18 ديسمبر، 2024 10:16 م

اضراب محطات المحروقات

اضراب محطات المحروقات

قبل ايام اضرب اصحاب محطات الوقود الاهلية وخلقت ازمة حادة في التوزيع على اثر قرار لوزارة النفط برفع اسعار المحروقات وإلغاء السماح في تجهيز البنزين بمقدار يتراوح بين ( 700 – 1000 ) لتر في كل صهريج من حمولة 35 الف لتر لسد الضائعات تزودهم به الوزارة من سنوات طوال , وتبادل الطرفان الاتهامات ولم تفصح الوزارة عن سبب الاضراب في ساعته الا بعد ان شاع وتحدث عنه المتضررون من اجرائها وامتداد الطوابير امام محطات الوقود الحكومية لعدة كيلو مترات وعودة الكوبونات في التجهيز في بعض المحافظات .

ذكرنا الاضراب بما سمي اضراب البنزين على اثر رفع سعره في عهد عبد الكريم قاسم وكان مما هيأ لإطاحة حكمه وغيره من الاضرابات والاحتجاجات على مر العهود التي لها علاقة بحياة الناس اليومية وتؤثر في معيشتهم وتؤشر على خطأ السياسات الحكومية وارتجا ليتها . وفي ظاهرة فريدة من نوعها لا تحصل كوردستان على كفايتها من الوقود بأنواعه ويباع بضعف سعره واكثر في الاقليم …

لقد انتهى الاضراب باتفاق تدخل فيه مجلس النواب قبل ان يتفاقم ويأخذ مناحي اشد تأثيرا وضررا , ولكن الوزارة لغاية الان في الاعلام تبرر ما لا يبرر وبعيدة عن جوهر المشكلة التي تدركها جيدا , وتنفي وجودها وتصف المضربين بانهم ” متلاعبين ومهربين ” , بل ان البعض اعتبر اضرابهم شكل من اشكال الارهاب !. وما الى ذلك مما يشي بانها مستمرة في معالجتها السطحية لمسألة اقتصادية وسياسية في ان واحد . وهي محاولة منها لرفع سعر البنزين وتقليص الدعم عنه في وقت قادم بذريعة ارتفاع سعر البرميل عالميا , حتى ان احد المسؤولين اعطى مثلا بان سعر اللتر في الولايات المتحدة يبلغ اكثر من 2 دولار ! ونحن نبيع ارخص من بلدان الجوار غير انه لم يذكر لنا بلدا نفطيا واحدا منها زاد اسعار المحروقات مثلما فعلت حكومتنا مع سعر النفط الاسود وبالتالي ارتفعت اسعار الكثير من السلع .

دائما المسؤولون يتذرعون بانهم يدعمون المحروقات ب( 3 ) ترليونات دينار سنويا وهي ثمن استيراد ( 16 ) مليون لتر من البنزين , على ما يبدو الحكومات مرتاحة لما ينفق ولها مصلحة فيه , وهذه الارقام تدين الحكومة وتحديدا الوزارة قبل غيرها , فهي لم تجد حلا للمشكلة منذ 19عاما , ولم تتبع سياسة حكيمة وتنموية معللة تستجيب لمتطلبات الاقتصاد الوطني ببناء المصافي منذ التغيير ولحد الان لسد الحاجة للاستهلاك المحلي , اي مصفى يمكن ان يبنى بحدود ثلاث الى اربع سنوات اذا كانت الحكومة جادة , حتى مصفى بيجي تأهيله متلكأ , اما مصفى كربلاء متأخر عن موعد انجازه والذي من المؤمل ان ينتج 9 ملايين برميل يوميا , ومصاف اخرى سمعنا تصريحات عنها ولم يظهر لها اثرا . الظاهر ان الاستمرار في الاستيراد انفع وادسم لبعض الجهات .

كنا نتمنى ان يكون هذا الاضراب دق ناقوس الخطر لمن يسمع والابتعاد عن سياسة التخوين والتهديد والتذكير بأساليب النظام المقيت ويعالج السياسة الخطأ والاستجابة لمتطلبات البناء والاعمار في هذا القطاع الحيوي , من خلال التوسع في انشاء المصافي والاستغناء عن الاستيراد الذي يستنزف ثروات البلاد التي هي احوج ما تكون اليها في استنهاض الاقتصاد الوطني وتطويره وتوظيفه في تحسين احوال المواطنين والعودة الى التوسع في انشاء المحطات الحكومية ,والخلاص من الفساد والسوق السوداء المنتشرة في الساحات والشوارع والتي بات البنزين يباع بالقناني كانه دواء في بلد يطفو على بحيرات منه .