23 فبراير، 2025 4:48 م

رواية “من هي صاحبة الاسم السري؟”.. الاحتفاء ببطلة منحرفة نفسيا

رواية “من هي صاحبة الاسم السري؟”.. الاحتفاء ببطلة منحرفة نفسيا

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “من هي صاحبة الاسم السري؟” للكاتبة “ألكسندرا أندروز” رواية تشويق بها بعض التحليل النفسي وبعض البوليسية وكشف غموض جريمة، لكن أهم ما فيها أنها تحكي عن طموح إحدى الشابات في أن تصبح كاتبة شهيرة وكيف أنها لم تحقق ذلك إلا بالدهاء.

الشخصيات..

فلورنس دارو: البطلة، فتاة عشرينية، تركت فلوريدا لتذهب إلى نيويورك لتحقق حلمها في أن تصبح كاتبة شهيرة، التحقت بالعمل كمساعدة في إحدى دور النشر لكنها تفاجئت بواقع أنها لا تملك خبرة كافية أو تجربة تتيح لها كتابة ثرية، كما فوجئت بأن هناك من تتاح لهم الفرص نتيجة لنشأتهم التي تمتلئ بالفرص وبالمميزات، فتحبط لتفتح لها فرصة غامضة وتكتشف أن هذه الفرصة ما هي إلا فخ.

“هيلين ويلكوكس”:  كاتبة ثلاثينية تعيش في عزلة وتكتب تحت اسم مستعار هو “مود ديكسون”، وقد حققت روايتها الأولى نجاحا مذهلا مما جعل الناس يتساءلون عن الكاتب والذي لم يكن يعرف أحد أهو رجل أو امرأة، ثم تعاملت معها “فلورنس” وكشفت سرها لنكتشف أنها شخصية مريضة نفسيا وقاتلة.

هناك شخصيات أخرى ثانوية على هامش الرواية.

الراوي..

الراوي هو راوي يحكي بضمير الغائب عن البطلة الرئيسية “فلورنس” مشاعرها وأحاسيسها وأحداث حياتها، وعن علاقتها ب”هيلين” ويكشف غموض “هيلين”، ويظل يتابع البطلة الرئيسية حتى النهاية كاشفا عن باقي الشخصيات من خلال الحوار.

السرد..

الرواية محكمة البناء، تبدأ بالحكي عن حلم الكتابة لدى البطلة وتستغرق في ذلك طويلا، ثم تدخل في حكاية أخرى وهي وقوع البطلة في براثن قاتلة تنوي قتلها وانتحال شخصيتها، لتتحول الرواية من الحكي عن البطلة وأحلامها وصراعاتها النفسية كفتاة مبتدئة تريد أن تصح كاتبة، إلى كشف غموض الكاتب “هيلين” وحكايتها وتغلب البطلة عليها بل وتحولها إلى قاتلة هي أيضا، لتحقق أحلامها وتنتهي الرواية بتحقيق البطلة حلمها بطريقة غير مشروعة.

حلم الكتابة..

“فلورنس” تحلم أن تكون كاتبة وتعيقها نشأتها المتواضعة، حيث نشأت كابنة لأم عزباء تعمل نادلة وتحتفظ بابنتها رغم أنها حملت نتيجة ليلة واحدة مع أحد الرجال، يرفض والدها الاعتراف بها وتربيها أمها التي تتشبث بها كحلم، وتحاول طوال حياتها أن تحقق من خلالها أحلامها التي لم تحققها هي. فتحاصر “فلورنس” وتدفعها دفعا إلى أن تكون ناجحة وفق توقعات أمها، لكن ميول فلورنس اتجهت نحو الكتابة وذهبت إلى نيويورك لتعمل كمساعدة في إحدى دور النشر، لتكتشف أن الأمر ليس بهذه السهولة وأن الكتابة أمر عصي وأنها هي نفسها عاجزة عن الكتابة، وتكتشف أن خبرتها في الحياة ضئيلة، وأن فتيات من عمرها عشن في نيويورك وتوافرت لهن فرص لحياة أفضل من أب وأم وطبقة اجتماعية وتوافر موارد ورفاهية، كل تلك الأمور تساهم في أن تصبح هؤلاء الفتيات كاتبات وتفتح لهن الأبواب بسهولة.

ثم رغم التعاطف مع البطلة نجدها تتصرف بانحراف نفسي فتستجيب لمديرها الذي يغويها وتمارس معه علاقة جسدية، وتحاول ابتزازه حتى ينشر لها مجموعة قصصية وهو لا يستجيب، وتنقلب الدنيا ثم تظهر لها فرصة أخرى أن تكون مساعدة لكاتب مشهور ومجهول لتبدأ في رحلة أخرى.

وتتناول الرواية متاعب الكتابة في أمريكا رغم التحضر الموجود، لكن رغم ذلك نجد أن الأشخاص الذين ينتمون للطبقات الكادحة تقل فرصهم كثيرا عن هؤلاء الذين ينتمون للطبقات المتوسطة والغنية، لأن الفرص تتاح لهم وتتوفر، بينما الكادحين يعانون من قلة الخبرات والتجارب ومن أشياء كثيرة، كما ترصد معاناة أبناء المناطق البعيدة عن المدن الكبرى الآتين من بيئات فقيرة حين يعيشون في نيويورك وكيف أن صخب نيويورك يطحنهم ويشعرون بالدونية.

كما تسلط الرواية الضوء على عالم الكتابة وعلى نجاح الروايات وجشع الناشرين الذين لا يهتمون سوى باستغلال شهرة الكتاب وجمع المزيد من الأموال، وكيف أن الكتاب الذي حازوا الشهرة وتتوفر لهم الأموال الكثيرة تتحول نفسياتهم هم أيضا، ويتم التعامل معهم على أنهم نجوم. فالكتابة الأدبية يتم التعامل معها بشكل تجاري وبمنطق رأسمالي مثل باقي الأنشطة في تلك المجتمعات.

قاتلة محترفة..

وعندما تلتحق “فلورنس” بالعمل مع “هيلين” فرحة بإتاحة الفرصة لها أن تكون مساعدة كاتبة محترفة وشهيرة وتستعد لأن تتعلم منها الكثير، تكتشف موت “هيلين” غرقا وتظهر شخصيتها المنحرفة مرة أخرى حين تحاول سرقة شخصية “هيلين “والتكتم على حادثة الغرق، لتكتشف أنها هي الضحية وأن “هيلين” انتوت انتحال شخصيتها وقتلها والتخلص من جريمة قتل سابقة أوشكت الشرطة على اكتشافها.

ولتتضح الخيوط أكثر لنكتشف أن “هيلين” بدأت عملية القتل وهي مراهقة وأنها زجت بصديقتها في السجن لتحاسب على جريمتها هي وأنها لم تكتف بذلك فقط وإنما قتلتها بدم بارد بعد خروجها من السجن، دفنتها في حديقة منزلها وأنها خططت للهروب وانتحال شخصية أخرى فأوقعت “فلورنس” لكي تنتحل شخصيتها.

الغريب في الأمر ليس تكشف انحراف شخصية “هيلين” التي فقدت أمها وهي صغيرة، وعاشت مع أب وجدة قاسيين لكن أن تكون البطلة نفسها انتهازية وتستغل كل الفرص لتكون كاتبة شهيرة، وتستغل رجل وتبتزه وتحاول انتحال شخصية “هيلين” بعد أن توهمت أنها ماتت غرقا. والأدهي من ذلك قتلها ل”هيلين” عمدا وقتلها لناشرتها عمدا ومع سبق الإصرار لكي يتسنى لها أن تصبح “مود ديكسن” وتكون الكاتبة الشهيرة الغامضة.

فهذه الرواية حازت على شهرة واسعة وإقبال كبير من القراء رغم أن البطلة مجرمة منحرفة نفسيا تسعى إلى طريق الشهرة بالتحايل وبالابتزاز والقتل والنصب، ما هي الميزة في أن تكون البطلة تمثل انحرافا نفسيا واجتماعيا وأن تسعى إلى الصعود طبقيا واجتماعيا بطرق غير شرعية أو إنسانية.

هل هذا يعكس مدى انحراف المجتمع الأمريكي الذي يحتفي بالأشرار والمنحرفين نفسيا واجتماعيا وأصحاب القدرات الخاصة في استغلال المواقف والظروف.

قالوا عن الرواية: “تمثل رواية من هي “صاحبة الاسم السري؟” الظهور الأول لألكسندرا أندروز، حيث قدمت عملاً من التشويق النفسي على سياق “غون غيرل”، قصة الشراكة بين روائية مشهورة عالمياً ومساعدتها الشابة والمحبطة، حينما تُجرَّد المساعدة من جميع آمالها في أن تصبح كاتبة ليكشف ذلك عن رغباتها الوحشية وقسوتها القاتلة”.- جودي كلاين من شركة ليتل، براون.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة