تتراكم في المنطقة خاصةً “العراق” عناصر كثيرة تدفع في إتجاه تأزيم أوضاعها وعلاقات بعضها ببعض، مجتمعاتها ودولها وأنظمتها، والهدف هو المزيد من إبتزازها باسم “الأمن” والمزيد من طيها تحت عباءة الشرعية الدولية، التي هي أميركا وقاعدتها العسكرية المتقدمة “إسرائيل”، ثم يأتي دور الآخرين ومنهم إيران.
إذا تركنا جانباً موضوع “الإرهاب” بكل مارافقه من (فجور ديني وسياسي وإعلامي) ومازال مستمراً بذريعته، فإننا نستطيع تعديد الكثير من هذه (العناصر) التي يقف خلفها شبح (الشرعية الدولية) التي تستمد شرعيتها من القوة والغاب. ويصبح تسميتها بالقرصنة الدولية أو الإستعمار الدولي الجديد عارياً بغير براقع أو ذرائع.
تجمعت هذه العناصر كلها تقريباً في حصار الأنبار.. سأحاول قراءتها بالقدر الضروري من الوعي والإختصار.
أولاً: حصار الأنبار:- الذي يطبق عليها بصمت عربي لايختلف عن حصار (الغوطة) السورية. وإذا كان موضوع (القاعدة) هو الذريعة، فإن الحقيقة هي (العصيان) والبعد الجغرافي- “الأنبار” حلقة وصل بين طهران بغداد دمشق-، والرغبة في السيطرة عليها بأي ثمن حتى لو بـ”القصف الكيميائي”، والتخاذل العربي- الشريك- سيظل قائماً بعد أن حمل موافقته الضمنية رئيس الوزراء الأُردني لنظيره العراقي قبل تطويق الفلوجة بـ”يوم” واحد فقط. وكان أشبه بكُفرٍ عربي نقله مؤمنٌ “أُردني” ضوعفت حصته من خيرات العراق النفطية.
ثانياً: الغارة الإيرانية بقيادة المالكي على الأنبار:- بذريعة ضرب “داعش” في صحراءها. أعادت الغارة إلى الأذهان أحد عناصر التوتر والصراع، وتفرض إعادة نظر شاملة في كل ما ساد المنطقة في أعقاب غزو “العراق” وسقوط الأنظمة بالربيع والثورات. وتهاوي الباقيات الوارثات لمستقبل أظلم تسوده العتمة. ويطرح الهجوم الإيراني وتحدياته، مستفيداً من لسان العرب الذي طواه صوت داعش. أسئلة كثيرة حول ما إستهدفت إيران. وماتستهدف، وقد يقلب تصرفها المعادلات والحسابات، بانكشاف ظهرها لـ”معارضتها” في الداخل وسفاراتها في الخارج.
ثالثاً: الصراع العربي- الإسرائيلي:- الذي تبنت بعض دول النفط التقليدي والصخري تسويته.
رابعاً: الصراع العربي- الفارسي:- تعجز بعض دول النفط الكلاسيكي والنفط البديل تسويته. لسبب مهم للغاية يتمحور في أن “إسرائيل” تريد من “العرب” شيء، نقيض “إيران” التي تريد منهم أشياء. لينصفنا سمعنا وأبصارنا في المقارنة بين معاملة الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل، وبين معاملة الأسرى العراقيين والأحوازيين في سجون إيران والمالكي. الأسير الأول نتابع مصيره من الإعتقال إلى إطلاق السراح مروراً بمحاكمته عبر شاشات التلفاز فنطمأن عليه رغم معاناته من التعذيب النفسي. أما الأسير العراقي فنشاهده مرتين: لحظة إعتقاله حياً ولحظة تغسيله شهيداً. سبب أهم تتشارك فيه أنظمة مصابة بداء التوريث، يدفعها لتذكية الصراع العربي- الفارسي، الذي يدفع ثمنه دماً وأرضاً المواطن الأحوازي فالعراقي ثم السوري. لكي يتمسك المواطن في بعض أرض النفط والتوريث بعروة (مولاه) الوثقى متأثراً بمشاهد حرق ودفن البشر تحت الحجر بالقصف الجوي الماثلة أمامه في جواره وحوله. فيحمد الله على نِعّم أمنه وجيبه المرهونة ببقاء ولي نعمته وصياً عليه بصفة حاكم.
خامساً: لهب الأنبار سيحرق القرى “الكردية” بنيران المدفعية الإيرانية التي ستفتعل حدث أمني معين بالتعاون مع عسعسها في المثلث “العراقي- التركي- الإيراني” يوفر مبرران: الأول القصف بوحشية، والثاني تمنُع الساسة والعلماء الأكراد من التدخل ووقف زحف الهجوم الإيراني بقيادة المالكي على أشقاؤهم العرب. كي لايزيدون من وحشية واستياء طهران.
ولنا عودة لبعض هذه الموضوعات المرشحة للإستمرار، أو التفاعل، والتي سترسم نتائجها حدود الدول والقوى والمصالح.