ليس من مصلحة العرب الوقوف مع روسيا او ضدها في حربها مع اوكرانيا ولكن من مصلحتهم ان يكون لهم دور فاعل في المنظومة الدولية في ضوء المتغيرات التي بدت تفرزها وقائع تلك الحرب التي غيرت كثير من المفاهيم في موازين العلاقات الدولية ومنها التقارب في الرؤى بين روسيا والصين حول الاخطار المستقبلية بعد بروز النوايا السيئة للولايات المتحدة الامريكية وتحريض الدول الغربية ضدهما، وكذلك برود العلاقة بين روسيا وايران، وايضاً من افرازات تلك الحرب لم تعد امريكا قادرة على فرض املاءاتها على العالم وخصوصاً على السعودية ودول الخليج وكذلك لم تتمكن من فرض ارادتها على اوربا بالرغم من توحد وجهات النظر بين الاوربيين والامريكان بمواجهة ما يسمى بالخطر الروسي فأن هذا التوحد مرحلي قياسياً لحجم تباين الاراء والمواقف بين الطرف الامريكي والاوربي في كثير من المسائل الدولية لان اوربا تسعى ان تكون قطب دولي مستقل بينما امريكا تريد لها ان تكون تابع للسياسة الامريكية .. بمعنى ان المعطيات الجديدة التي افرزتها الحرب جعلت الطرفين الروسي والاوروبي اكثر عداء بعد ضخ كميات هائلة من الاسلحة المتطورة لاوكرانيا وبات من الضرورة بالنسبة لروسيا استقطاب دول اوربا الشرقية التي كانت ضمن المحور السوفيتي مما يعني هناك مستجدات طرأت على الخريطة السياسية في العالم يستوجب على العرب ان يكون لهم دور فاعل فيها من خلال الامكانات المتوفرة لدى الامة واهمها النفط الذي يعتبر من اهم مصادر الطاقة في العالم حيث اصبح اليوم المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي وفرض وجوده كسلعة استراتيجية بعد فشل امريكا والغرب من جعلها سلعة تجارية لذلك لابد من استثمار اهميته لتحقيق مصالح سياسية لان العرب يملكون النسبة الاكبر من انتاج الطاقة العالمي سواء النفط او الغاز فلابد وان تكون هذة السلعة الاستراتيجية حاضرة في تحديد مسار الازمات كما حصل من قبل في ادخال النفط سلاح في المعركة وكيف قام الملك فيصل رحمه الله من ايقاف تدفق النفط الى الدول التي شاركت وايدت العدوان الاسرائيلي في حرب الخامس من حزيران عام 1967 لذلك يفترض بالعرب أحياء شعار النفط في خدمة المصالح الوطنية والقومية وربط عملية استقرار انسيابية التصدير باستقرار المنطقة .. بمعنى ماذا لو استغلت السعودية والامارات الفرصة بايقاف ضخ النفط بعد كل ضربة صاروخية يقوم بها الحوثيين بحجة حماية المنشأة النفطية اكيد بعدها سيتحول الغرب المنافق من داعم للحوثيين في الخفاء والعلن الى مناهضين لهم واكيد سوف يرسل بايدن المبعوثين مثلما ارسل الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون وزير خارجيته هنري كيسنجر للتوسل بالملك فيصل بعد ايقاف ضخ النفط الى الدول التي ساندت العدوان الاسرائيلي في حرب الخامس من حزيران، وكذلك بالامكان استخدام النفط كوسيلة ضغط في كثير من المشاكل الاقليمية ومنها الضغط على سير المفاوضات في فيينا ليكون للنفط دور فاعل في مواجهة الانفتاح الامريكي اللامحدود الى ايران فلابد للعرب من خلط الاوراق وارباك الاسواق بادخال النفط ورقة ضغط لتحقيق مصالحهم القومية او على اقل تقدير المساومة مابين حسم مشكلات اقليمية تعني بالامن الوطني والقومي مقابل حسم مشاكل دولية من خلال العوامل الاقتصادية التي اصبحت اليوم هي المحرك لبوصلة السياسة العالمية واساسها ( النفط ) الذي بات معيار لتحديد أسعار مختلف السلع في الاسواق العالمية، وتلك ليست اماني واحلام لانه لو توفرت الارادة القوية لن تتمكن امريكا من فرض ارادتها على العرب خصوصاً وانها اليوم في تراجع امام العديد من الملفات العالمية ولم تعد قادرة على فرض املاءاتها على كثير من الدول .