22 نوفمبر، 2024 12:36 م
Search
Close this search box.

إنتباه رجاء فما يُخطط له كبير وخطير جدا !!

إنتباه رجاء فما يُخطط له كبير وخطير جدا !!

أقر وأعترف بأنني كنت أهتم بالسيرة النبوية العطرة ومجمل الاحداث التأريخية ولاسيما في عصر الاسلام الاول وما سبقه من عصر جاهلي ، وما لحقه من عصر الدولة الاموية والعباسية والعثمانية وصولا الى عصور النكوص والتردي والاستدمار والتفكك والتشرذم والانحطاط والى يومنا هذا ظنا مني بأن مطالعة التأريخ وملاحقة أحداثه ستحيلك الى مستغرق ومستوعب لوقائعه بإمكانك أن تستنبط منه ما ينفعك ولايضرك لفهم ماضيك ، وتحليل حاضرك ، واستشراف مستقبلك لأن التأريح وكما يقول المؤرخون المخضرمون يعيد ويكرر نفسه ، مستلهما في جولاتي التأريخية العبر والعظات المستنبطة والمستفادة من مجمل أحداثه فحسب وذلك في حقبة ما من حياتي ، ثم ما لبثت ان صرت قرآنيا في حقبة أخرى أقرأ بعض التفاسير ونبذة عن أسباب النزول ومعاني المفردات والقصص والمثل القرآني اضافة الى أحكام التلاوة والتجويد ” وقال مقام العجم والحجاز ، ورد مقام الكرد والسيكاه ..وووبس !!” ، ظنا مني بأني اسير بذلك على خطى – الفخر الرازي ، ابن كثير ، الطبري ، الالوسي ، النسفي ، القرطبي ، البيضاوي ، السيوطي ، رشيد رضا ، ونحوهم من المفسرين الاجلاء ” الا أنني لم أكن أهتم الا لماما بكتب السنة النبوية والحديث النبوي الشريف لأنها لم تكن موجودة الا قليلا سواء في المكتبات العامة او الخاصة أو في معارض الكتب ..ثم مالبثت أن صرت حديثيا – هكذا ازعم وهكذا ادعي – بعد دخولها وطباعتها ونشرها وتوزيعها بكثرة أواخر الثمانينات وبداية التسعينات في حقبة أخرى وبت أقرأ في كتب الحديث النبوي والسنة المطهرة وأوليها إهتماما لابأس به ، فيما اكتفي من القرآن الكريم بتلاوته وحفظ بعض سوره وأواخر أجزائه ولكن من دون بقية علومه الشريفة الأخرى التي لا تقل وبأي حال من الأحوال عن الحفظ والتلاوة أهمية بالمرة نحو علوم ” الناسخ والمنسوخ …المحكم والمتشابه …المكي والمدني …المثل القرآني …القصص القرآني …معاني الكلمات …أسباب النزول …أحكام القرآن …القراءات السبع والعشر ..المترادفات والمجازات …البلاغة والبيان في القرآن ..المفصل والمجمل في القرآن …العام والمطلق في القرآن …إعراب القرآن …إعجاز القرآن ..الالمام بأنواع التفاسير والفرق بينها (( التفسير بالمأثور ..التّفسير بالرأي ..التفسير الموضوعي …التفسير البلاغي واللغوي ..التّفسير الإشاري ..تفسير آيات الأحكام ..التفسير الاجمالي ..التفسير المقارن ..التفسير التفصيلي )) …التصوير الفني في القرآن …ونحوها ” ولم أزاوج بينها في كلا الحقبتين حيث كانت الانتقالة متسامية من دون وسط ولا رابط بينهما ، وهذا خطأ فادح كنت قد ارتكبته في فترة ما وانا نادم عليه أشد الندم …لماذا ؟!اليكم نبذة لتقريب المراد الى الاذهان من غير اسهاب ممل ، ولا اقتضاب مخل .
الجواب وببساطة بعيدا عن التعقيد يكمن في فصل العلوم الشريفة بعضها عن بعض وهذه آفتنا المهلكة ، اذ أن علوم القرآن الكريم لاتنفك بتاتا عن السيرة النبوية العطرة ولا عن سير العرب في الجاهلية ولا عن سير وقصص الانبياء والرسل والاقوام و الامم السابقة التي سادت ثم بادت بتاتا ،كما انها لا تنفصم عن علوم السنة والحديث النبوي ، ولا عن الفقه ، واصول الفقه ، واصول الدين ، وفقه الحديث ، وعلوم النحو والصرف والبلاغة ، لأنها علوم آلة وغاية لن تلم بأحدها ولن تفهم مرادها ولا فنونها من دون الاخرى ،واضرب مثالا على ذلك فذات يوم وبينما كنت اواصل كتابة سلسلة ” آفات إجتماعية قاتلة ” وحين وصلت الى الحلقة 35 من هذه السلسلة اكتشفت بأنني كنت استشهد بخمسة الى عشرة أحاديث نبوية صحيحة أو حسنة خلال النص المكتوب الواحد لدعم ما اكتبه وتوثيق ما اطرحه شرعيا ، الا انني لاحظت بأنني لا أستشهد سوى بآية قرأنية كريمة واحدة غالبا ما تتصدر المقال ولكن من دون اية قرانية أخرى تتوسط المقال او تتخلله ولنفس الغرض الداعم لما اكتبه ..فسألت نفسي ” ترى هل هذا القصور الخطير ناجم عن بعدي عن القرآن الكريم واهتمامي بالسنة النبوية فحسب لفهم الشريعة الغراء والعمل بأحكامها واركانها وسننها ..ام انه نتاج طبيعي لقصور في ملاحقة ومتابعة ومدارسة وتعهد علوم القرآن الكريم العظيمة بالعناية والدراية اللازمة المشفوعة بقصوري على التلاوة والسماع والحرص على الختمة في رمضان كما يفعل عشرات الملايين من أمثالي من المسلمين في أرجاء المعمورة ، والاستماع الى القرآن الكريم في مجالس العزاء وكثير من الحضور يتحدث ويغتاب وينم ويهمز ويلمز ويغمز ويدخن السجائر فيما القرآن الكريم يتلى بينهم ،حتى أن احدنا ليكاد أن يطير فرحا بختم المصحف في رمضان وكأنه ” فاتح جنة قلعة ” مع انه لايفهم 70% ان لم يكن اكثر من معانيه ولا احكامه ولا يعلم شيئا عن علومه الجليلة ما خلا الحفظ واحكام التلاوة والتجويد والمقامات العراقية المصاحبة لتحسين النغم ، وترخيم الاداء ” والله عليك …اعد ياشيخ …عظمة على عظمة ..هذا مقام لامي …شوف شلون تحول من مقام البيات الى الصبا …ايباه شكد روعة النهاوند وبالاخص اذا اعقبه بالرست…عمي صوته يخبل !!” الا فيما ندر …أم انه رد فعل طبيعي وقناعات باتت تقبع في لا وعينا الجمعي خلاصتها ” ان السنة النبوية اكبر تأثيرا في المتلقي العربي خاصة ، والمسلم عامة ،واشد اقناعا لهم ؟ّ!” فوقفت طويلا ازاء هذا القصور وذلكم الخلل المريع محاولا استدراكه عاجلا غير آجل ….وما بعد الادراك سوى الاستدراك …!
مثال اخر فبينما كنت اسوق الاحاديث النبوية الشريفة واحدة تلو الاخرى مختومة بـ” صححه الالباني …حسنه الارناؤوط …صححه الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي …ذكره البخاري ..رواه مسلم …رواه اصحاب السنن …ضعفه فلان ، حسنه فلان ، كانت شقيقتي الكبرى تدرس نجلها مادة التربية الاسلامية الى جواري ، وقد وقفت المسكينة عند معنى كلمة ” عزين ” ومن ثم عند كلمة ” مهطعين” ومن ثم عند كلمة “وأمه هاوية ” و “نمير اهلنا ” فسألتني لظنها بأنني مستوعب لهذه المعاني ومدرك لها ” واذا بها تصدم اسوة بنجلها لترددي في الاجابة الفورية ، وانتظاري للتأكد بالرجوع الى المصادر ، واخالهما ولاسيما ابنها قد قالا بلسان الحال لا المقال ، ” خالو لعد خابصنه ، حسنه وضعفه ، تالي ما تالي طلعت هب بياض بعلوم القرآن العظيمة ؟!” .
المثالان الانفان وغيرهما كثير قد أعادا الى ذهني واستدعيا الى ذاكرتي مؤخرا وانا اطالع واتابع عن كثب ما يثيره ما يسمى بـ” القرآنيين الجدد ” من شبهات شتى بدءا من انكار المعراج ، الى انكار الصلوات الخمس والاكتفاء بإثنين منها هما الفجر والعشاء ، الى انكار حلول رمضان في غير شهر ايلول ، الى التشكيك بوقت الفطور وصلاة الفجر ، الى انكار صلاة الجمعة ، الى انكار فرض الصيام في رمضان والادعاء بانه على الخيار ودفع القدية حتى لمن يقدر على صيامه ، وليس على الاجبار وامثالها ، في ذات الوقت الذي تجري فيه محاولات مشبوهة لـ – محو السنة النبوية المطهرة – بزعم ان ” القران الكريم يكفينا علما وفهما ” يقابلهم ” مدارس حصرت العلم الشرعي ” بعلم الرجال والجرح والتعديل والحديث النبوي الشريف فحسب ” ، كل ذلك على حساب علوم القرأن العظيمة والجليلة ” يقابلهم مدرسة ثالثة اكتفت بالتأريخ فقط لاغير ..حيث لا اهتمام بقرآن كريم ، ولا بعلومه ، ولا بسنة نبوية ولا بعلوم حديث … والنتيجة العامة هي وكما يقول المثل الدارج = لا حظت برجيلها ، ولا خذت سيد علي !!
المطلوب اليوم وبإلحاح كبير جدا :
– العودة السريعة الى “القرآن الكريم وعلومه قاطبة وحذار من اتخاذها واتخاذه مهجورا ، وعدم الاكتفاء بالتلاوة والختمة والحفظ واحكام التلاوة والتجويد والنغم والمقام المصاحب للتلاوات والسماع فقط من دون فهم لمعانيه وعلومه واعجازه واحكامه ومثله وقصصه ومحكمه ومتشابهه ومترادفه وبلاغته واسباب نزوله ومفرداته ومعانيه ..ولابد من ادراج المعاني على الاقل في دورات تحفيظ القرأن ..لأن الامة اليوم فيها من القراء والحفاظ ملايين مملينة يحتفي بهم الناس ..الا ان عدد المفسرين والمنافحين والمدافعين عن القران الكريم لايكاد يذكر حتى خرج علينا امثال – محمد هداية ، وعلي ماهر ، واحمد صبحي منصور ، والكيالي ، وشحرور – وامثالهم مع جل احترامي وتقديري لمن يولون طروحاتهم اهتماما وهم كثر لأن أعداد الحفاظ والقراء والمجودين بين اظهرنا عشرات الملايين ، الا ان عدد المفسرين قليل وقليل وقليل جدا !!
– المطلوب اليوم الاهتمام بالسنة النبوية المطهرة وعلوم الحديث النبوي كثيرا وايلائها اهتماما كبيرا وربطها تماما بالقرآن الكريم ، وعدم اغفال او هجر او الذهول عن اي منهما ، لأن التفرد والانفراد بأحدهما على حساب الاخر بات مثلبة خطيرة ، وثغرة حقيقة دفعت اليوم كل من هب ودب للتطاول على السنة النبوية المطهرة والطعن فيها والتشكيك بها ولعل ما يثيره – ابو شيالات – المدعو ابراهيم عيسى ، وصاحب الدكتوراه الوهمية اسلام البحيري ، وما يسمى بمفتي استراليا خير مثال على ذلك …علما بأن الطعن بالسنة النبوية ومحاولة تنتحيتها جانبا هي الخطوة الاولى المشبوهة للطعن بالقرآن الكريم لاحقا بعد ان يتم تنحية الاولى وهناك ” محاولة حالية لتخصيص ، والتضييق ، والحد من السنة النبوية على ألسنة الناس ومجالسهم ، وفي خطب الجمعة ، ودروس الوعظ والارشاد ، ورسائل الماجستير ، واطروحات الدكتوراه مع وجود محاولة مشبوهة للنيل من السنة النبوية المطهرة ربما ستنتهي بمنع طباعة كتب علوم الحديث النبوي والسنن والصحاح وتحجيم نشرها وتوزيعها وتعليمها للناس ، وربما تجريم ذلك ايضا – وهذا ما اعتقده جازما – وقد بدأت المحاولات في هذا الاتجاه فعليا بزعم ” تشذيب السنة النبوية وتهذيبها ” .
– المطلوب اليوم ربط السيرة النبوية بعد ايلائها الاهتمام الكبير بعلوم القرأن الكريم والسنة النبوية لأن الطعن بالسيرة النبوية المطهرة وبشخوصها والتشكيك باحداثها = الطعن بنقلة وحملة القرأن الكريم والسنة النبوية ولات حين مندم …!
الخلاصة هي ان انكبابنا علم جليل من علوم الالة والغاية من دون اخر كان سببا رئيسا في تفردهم بدورهم ” واعني بهم المستشرقين …والقرأنيين …والشعوبيين وما يسمى بالتوييريين ” للطعن بكل علم من تلكم العلوم الجليلة على حده مستثمرين بذلك تفرقنا وتشرذمنا وتمزقنا وكسلنا وشحنا وبخلنا وجبننا وخورنا ” فهذا صار يشكك ويطعن بالقرأن الكريم علانية ..وذاك بات يشكك ويطعن بالسنة النبوية بكل اريحية …واخر يطعن ويشكك بالسيرة النبوية وباعمدتها ورموزها وشخوصها واحداثها من دون مساءلة تذكر “فحذار حذار من الفصل بين العلوم كليا ويتحتم الاهتمام بها كلها وبنفس الهمة وبذات المثابرة والجدية …لأن الديانة الوهمية ،المسماة جزافا بالابراهيمية ركيزتها الاساسية قائمة على اربع وهم يواصلون الليل بالنهار لتثبيت دعائمها وبقوة تمهيدا لبناء دخيلها على انقاض اصيلها :
اولاها الطعن والتشكيك في السيرة النبوية المطهرة وبشخوصها ورموزها …وثانيها الطعن في السنة النبوية المشرفة والنيل من مصادرها ومراجعها ، وثالثها الطعن بكتاب الله تعالى وتفسيره بالهوى ، ورابعها اثارة الخلافات واستدعائها مجددا بين الفرق والمذاهب الاسلامية قاطبة ليتولى كل فريق منهم تسقيط علماء واعلام ورموز والحط من قدر وعلوم وكتب الفريق الاخر جهارا نهارا ، عيانا بيانا ، وبكل سذاجة من دون الانتباه الى ان احدهم قد صار بيدقا وامعة وذيلا وذنبا رخيصا على رقعة شطرنجهم يحركونه كيفما شاؤوا ومتى ما شاؤوا وبكل بساطة ومن دون جهد يذكر = شكوك وارتياب كبير وفوضى فكرية عارمة لن يجد المذبذبون بدا بعدها من البحث اما ” عن الالحاد واللادينية واللا ادرية ” كمهرب لهم ، واما الجري المحموم الى احضان ” ديانة وهمية أو طوطمية أو افكار عبثية ووجودية ” واما الاكتفاء بطقوس واعياد ومناسبات ما انزل الله بها من سلطان جلها ان لم يكن كلها منتحل من امم سابقة حذو القذة بالقذة ولا اصل لها في الدين الحنيف ولا في كتاب ولا سنة ، لامن بعيد ولا من قريب يساعد على نشرها وانتشاره وتثبيتها وترسيخها التجار …تجار الاموال وتجار الافكار على سواء ..فإحذورا …اودعناكم اغاتي.

أحدث المقالات