رغم ما شهدناه في الأسابيع الأخيرة من تحجيم لخطوط الإنترنت أو قطعها في نقاط عديدة من إيران يأتي رئيس إذاعة فرهنك النظام ليقول بأن “ظروف النظام آمنة تماما” ورغم ما يدعيه من أمان يحذر مديري هذه الجهة الإعلامية: “فيما يتعلق بالأوضاع الحالية في المجتمع بخصوص الغلاء لا يجب أن نكون”بوضع يثير الاحتجاجات وعليكم أن تكونوا يقظين بحواسكم الستة” وأعلموا أن “أقل خطأ لا يغتفر وسيكون الخطأ الأخير!” (حبيبي7مايو2022).
كما كتبت إحدى الصحف الحكومية أيضا “نواجه اليوم غلاء مؤقتا” يقولون هذا بينما يقع أكثر من “60٪ من سكان البلاد تحت خط الفقر” (آرمان 9مايو 2022) وقال الحرسي زاكاني رئيس بلدية النظام في طهران إن “العدو يحاول استدراج الشعب لمواجهة النظام”، أما المعمم مصباحي مقدم عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام فيقول “إنهم يريدون قلب الوضع العام بالمجتمع ضد رئيسي”.
ولم يأت من فراغ ما ورد استنادا لخبر وكالة تسنيم التابعة لفيلق القدس التابع لقوات الحرس بتاريخ 15 مايو 2022 ووفقا لأوامر خامنئي ولقيام قيادة قوات الشرطة القمعية (ناجا) بمواجهة حالة الغضب والنفور الشعبي العام والحيلولة دون قيام انتفاضات شعبية تمت ترقيتها لمرتبة قيادة الشرطة (فراجا) التي يُعد قائدها بمستوى قيادات الحرس والجيش في قيادة النظام، وعلى صعيد التدابير الأمنية لنظام الملالي قام (74) عضوا من أعضاء مجلس النظام مؤخرا بتقديم خطة لتأسيس (منظمة حماية واستخبارات السلطة القضائية) إلى المجلس وتكون وظيفة هذه المنظمة “منع وكشف وتحديد ومواجهة المؤامرات والأنشطة التجسسية والتخريبية والساعين لقلب نظام الحكم وخلق حالات من عدم الإرتياح في أوساط الشعب والقيام بأعمال ضد الأمن القومي على مستوى السلطة القضائية والقضايا المتعلقة بها”(وكالة أنباء فارس التابعة لحرس النظام 17 مايو 2022).
وما يزيل أي شك من الأذهان هنا هو أن إنشاء أجهزة جديدة في نظام الملالي يظهر أكثر من أي شيء آخر مدى تأزم النظام وخوفه من الانتفاضات الشعبية والإطاحة به.
يُعد تخوف علي خامنئي من وجود مجاهدي خلق بين الناس ككابوس دائم ومهيمن عليهم جميعا الأمر الذي دفع بكل الملالي من نواب علي خامنئي في صلوات الجمعة بالمدن للتعامل من منطق هذ التخوف بطريقة ما:
فقد قال أحدهم في ساري: “تُبثُ جميع أنواع مقاطع الصوت والفيديوهات والرسائل في الفضاء السيبراني من طرف المجاهدین ” (المعمم ليني 13 مايو2022).
وقال آخر في خرم آباد” يسعى مجاهدو خلق وراء إستنفار الشعب ودفعهم إلى الإحتجاج!” (المعمم شاهرخى 13 مايو2022).
وقال آخر في أصفهان: مجاهدو خلق يريدون القيام بزعزعة الإستقرار!) (المعمم طباطبائي نجاد 13 مايو 2022).
وقال آخر في شهركرد متخوفا من “سقوط النظام” مشيرا إلى منظمة مجاهدي خلق “إنها تسعى دائما وباستمرار لاستخدام أي قضية تخلق تحديات للنظام!” (المعمم نكونام 13 مايو 2022).
ويستخلص الآخر مستذكرا كابوس النظام قائلا “من المحتمل وقوع أحداث سيئة كتلك التي جربناها سنة 2019!” (صحيفة جهان صنعت 18 مايو 2022).، ويقول الآخر إن الأوضاع تأخذ منعطفا بحيث “من المحتمل أن تكون بصورة أخطر من إنتفاضاتي 2017 و 2019”.
وقد وصلت هذه الكوابيس لدرجة أنهم عندما يرسلون قواتهم لقمع انتفاضة خوزستان يجدون أن خراسان قد اضطربت في الغد، وعندما يرسلونها إلى خراسان يجدون أن نيران الانتفاضة قد هبت من أردبيل وسيستان وبلوشستان ويريدون السيطرة عليها هناك، ثم تنهض لرستان وجهارمحال وبختياري منتفضة، وهلمجرا … (صحيفة جهان صنعت 18 مايو2022).
الترابط المتصاعد بين الشعب وهيئة قيادة الانتفاضة!
ما يثير غضب قادة النظام هو الترابط المتزايد بين الاحتجاجات الشعبية وهيئة قيادة الانتفاضة التي يطلق عليها النظام إسم “الألبانيون”، على إعتبار أن ألبانيا دولة أوروبية ويعتبرها المجتمع الدولي كونها دولة مضيفة للقوة الرئيسية للمقاومة الإيرانية أي أشرف 3 التي سافر إليها مؤخرا السيد مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي السابق والتقى هناك مع السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية.
وتحدث خامنئي في خطابه بتاريخ 25 يناير 2016 عن “العدو” قائلا إنه “إذا لم يتم إيقافه” فسوف “يدخل البلاد” وعندها “سيتعين علينا قتالهم هنا في كرمانشاه وهمدان وباقي المحافظات لنمنعهم!” ولكن “لسوء التقدير الكبير” لدى علي خامنئي وهو أنه لا يمكن الفصل بين الشعب والمقاومة الإيرانية وخلافا لتوقعاته الآن أكثر من أي وقت مضى حيث تجذرت المقاومة الإيرانية في المجتمع الإيراني وبات لها حضور واسع في أوساط الشعب، وما “وحدات المقاومة” إلا رؤوس أعمدة وزهور نبتت متأصلة من هذه الجذور وقد تمكنوا من توجيه الاحتجاجات نحو مشروع إسقاط النظام، ولا يمر يوم واحد دون أن تكون لهم فعاليات فيه، وفي هذا السياق بالإضافة إلى الأنشطة الدعائية المكثفة لوحدات المقاومة وإحراق مراكز عديدة للنظام نسمع في الأيام الأخيرة أن شباب وحدات المقاومة قد “هاجموا مقر القيادة المركزية لهيئة سجون نظام الملالي غرب سجن إيفين”، أو تعرض الحرس وذوي رتب عالية بهذا النظام للهجوم في محافظات مختلفة من إيران.
كلمة أخرى،
وعلى الرغم من مساعي نظام الملالي من مشاريع ومخططات مختلفة بكلفة مليارات الدولارات إلى شيطنة مجاهدي خلق وتشويه سمعتها، وفيما يتعلق بالمقاومة الإيرانية فقد سعت إلى الحد من فاعليتها على الأقل أو “تدميرها”، إلا أن المجاهدين كانوا دائما قادرين على وضع أنفسهم والمقاومة الإيرانية في فلك “المنافس الوطني الوحيد” في مواجهة هذا النظام والحفاظ على هذه المكانة، وتسجيل انتصارات عظيمة للشعب على جانبي حدود إيران.
ولقد دأب هذا النظام على إظهار كل عار على أنه “حرب مقدسة”، وتغطية ووضع كل جريمة وسلب ونهب بلباس “المسلمين والشريعة الإسلامية”، وارتداء رداء “محبة ومحبي إيران”، وفي الجانب المقابل كان المجاهدون القوة الوحيدة التي اعتمدت منذ اليوم الأول إستراتيجية وشعارات “ليسقط النظام” تلك الإستراتيجية والشعارات التي تردد صداها مرارا وخاصة في الأسابيع الأخيرة بالأماكن العامة داخل إيران وتتصاعد يوما بعد يوم.
نعم إن شباب وحدات المقاومة الآن على الطريق الذي أسسه وبدأه المجاهدون قبل أكثر من أربعة عقود! وقد تعلم الشعب الإيراني وفي مقدمته شباب وحدات المقاومة من التجارب أنه عندما يفتح النظام النار على الشعب فإن السبيل الوحيد لإنقاذ الشعب والوطن يكون بالترابط مع المقاومة الإيرانية وحمل السلاح وإسقاط وسحل النظام الدكتاتورية المتسلطة على أرضهم، ولا شيء غير ذلك!
وما تجري هذه الليالي من انتفاضات جماهيرية في آبادان والأهواز وانديمشك وشاهين شهر وايذه وجزيرة مينو وبندر عباس وغيرها من مدن الجنوب على خلفية انهيار مبنى متروبول في آبادان خير دليل على جهوزية الشعب لإسقاط النظام لأن المتظاهرين يستهدفون رأس النظام بشعاراتهم الموت للديكتاتور والموت لخامنئي والموت لرئيسي.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.