لعل أغرب ما يحدث اليوم في الحرب الدائرة بين أكبر موردين للقمح على سطح الكوكب بما ينذر بأزمة خبز وقمح عالمية،ذاك أن روسيا هي الأولى بتصدير القمح عالميا،وأوكرانيا تأتي بالمرتبة الخامسة،علاوة على أزمات حادة ومتوقعة في إمدادات وأسعار الغاز والنفط والفحم على مستوى العالم، تلكم الحرب الروسية الضروس الجامحة والطامحة والطامعة بإستعادة الإمبراطورية القيصرية الغابرة بقيادة المصاب بجنون العظمة وعضو الكي جي بي السابق – بوتين – والتي بدأت بأوكرانيا ولا أظنها ستتوقف عندها بل ستتمدد وتتوسع وستتغول برغم العقوبات الاوربية والحصار الاميركي اكثر فأكثر ، ولاسيما بوجود الهزيلين “جونسون ابو شعر مخربط ” و ” باباي دن ابو ركله الذي اعقب ترامب ابو كذلة ” على هرم – التاتو – عفوا – الناتو – بمساندة ” زوج الشمطاء سباكيتي معكرون ” الشهير بماكرون والذي اطلق بالامس ما سماه بـ” خطة صمود اقتصادي ” لأن الحرب في اوكرانيا من وجهة نظره ستطول وعواقب أزماتها ستكون دائمة ، بالتزامن مع صمود الرئيس الاوكراني الحالي والممثل الكوميدي السينمائي والتلفزيوني السابق – ا.ل.ي..ه.و.د.ي – زيلينسكي والذي كان يحلو له وقبل فوزه برئاسة البلاد في انتخابات 2019 بإطلاق لقب ” المهرج ” على نفسه ، اقول ان أغرب ما يسمع ويشاهد في اوكرانيا حاليا هي تلكم التكبيرات واللحى الشيشانية التي تتحشد وتقاتل في صفوف الجانبين وتصفي حساباتها السابقة مع بعضها بعضا ،الاولى على الجانب الروسي متمثلة بعشرة الاف مقاتل شيشاني من جماعة – قديروف – يقابلهم مئات من المقاتلين الشيشانيين من جماعة – عثماييف- على الجانب الاوكراني وكلاهما يكبر ، كلاهما بلحى طويلة ، كلاهما يصلي جماعة ..كلاهما يعتقد جازما بأن ما يقوم به انما هو جهاد في سبيل الله ونصرة للحق ضد الباطل ، كلاهما يتحرك بقيادة وتوجيه من هم على غير ملته ، على غير دينه ، على غير قوميته ، على غير ارضه ، كلاهما يتموضع ويتحرك ويقاتل تحت راية عمية،يغضب لعصبة، أو يدعو الى عَصبَةٍ، أو ينصر عَصَبَة،كما جاء في الحديث النبوي الشريف الصحيح لوصف بعض الرايات والعصبيات والحروب والميتات الجاهلية ونصه : “مَنْ خَرَجَ مِن الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الجماعةَ فماتَ ،ماتَ مِيتةً جَاهلية، وَمَنْ قَاتلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أو يَدْعُو إِلى عَصبَةٍ، أو يَنْصُرُ عَصَبَة، فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِليَّةٌ، وَمَن خَرَجَ عَلى أُمَّتي يَضرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَها، لا يَتَحَاشى مِنْ مؤمِنها، ولا يَفي بِعَهدِ ذِي عَهدِها، فَلَيْسَ مِني، وَلَسْتُ منه”.
كل وكالات الأنباء العالمية تناقلت تلكم الأخبار التي تفيد بتطوع الشقيقين الشيشانيين لقتال بعضهما وسط دهشة واستغراب المواطنين الروس والاوكران على سواء وكلاهما يسأل “هذولة منين طلعوا ، شنبصهم بالنص ، شنو مصلحتهم في دخول حرب طاحنة ذات أبعاد عسكرية وسياسية واقتصادية وجغرافية شتى لم ينس أي من أطرافها إستدعاء فضلا عن إستعداء التأريخ القريب والبعيد كله ، تدور رحاها بين دولتين أوربيتين جارتين مسيحيتين ارثوذكسيتين علمانيتين ؟!!” تحت قيادة أعدائهما ..على غير أرضهما ..بإمرة وبمعية من هم على غير ملتهما ..تحت راية من هم على غير دينهما ولا قوميتهما ، فأولتها وسائل الاعلام إهتماما كبيرا لما لها وما عليها من تداعيات لاحصر لها إن لم يكن اليوم ففي القريب العاجل ولاشك ..فهاهي جماعة قديروف قد تطوعت لتقاتل في صفوف الروس ولتدافع عن حليفها وولي نعمتها – بوتين – الذي اجلس رمضان وقبله والده احمد قديروف على سدة السلطة التي وصلها على جبال من الجماجم وبحار من الدم لأبناء جلدته ممن قتلهم الروس بحربين الاولى وقعت بين 1994- 1996، وحرب ثانية اندلعت بين 1999 – 2009 حين اعلن الروس عن نهايتها رسميا ..وهي تكبر ، فيما جماعة – عثماييف- تطوعت في صفوف الاوكران تريد الثأر من روسيا وبوتين والانتقام منهما على ما فعلاه وارتكباه في الشيشان من جرائم بشعة يندى لها الجبين سابقا …ولاريب ان الفريقين لم يتحركا هكذا جزافا في حرب لاناقة لهما فيها ولاجمل من بنات افكارهما مدفوعين برغبتهما للانتقام من بعضهما من دون أن يتعرضا للضغط ، أو التحريض المشفوع بوعود مستقبلية ما ، وبإغراءات ما ، من خلف الكواليس وربما من أمامها ايضا !
حتى ساعة الصفر وقبيل انطلاق صافرة الحكم ايذانا بتحرك الالة العسكرية الروسية لإجتياح اوكرانيا كنت مطمئنا تمام الاطمئنان – وانا اضع في بطني بطيخة صيفي – بأن اسم المسلمين لن يحشر وعلى غير المعتاد في حرب ضروس تجري في مكان ما ، في شرق اوربا هذه المرة بين بقايا حلف وارسو والاتحاد السوفياتي المقبور ، وبين حلف الناتو ..الا انهم أبوا الا أن يحشروا اسم المسلمين فيها رغما عن أنوفهم ليقاتل فريق منهم مع القوات الاوكرانية الطامحة بتوسيع حلف الناتو وتمدد الرقعة شمال الاطلسية بالانضمام اليها ، فيما الفريق الثاني يقاتل مع القوات الروسية الطامحة لإحياء الامبراطورية السوفياتية السابقة ، ليبدأ المسلسل الطويل بعدها وليتكرر السيناريو اياه ، جماعة قديروف فعلت كذا وقامت بكذا وكذا ..وجماعة عثماييف فعلوا كذا وكذا وقاموا بكذا وكذا ..لينسى العالم في خضم ذلك كله اصل المشكلة ودوافعها واهدافها وتداعياتها وكلها صراع من أجل التوسع الجيو سياسي ، ولأجل النفوذ ، والسيطرة على الموارد الطبيعية ، واحتكار الثروات ، والاستيلاء على طرق الملاحة البرية والبحرية والجوية وبالاخص بعد عامين من الانهيار التام والغلاء الفاحش والركود الاقتصادي العالمي المخيف الذي رافق ونجم عن وباء كورونا – المصنع مخبريا ضمن الحرب البايولوجية ،والمسرب استخباريا من محتبراته المعدة لهذا الغرض بهدف احداث كل هذه الفوضى العارمة التي تجتاح العالم من اقصاه الى اقصاه اليوم ، ولادكلي مبالغة ونظرية مؤامرة رجاءا ..تره أهفك بالماوس اولا ، ومن ثم اثني بالكي بورد وانت الممنون !!- .
التحرك العجيب الحالي للشيشانيين للقتال بالوكالة وبالنيابة ضد بعضهما في كلا البلدين المتحاربين ليس عفويا بالمرة ووراءه ما وراءه من تطورات واجندات وبروباغندات لاحقة في كل دول اواسط اسيا وشمال القفقاس ستدعم اطلسيا من جهة لوقف التغول الصيني اضافة الى الامتداد الروسي، أو وبتعبير أدق لكبح جماح حلم التنين الصيني وطريق الحرير الجديد – القديم والمسماة صينيا بستراتيجية ” الحزام والطريق ” وقد بعث الرئيس الصيني شي جين بينغ بالامس برسالة مهمة الى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون ، شدد فيها على أهمية التعاون بين بكين وبيونغ يانغ، في ضوء (( وضع جديد …طبيعته غير محددة)) ، كذلك العمل على اجهاض الحلم القيصري والامبراطوري البوتيني التوسعي الذي أصر على أنه لن يتوقف عند حدود اوكرانيا البتة وانما سيمتد ليشمل كل اوربا الشرقية بالتدريج ، وسيدعم لابجينيا – قصدي – بوتينيا من جهة اخرى لكبح جماح التمدد الاطلسي تجاه اوربا الشرقية وصولا الى اواسط اسيا وشمال القفقاس ….نعم انها حرب عالمية ثالثة ولكن بالوكالة والنيابة والاقتصاد قدر الامكان وعلى المسلمين ان يجنبوا انفسهم دخانها وسعيرها ما امكن لهم ذلك وان يكفوا خيرهم شرهم لأن ما بهم وفي بلدانهم من مآس وحروب ولجوء ونزوح وتهجير وخراب وفتن وكروب وفساد مالي واداري وسياسي وظلم واستبداد …يكفيهم وزيادة وبالتالي فهم ليسوا بحاجة الى حروب عبثية بالوكالة ستنتقل بقضها وقضيضها إن عاجلا أو آجلا الى بلدانهم وأراضيهم ..لامحالة ، ولاسيما أنه وبعد أن تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبرا ونصه “بعد دعم إسرائيل لوحدة أوكرانيا..روسيا: لا نعترف بإحتلال الجولان السوري..وذلك في رسالة إحتجاج، من موسكو إلى تل أبيب ، مؤكدة بأن مرتفعات الجولان هي جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية “، يأتي ذلك في ذات الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الهجرة والاستيعاب الصهيونية عن إستعدادها لإستقبال الاف اليهود الاوكرانيين من غير الاسرائيليين وعددهم يربو على 48 الف يهودي بما يعد بمثابة هجرة جديدة الى ما يسمى بأرض الميعاد لم يكن الكيان ليحلم بها والى وقت قريب جدا،وهؤلاء ستقام لهم مستوطنات جديدة خاصة بهم ولا أستبعد من أن تقام تلكم المستوطنات على أرض الجولان المحتلة تحديدا نكاية بالعرب والروس،ومن اليهود الاوكرانيين الجدد من سينضم الى صفوف الجيش الصهيوني تباعا إن لم يكن اليوم فغدا ولاريب !!
ولله در ابي البقاء الرندي القائل في “رثاء الاندلس” بما يصدق على الوضع الحالي برمته :
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ ..إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
اودعناكم اغاتي