مثل بغدادي اصيل يتناقله اهلنا سابقا للإشارة إلى بعض شيوخ العشائر التاركين لقراهم ونواحيهم ليقيموا عند بعض الأحياء السكنية من بغداد ، وكان هذا النفر من الناس على علاقة وطيدة بالنظام الملكي ، حتى أن الوصي وولي العهد آنذاك تزوج من ابنة امير ربيعة ، وكانت الإرادة الملكية تقضي بأن يعيين الملك ربع أعضاء مجلس الأعيان من شيوخ العشائر الاقطاعيين , , وكانت السياسة تدار من قبل جنرالات الجيش العثماني الوافدين على ظهر الدبابة البريطانية عندما احتلوا العراق عام ١٩١٧ ليشكلوا مع شيوخ العشائر وبعض العائلات المترفة مادة الحكم الجديد ، وكان الجميع السياسي كان لاهيا بالترف السياسي شأنهم شأن السياسيين العاملين على الساحة الان ، لا علاقة لهم بالناس رغم أنهم احتلوا المناصب التي تم خلقها من أجل اؤلئك الناس ، كل يوم يتخاصم فلان مع فلان ، ويقوم فلان بإسقاط حكومة علان ، وبلغ عدد الوزارات التي حكمت العراق للفترة من ١٩٢١ –١٩٥٨ أكثر من ٥٣ وزارة ، أي بمعدل وزارة لكل سبعة أشهر ، وبلغت نسبة الأراضي الزراعية المملوكة لعدد قليل من الاقطاعيين ٨٠٪ ، وان الفقر بلغ مداه وكانت أجرة عامل الطين ( العمالة) عام ١٩٥٨ (٤٠٠ فلس ) وكان راتب رئيس الوزراء ٤٠٠ دينار ، ( باستثناء المخصصات) ، لذلك كنا يرى السياسيين لا يعبأون بالوقت الضائع ولا بالمال الضائع ، ولا بمستقبل الأجيال الضائع ، لأنهم مترفين ، لا يدرون بالجوعان ، يتسكعون في الملاهي الليلية ، وكانت الأعوام تتقادم والعراق في تقدم لا يذكر بالقياس لبلد يملك ثروة هائلة وكفاءة عالية عند ابنائه ، واليوم يعيد سياسيونا وهم في الأغلب احفاد اؤلئك الشيوخ ، أو أبناء اؤلئك المترفين ذات السلوك لا يعبأون بالزمن ، وكان انسداد العملية السياسية ، هو مجرد انسداد في العلاقات العامة بينهم ، وهم كما يبدوا غير عارفين بأن الشاب العاطل عن العمل جوعان ، وان العامل عند مساطر ساحة ال ٥٥ وساحة الطيران لا يجد فرصة عمل ، وأنه هو الاخر يتمنى صيام رمضان لانه هو بالأساس جوعان ، وان من يحكمه شبعان ، والشبعان لايشعر بالجوع ، إلا ينطبق المثل الشعبي على حالنا اليوم ( الشبعان ميدري بالجوعان ) ،