سيواجه العنوان اعلاه اعتراضاتٍ ما قد تكون جمّة ” من هنا وهناك ” , وسيّما عند او بعد ترجمته الى الأنكليزية او لغاتٍ اخرى . وعلى الرغم من عدم الإنحياز هنا الى جانب موسكو او الرئيس بوتين شخصياً , لكنّما دفاعاً عن العنوان , فنستعيرُ هنا الى مقولةٍ فقهيةٍ من احدى المذاهب الإسلامية ” المذهب الجعفري ” التي مفادها : < نحن اصحاب الدليل , نميلُ حيث يميل > .!
إذ تفاجأ المراقبون ووسائل الإعلام برمّتها , وايضاً بعموم الرأي العام العالمي بخطاب الرئيس بوتين يوم امس , بعدم تضمينه ايّ مفاجأةٍ جديدة على صعيد الحرب والمعارك الدائرة في بعض مناطق اوكرانيا , وخصوصاً عدم حصول تطوّر عسكري – نوعي مفاجئ في جبَهات القتال , وبدا كأنّ الرئيس الروسي كان متعمّداً في ذلك لإظهار نزعة او توجّهاتٍ سلمية ازاء مجريات الحرب ودونما تصعيدها ” وهذا ما يبدو او يترآى على الأقلّ .! وربما ما قد يتبع ذلك لاحقاً .
ثُمّ بالرغم من ايّ حرب لا تجلب سوى الخسائر البشرية والمادية والدمار في المفهوم العام , لكنّ كلا عنصريّ الستراتيج لأيّ حرب انما يكمن في الأسباب التي تدفع نحوها , ثم الى الأهداف التي تتحقق جرّاء هذه الحرب , وهذا اضحى من المسلّمات والبديهيات ” ولا نطرح جديداً في ذلك ” انّما نؤشّر الى عدم التعرّض وعرض واستعراض الأسباب اللواتي دفعت روسيا لمهاجمة اوكرانيا , والتي غدت معروفة , بَيدَ أنّ الذين يفتقدون بُعد النظر والبصيرة السياسية , او الذين يتجاهلون عمداً بعض المجريات الخاصة للحرب الدائرة , فالجميع من هؤلاء ومرادفاتهم يتغافلون أنّ بمقدور القيادة الروسيّة تحويل نهار العاصمة كييف الى ليل ” وحتى دونما اقتحامها ” , وبوسع القيادة الروسية ايضاً قصف وتدمير القصر الرئاسي الأوكراني ووزارة الدفاع ومقر قيادة الأركان ” حتى في مقرّاتها البديلة في بعض الدوائر الحكومية والبنايات الأخرى ” , ولم تجرِ محاولة قصف خزانات الوقود وشبكات الكهرباء والجسور وحتى خزانات المياه في كييف , وكلها اهدافٌ مشروعة او مشرعنة في الحروب , وتتبعها المنشآت الأقتصادية والصناعية التي تغذّي آلة الحرب لدى الخصم , وما اسهل من تنفيذ ذلك عبر الصواريخ والمقاتلات والقاذفات الروسيّة , لكنّ موسكو تنآى بنفسها عن ذلك , وتركت العاصمة الأوكرانية تعيش لياليها وايامها كما قبل وقوع الحرب , وهذه حالةٌ فريدةٌ وشديدة الندرة الندرة في المعارك والحروب , ولعلّ أقلّ ما يقارن في ذلك وفي سواه هو ما قامت به الولايات المتحدة في تدمير وتسوية العاصمة الفيتنامة مع الأرض ولم تبقِ فيها شيئاً مرتفعاً عن الأرض , وإنّ الأقرب من ذلك هو ما قاموا به الأمريكان في حرب عام 1991 من تدمير الأخضر واليابس في العراق وبأستعمالها لليوارنيوم المنضّب وغير المنضّب ” بنسبٍ ما ” هي وبريطانيا التي اعترفت بذلك , وهذا اقلّ ما يقال عن ” التحضّر ” في هذه الحرب وفي تلكُنَّ .!
وللحديث بهذا الشأن شؤونٌ وشجونٌ أخريات .!