إن العنف الأسري لم يكن وليد الصدفة بل له مقوماته في المجتمع قال تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ)1- لذا تجد العلماء ركزوا عليه في دراساتهم بكل اشكاله المعنوية والمادية حتى سلط الضوء عليه اعلامياً في مختلف المضامين ومنها المراحل العمرية وهي سابقة خطيرة تغيب فيها الطفولة والفهم الصحيح للتربية ولعلها تشجع على انتشاره .
الطفولة والعنف :
إن التربية أساس في الأسرة تبدأ منذ الطفولة حتى لا يكون هناك تنمر وسط الاطفال انفسهم لأن دور الأسرة صمام أمان فيها وهذا السلوك العدواني نجده في الأسرة والشارع وكل مكان من العراق الغرض منه السيطرة وتحديد مساره ,أن القوي يفرض سيطرته على الضعيف ولا نستغرب عندما يمارس هذا الدور على الوالدين أن ضعفت قواهما قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ)2-.
إن التربية التي أعتمدها الاباء على أطفالهم في تلك الفترة وهم يعيشون التنمر على بعضهم البعض حتى اصبحت سمه يمارسها احدهم على الاخر كأن الأب قال تعالى: (خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ) 3- متسلط يفرض سيطرته على الزوجه وهذه لا حول ولا قوة لها الا الصبر وكذلك الزوج وان كانت الزوجة متنمرة عليه فهو يعيش العزلة والهروب من البيت تاركاً الاطفال في جو التعسف والضياع ,من الاعتداء اللفظي ولعل الجنسي…
دوافع وجود العنف الأسري:
إن الدوافع لهذا العنف هي فرض السيطرة من القوي على الضعيف مستخدماً وسائل العنف الجسدية واللفظية وحتى المعنوية مما تجدها في الأسرة والشارع والعمل وهذا كله تسخير لتحقيق اهدافه تاركاً النتائج على الضحية وأثارها المحسوسة أو الملموسة عليها وهي اثار تكون نفسية أكثر مما تكون جسدية لأن النفس هي من تتأثر بمقتضاه .
إن الظروف لهذه الدوافع غالباً ما تنبع من ذات الإنسان وتأثيرها على نفسه نتيجة الاهمال وسوء المعاملة في البيت منذ الطفولة وهي تراكمية نوازع نفسية مختلفة حتى تصل إلى عقد نفسية لعلها تصل إلى الانتحار في نهاية المطاف والدراسات تثبت أن الطفل الذي تعرض إلى العنف في مقتبل حياته يكون أكثر ميلاً إلى استخدام العنف على الاطفال الذين لم يتعرضوا إلى العنف في فترة طفولتهم .
سلوكيات مخالفة للشرع:
إن السلوكيات التي يقترفها الاباء بحق ابنائهم غالباً ما تكون مخالفة للشرع الحنيف وهو اقتراف ينعكس على التربية فيما بعد ولعله يصل إلى عقوق الوالدين وهو عامل وراثي انعكس على الطفل تكويناً.
إن الدوافع السلوكية تأني نتيجة الخوف على الاطفال مما تنعكس سلباً عليهم ولعل العيب لدينا أكثر من الحرام وهو سلوك خاطئ تفرضه الأسرة في تربية أبنائها كتفريغ شحنة الخيبة والعوز والفقر والحرمان على الأسرة .
الدوافع الاجتماعية والاقتصادية:
إن الدوافع الاجتماعية والاقتصادية تمثلت بالتقاليد قدر الامكان مما تجدها في مجتمعنا مجتمع ذكري حسب العادات الموروثة في المجتمع تمتاز بالقوة والعنف وهذا مقياس يقاس به العنف الأسري نتيجة الاباء الذين يرون القيادة بالرجولة وهذا غالباً ما يتحكم بإناث ومن هو اصغر منهُ مفرغ الشحنة الابوية فيهم حتى لا يسقط من الرجولة والمرجله.
وسائل الإعلام:
إن الأسرة التي عبثت بها وسائل الاحتلال الأمريكي وكذلك وسائل الاعلام وتغيب القيم والمبادئ فيها حتى المعلم الأب الثاني الذي يضرب امام وسائل الاعلام والسوشل ميديا بين الضحك والتشفي ولن ينكره ناكر فكيف تجد النتيجة من القوات الامريكية التي عاثت بقيمنا ومن نصب نفسه اماماً عادلاً في رعيته واضعاً الشاهد على سياسة الغرب في التربية عند الاطفال وهم يشاهدون اشكلاً من العنف (العنف اللفظي والتحرش الجنسي وعملية الابتزاز والاعتداء والتهديد …)وهذه الافلام تجدها في الالعاب وفي كل مكان يمارسها صباحاً ومساءً ولعله يسهر إلى الصباح الباكر دون اكتراث .
إن السيطرة على الاطفال باتت مشلولة الجانب فأن ألأسرة لها دور كبير في تفشي الامراض المستوردة من خلف الحدود حتى الالعاب غالباً ما تكون مسلحة ويخطط لها الاطفال في عملية السطو المسلح وعملية التسديد والتصويب… وليس فكرية وهناك دراسات مكثفة تجدها عبر مسار كوكل وهي تضع 85% إلى 90% من المشاهد الدموية تجدها عبر الشاشة أن كانت في التلفزيون أو شاشة الكمبيوتر أو الشاشة الصغيرة التي أمست في اليد تشاهد فيها كل شيء دون رقيب أو حسيب الا ما رحم ربي .
أختم حديثي عن العنف الأسري ومن ينادي بالكف عنه وهو ضجيج مصطنع تنادي به مؤسسات المجتمع المدني وحتى وسائل الاعلام وهؤلاء يمارسوه في بيوتهم على ابنائهم وزوجاتهم وأزواجهم خوفاً من الانحراف وهو تأثير فردي ينعكس تدريجياً عليهم بعد ذهاب القوة منهم وهي اثار سلبية فعلى الأسرة أن تعود إلى رشدها الذي غيبه المحتل وعملائه في المنطقة .
المصادر
1- سورة البقرة: 178
2- سورة البقرة: 219
3 – سورة الأعراف: 199
عرض الإمام علي ونجليه وشيعتهم عبر التاريخ – الجزء الأول