قبل أيام قليلة فوجئنا بتصريح تلفازي صادم على لسان المسؤول الأول لقطاع الكهرباء تضمن ما يفيد بأن (العراق به حاجة إلى استيراد الغاز الإيراني لمدة من ٥ إلى ١٠ سنوات مقبلة) ……………
إن صحت هذه التقديرات فهي إشارة عجز واضحة لعموم قطاع الطاقة في العراق والذي سوف يلقي بتبعاته على جوانب الأمن القومي كما تؤشر ايضا ً إلى الاخفاق الكبير في إستغلال الموارد الطبيعية في إنتاج الطاقة وتحقيق أمنها، وتالياً فهي تعني غياب أحد الشروط الاساس في تحقيق النمو الاقتصادي.
بعيدا ًعن توجيه الاتهامات، وعلى افتراض أن إطلاق مثل هذه التصريحات كان بحسن نية وعلى وفق حسابات سطحية في تقدير الحاجة المستقبلية لكمية الطاقة الكهربائية المطلوبة وعدم توافر الثقة في دقة الأرقام أو غيابها التي تتضمنها الخطة الوقودية والتي يجري إعدادها بالاشتراك مع الدوائر المعنية في وزارة النفط كطرف منتج وبقية القطاعات الأخرى كطرف مستهلك والتي يعتمد انتاجها على ما يتم توفيره ضمن هذه الخطة والمستندة إلى تقديرات تقدمها المؤسسات المختلفة لحاجاتها المستقبلية من أنواع الوقود المنتجة وطنياً، إلا أن ثمة أكثر من دلالة واضحة تشير إلى تردي مستوى المعالجات الاقتصادية المطلوبة المصاحبة لاخفاقات الخطط المستقبلية كونها ضعيفة لا تجاري متطلبات البناء والتطوير أو هي خطوات واجراءات وهمية بعيدة عن واقع الحال، تم وضعها بالاعتماد على خبرات متواضعة غير متمرسة وغير قادرة على رسم مسارات عملية في تسخير الموارد المختلفة لصالح النهوض والتخلص من القيود المفروضة.
هذا أمر، اما الأمر الآخر الذي يمثل، في خطورته، تهديداً كبيراً لمستقبل المجتمع العراقي ورفاهيته فهو التعمد المسبق للإبقاء على حالة التردي للقطاعات الانتاجية وضمان استمرارها في الاعتماد على الموارد الخارجية لأهداف اقتصادية وسياسية معروفة. إن التغاضي عن هكذا وقائع أو هفوات تعني الاستسلام أمام واقع مفروض ومريض على الاصلاء من العراقيين الوقوف من وسائل على المستويات كافة.
في كلتا الحالتين فأن الجهد الوطني النزيه والشجاع والمعروف بمهاراته في التصدي لأنواع التحديات الصعبة هو القادر على التغيير نحو البناء وتحقيق النهضة الوطنية على الأصعدة كافة.
* مهندس استشاري رئيس هيئة الكهرباء سابقاً.