17 نوفمبر، 2024 3:22 م
Search
Close this search box.

حسن المقال في الرد على من يزعجهم حقيقة إنقراض الرجال الرجال !

حسن المقال في الرد على من يزعجهم حقيقة إنقراض الرجال الرجال !

من عجائب التوافقات ولا أقول المصادفات أن أسطر كلماتي تلك في اليوم الذي توفي فيه الضابط البوليفي، ماريو تيران سالازار،هذا الرجل الذي كان قد أعدم سنة 1967″ تشي جيفارا ” أيقونة النضال حول العالم ، فبينما تلهج البشرية وستظل كذلك بإسم الطبيب الارجنتيني جيفارا ” بصفته ثائرا أمميا ضد الرأسمالية المتوحشة ومدافعا عن المبادىء الانسانية والعدالة الاجتماعية في كل أميركا اللاتينية ، أسوة بعمر المختار الذي وقف بوجه المستدمر الطلياني ، كذلك عبد الكريم الخطابي الذي وقف بوجه المستدمر الاسباني ، وعز الدين القسام الذي وقف بوجه المستدمر البريطاني والفرنسي والصهيوني ، عبد القادر الجزائري ، مالكوم أكس ، نيلسون مانديلا ، غاندي ، احمد ياسين ، وغيرهم الكثير من الرجال الرجال ، برغم التباين المناطقي و العرقي والايدولوجي والسايكولوجي والفسيولوجي والسوسيولوجي بين هؤلاء جميعهم بشكل أو بآخر، أقول شتان ما بين شخص مات رجلا بكل ما تعني الكلمة ، وأخر مات ذكرا ولو بعد حين ، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ..تعددت الاسباب والموت واحد ، وطعم الموت في أمر حقير ، كطعم الموت في أمر عظيم وخطير ، فقاتل جيفارا هذا ظل أكثر من خمسين عاما يلاحقه ويطارده شبح الأول بعد ان اطلق عليه النار في بوليفيا بينما كان جيفارا غارقا بدمه طريح الارض جريحا ومجردا من أي سلاح ، حتى أن القاتل كان قد اغمض عينيه ساعة اطلق النار على جيفارا لأنه مدجن ومستأنس وليس رجلا وكان حري به أن يأخذ الجريح أسيرا ليحاكم دوليا أو تبرأ ساحته ، الا أن الرجولة ليست بسطة في الجسم فحسب ، وانما هي خلق ، وقلب ، وعقل ، وسجايا ، وخصال ، وصفات ، وكاريزما كلها تؤشر الى أن فلانا من صنف الرجال ، وأن علانا وبخلافه من فئة الذكور ، وحسبك أن تستمع الى ما قاله الضابط سالازار شخصيا حين وصف تلكم اللحظة الحاسمة بقوله ” كانت تلك أسوأ لحظة في حياتي. حينها بدا تشي كبيراً وعملاقاً. عيناه كانتا تلمعان بشدة ” .
العالم اليوم تحكمه وتتحكم فيه منظومتان أو إرادتان أو أجندتان دوليتان ،أولاهما منظومة الاستبداد والدكتاتورية والاتوقراطية وهذه عبارة عن أنظمة مركزية شمولية تعمل طوال فترة حكمها جاهدة ولا تدخر وسعا ، ولا تألوا جهدا لـ – مسخ الرجال وتنكيرهم – ليكونوا أداة طيعة في يدها طوال فترة حكمها طالت أو قصرت ، رئاسية كانت أم برلمانية ، جمهورية أم ملكية أم سلطانية أم أميرية ، ولطالما طربت تلكم الأنظمة والمنظومات الشمولية حين يتناهى الى أسماعها أمثال شعبية خانعة يكثر ترديدها على لسان بعض الرجال في المجالس الخاصة والعامة نحو ” اليد الما تكدر تلاويها ..بوسها وادع عليها بالكسر ” و ” اليزوج أمي ..أكله عمي ” و ” امشي شهر ولا تعبر نهر” و ” يم العقرب لا تقرب ، يم الحيّه افرش ونام” و “علما تقنعهم انت حصيني ، جلدك یروح للدباغ” و ” اذا عندك حاجة يم الجلب ..كله حجي جليب ” ونحوها من أمثال – تخنيثية – يكثر تداولها شعبويا بما يؤشر الى وجود خلل قيمي في مفاهيم الرجولة واماراتها أسوة بالشجاعة والكبرياء لأن الرجال الأعزة وإن كان بهم خصاصة فإنهم يأنفون وفي جميع الأحوال عن وصم أنفسهم بأوصاف لا تعبر عن معاني الرجولة والعزة بل على العكس من ذلك تماما فهؤلاء المعتدين بأنفسهم والمعتزين برجولتهم لن تسمع منهم غير أبيات فيها من الشموخ ما فيها نحو قول الشريف الرضي :
طِلابُ العِزِّ مِن شِيَمِ الشُجاعِ ..وَسَعيُ المَرءِ تُحرِزُهُ المَساعي
وقول المتنبي :
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ …فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
وقوله ” من يهن يسهل الهوان عليه ..ما لجرح بميت إيلام ”
وقول الاصبهاني :
اقنع ولا تطمع فإن.. الفتى كماله في عزة النفس
وإنما ينقص بدر الدجى ..لَأخذه الضوء من الشمس
وقول ابو القاسم الشابي :
ومن يتهيب صعود الجبال ..بعش أبد الدهر بين الحفر
وقول عنترة بن شداد العبسي :
لا تسقني ماء الحياة بذلة ..بل فإسقني بالعز كأس الحنظل
أما المنظومة الثانية التي تحكم البشرية حاليا وتتقاسم الحكم والتحكم مع الأولى، فهي المنظومة الليبرالية والبراغماتية والرأسمالية ، ملكية كانت ” كبريطانيا والسويد والنرويج وهولندا وبلجيكا والدنمارك ” أو أميرية ” إمارة موناكو ، إمارة أندورا ، إمارة ليختنشتاين” أو سلطانية ” كسلطنة بروناي ” أو جمهورية فإنها تعمل ليلا ونهارا على تفعيل – النسوية – واشاعة المثلية، وتحويل الجندر ، والتشجع على الجنس الثالث والرابع ليلا ونهارا ،منذ المرحلة الابتدائية وصعودا ، في الاعلانات ، الصحافة ، السينما ، المسرح ، التلفزيون ، برامج التوك شو ، افلام الكارتون ، الرياضة ، الدساتير والقوانين ،،قصص الأطفال ، الروايات ، المجموعات القصصية ، الشعر ، الرقص والموسيقى والغناء ، الموضة ، منظمات المجتمع المدني ، وعدد ما شئت وبطريقة فجة ومثيرة للجدل والدجل والنتيجة = رجال مقموعين ديكتاتوريا يعيشون بكنف الانظمة الشمولية وليس بوسعهم الاعراب عن عزتهم ، ولا الافصاح عن شموخهم وإبائهم ورجولتهم ، بالمقابل ” تجد رجالا مقموعين ليبراليا وبراغماتيا وراسماليا في اوربا واميركا وبقية أنحاء العالم ليس بوسع أحدهم أن يقول لإبنته ،لأخته ،لزوجته ، لقريبته ” الى أين تذهبين …مع من كنت تمشين …من هذا الشاب الذي برفقتك ..ماهذه الملابس الفاضحة التي تلبسينها ..لماذا قضيت ليلتك خارج المنزل ولم تخبريني بذلك وأين كنت وكيف ولماذا ؟!” لأن هذا الاب ، أو الاخ ، أو الزوج ، أو الأبن ، أو العم ، أو الخال سيحال الى المحكمة فورا ويجرم بتهمة معاداة النسوية وترسيخ مفاهيم المجتمع الذكوري والأبوي كما يطلقون عليه …هذا التخنيث المزدوج القائم على قدم وساق تقوده اليوم دكتاتوريات من جهة ، وليبراليات من جهة أخرى وكل واحد منهما على طريقته الخاصة التي تتناسبو منظومته الفكرية والسياسية والمجتمعية والثقافية .
الرجال أصناف ثلاثة منهم المحسنون السابقون بالخيرات، ومنهم المقتصدون، ومنهم الظالمون أنفسهم الجالبون لأوطانهم ولشعوبهم الكوارث والويلات، والناس في خيرة من أمرهم بين ان يكونوا من الصنف الأول على خطى الفاروق والكرار، أو من الصنف الثاني، او الثالث -الشمقمقي- الهوى والهوية.
صحيح أن الشاعر محمد بن مروان الملقب بأبي الشمقمق كان شاعرا مجيدا وبارعا في تشكيل الصور والمعاني إلا انه احترف التسول وولع بالكدية وإختار أن يكون من الصنف الثالث المتسول فاقد الرجولة ومفتقد الكرامة ، فكان شاعرا هجّاء يتحاشاه الهجاؤون أنفسهم أمثال بشار بن برد على سلاطة لسانه وكان يدفع له ما يقرب من 200 درهم سنويا ثمنا لسكوته عن مثالبه!!
نظم ابو الشمقمق ذات يوم ابياتا في الفقر تصدق على ثلثي الشعب العراقي هذه الايام حين وصف بيته قائلا:
منزل اوطنه الفقر فلو… دخل السارق فيه سُرقا!
فبرغم موهبة ابي الشمقمق الشعرية الفذة الا ان النقاد والمؤرخين لا يذكرونه الا لماما لوصمة التسول والهجاء التي لحقت به حتى اندرس ذكره وطمس شعره وهكذا ينقرض الرجال -انقراضا نوعيا- وإن كانوا من أصحاب السلطة والموهبة والنفوذ والأموال.
وللعالمة البريطانية د. برايان سايكس رأي في الانقراض الكمي للرجال ذكرته في كتابها المثير للجدل (لعنة آدم بانقراض الرجال) خلاصته أن الكروموسوم المسؤول عن الذكورة Y يتعرض الى التآكل بمرور الزمن منذرا بفناء الرجال وإنقراضهم بصورة تدريجية، ولم تكن آراء العالمة الانتروبولوجية د. كينا اوبرايان فريدة في بابها ولا بعيدة عن آراء زميلتها سالفة الذكر بعد أن طرحت مجموعة من النظريات فسرت بموجبها ظاهرة طول اعمار النساء مقارنة مع الرجال بـ10 – 15 عاما، وبالغت بعض الدراسات العلمية وذهبت الى ابعد من ذلك ومنها دراسة يابانية صدرت عام 2019 حيث كشف المشرف على الدراسة الدكتور ميزاو فوكودا، وجود صلة بين التقلبات فى درجات الحرارة وانخفاض نسبة الجنس من ذكر إلى أنثى عند الولادة ، مشيرا الى ، أن ” الذكور مهددون بالانقراض بسبب التغير المناخى الذى أصبح يشغل العالم منذ عدة سنوات، ومن المتوقع أن يختفى الذكور بشكل تدريجى على حد وصفه !”.
ولسنا هنا بصدد البحث في الانقراض الكمي للرجال وتناقصهم فهذه حقيقة أخبرنا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين قال : “ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحدا يأخذها منه ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون أمرأة يلذن به من قلة الرجال وكثرة النساء”الا أننا نناقش الانقراض النوعي للرجال انطلاقا من الهوسة الشعبية (راحت رجال الحامض السماكي ، وظلت رجال بالعصا تنساك)، بمعنى مناقشة الرجال وليس الذكور ، فندرة الرجال الرجال في كل زمان ومكان يجعل من الأوطان نهبا لاشباه الرجال لا محالة وكل سلطان جائر، وقاض فاجر، ومطرب داعر، وعاص مجاهر، وسياسي مكابر ، فهم من أشباه الرجال، وكذلك كل مخبر سري مولع بالدعاوى الكيدية، وموظف مختلس، وشرطي مرتش ، وتاجر محتكر، وسياسي منافق وعالم دين متزلف، وقس عليهم من هم على شاكلتهم، فكل أولئك من أشباه الرجال وإن إختلفت عناوينهم فالعبرة بالمضامين لا بالعناوين، واذا كنا جادين حقا في مكافحة الفساد فلا بد لنا من أن نبدأ أولا وقبل كل شيء بإقتلاع -الشمقمقين- المفسدين من أشباه الرجال ، لنفسح المجال واسعا أمام الرجال الحق قبل إنقراضهم ليشغلوا مواقع مهمة تصب في خدمة الصالح العام، ومن صفات هولاء أنهم اذا عاهدوا لم يغدروا، واذا وعدوا لم يخلفوا، واذا تحدثوا لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، واذا خاصموا لم يفجروا، واذا حكموا لم يظلموا، واذا واجهوا الاعداء لم يفروا.. فبهم لا بغيرهم تعمر الديار ويهزم الاشرار. أودعناكم اغاتي

أحدث المقالات