليه الامة واستنبطت حكمه من القرآن والسنة ، فبعد ظهور ارتفاع درجات الحرارة يبدا الرجل بالتنطع في قضية الناسخ والمنسوخ وينكرها غير آبه بسعة هذا العلم ودون ان يطلع على اصوله واسسه بل ولعله لم يحفظ شيئا من القرآن في ذلك : ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءَايَةً مَّكَانَ ءَايَةٍۢ ۙ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ بل لعله بقرأ ولكن الفايروس القوي يمنعه من الادراك : ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أو ينطلق الى الخوض في الميراث والاعتراض عليه دون علم ، والابتداع في العبادات ، وتغيير حكم الله في المراة تزلفا للمدنية الممسوخة غير آبهين بوضوح آيات القرآن واحكام السنة في ذلك ، وغير ذلك كثير ، فترى الرجل -والقوة لله والهداية منه- يمسي شاعرا فيصبح فقيها يفتي فيما لايعلم ، ويصبح طبيبا فيمسي مفسرا يخوض في تاويل آيات الله دون استحصال العلوم المجيزة لذلك ، ويجلس صحفيا فيقوم إماما في العلوم القرآنية والأحكام. وهكذا فان هذا الداء ينتشر والعياذ بالله دون قدرة للبعض على رصده وتجنيب انفسهم الاصابة القاتلة ، فما علينا اذا راينا احبابنا مصابين الا ان نسارع بعلاجهم بايات القران وصحيح السنة وعلم الاولين الراسخين ، فان اعيانا الدواء فليس لنا الا الهرب والدعاء لهم بالشفاء ، كما فعلنا -مضطرين- مع مصابي كورونا قبل عام ،
و من حسن حظنا اننا لسنا بحاجة لانتظار انتاج لقاح بل هو موجود في علم الاولين وصالح المجددين وسليمي العقيدة من المعاصرين ، وما علينا الا توزيعه باسرع وقت على الاصحاء من المسلمين ، أما علاج المصابين المبتلين فان ربك قادر ونعمل جميعا على اعطائه متبرعين فنعمل مجدين ان ثبتنا الله ونجانا، وحتى تنجلي هذه الجائحة ادعوا لانفسكم ولنا ولمحبيكم بالثبات ، اللهم ثبتنا يارب العالمين.