إبداعنا , دامع حزين , وكأننا لا نسمي الإبداع إبداعا إن لم يكن مخضبا بالدموع ومخضلا بالنجيع , وعلى هذا المنوال يمضي الإبداع , وعندما تتساءل , يكون الجواب بأنه يعبّر عن الواقع المأساوي الذي تعيشه الأمة , وأن الإنسان في مجتمعاتنا يتفاعل مع الدم والدموع وبإنفعالية فائقة.
فهل أن الإبداع مرآة الواقع؟
لكي يكون الإبداع إبداعا حقيقيا أصيلا عليه أن يسعى لتغيير الواقع , وضخه بطاقات إقتدارية على التفاعل مع التحديات في الحاضر والمستقبل؟
أما القول بأن الإبداع مرآة الواقع , فيؤسطر حالات يمكن أن يدونها أي شخص وتحسب على أنها تأريخا , فالأمم التي يتكاثر فيها المبدعون من المفروض أن تكنز طاقات متوثبة نحو الأمام الصاعد , لا أن تتدحرج إلى الوراء النازل.
وعليه فأن هناك عاهة فاعلة في المبدعين بأنواعهم , وكذلك المفكرين , لأنهم لا يتفاعلون مع الواقع بهدف تغييره وضخه بطاقات التجدد والإنطلاق , وإنما يحتهدون في الترسيخ والإستنقاع والبكائيات والنواح المخيب للآمال والطموحات.
إن الأمم الحية لا تذرف الدموع , بل تتحدى وتقاوم , وتصول وتصمد , وتؤمن بغدها الأقضل , وتستحضر طاقاتها , وتشحذ عزائمها , وتبني إرادتها الصلبة العزومة , المتطلعة إلى أهدافها بإيمان مطلق بقدراتها على أن تتجاوز المصدات وتكون.
إن الإبداع الدامع تخريبي النوايا والغايات , ويساهم في العدوان على روح القوة والحياة , ولهذا تجد المجتمعات المعاصرة لا تؤيده , ولا تنشره في وسائل إعلامها ومنابرها المعرفية , لما له من أضرار فادحة على المجتمع , بينما عندنا يسود الإبداع الدامع الواهن , المستلقي على فراش التبعية والإستسلام والتقليد , وكأننا نريد أن نبيد.
فهل لنا أن نأتي بإبداع نافع ؟!!