المنطقة تخضع لعمليات تكرير بإسم الديمقراطية , وما تسعى لتحقيقها؟!!
فما يحصل عبارة عن سلوكيات وتفاعلات معادية للديمقراطية , بمعانيها وتقاليدها ومبادئها الحقيقية , اللازمة لصناعة الحياة الأفضل.
فمثلما نضع النفط الخام في مراجل التكرير , فتنعزل مكوناته وتتفت محتوياته , فنحصل على مشتقاته المتنوعة المعروفة , فأن الديمقراطية في المجتمعات العربية , لم تكن إلا مرجل تكرير , لفصل محتويات المجتمع عن بعضها , والوصول إلى مشتقاته التي يمكن إستخدامها لتدمير بعضها , وتحقيق أعلى درجات الفوضى الحضارية , والإضطراب الإجتماعي الفتاك.
فما يجري يمثل هذه الآلية الفعالة , التي قضت بتحويل المجتمع إلى مشتقات ومسميات وتوصيفات , إرتدت ملابس سميكة , وتمترست في ذاتها وموضوعها وكأنها السلحفاة.
وهذا الأسلوب قد دفع إلى تعزيز الصندقة , أو الإنكماش داخل جدران الحالة الناجمة عن التكرير , فانتفى الوجود الإنساني الوطني الأصيل , وغاب معنى أن يكون هناك دولة ووطن , وحكومة ذات قدرة على إدارة شؤون البلاد والعباد.
فالنفط غير البنزين والنفط الأسود والديزل والإسفلت , وغيرها من المشتقات الناجمة عن تكرير المادة الخام , ولكل منها خواصه وإستخداماته.
فالمجتمع العربي مادة خام متفاعلة متماسكة كثيفة , ذات درجات عالية على المقارعة والمقاومة والمطاوعة والتحدي والبقاء , عندما تكون في صيرورتها الخامية التي مضت عليها على مرّ العصور.
وتكون في أضعف حالاتها , عندما تسمح لمراجل الإفتراس الحضاري بتكريرها , وتحويلها إلى مواد قابلة للإشتعال والتحول إلى دخان ورماد وحطام.
فالمشتقات الناجمة عن تفتيت الوجود العربي في مراجل الديمقراطية , تحرق بعضها وتنهي جميعها , ولا يبقى منها ما يمتلك قوة وقدرة حضارية ذات قيمة ومعنى.
وفي هذا المأزق الإفنائي , يجب أن يدرك المجتمع إلى أين ستأخذه الدعوات الديمقراطية , التي صارت قناعا وأداة للتفتت والتمزق والإحتراب , والتفريق والإنقضاض على كل قوي ووطني.
وعلى جميع المشتقات الناجمة عن حرارة ضغط وقوة هذا التكرير , أن تؤوب لرشدها وطبيعتها الخامية , فتؤمن بأن المجتمعات بحاجة لوطن ودولة وحكومة وقانون ودستور , وليس إلى مشتقات ومجاميع وفئات , لا تعرف سوى إستنزاف بعضها وتدمير كلها!!