19 ديسمبر، 2024 2:21 ص

الإنكـــــــــــــــــــــــــــــار

الإنكـــــــــــــــــــــــــــــار

فلسفة تحمل المسؤولية
المسؤولية عن العمل لها فلسفة مهمة فهي اختبار أداء لمنظومة العقل في عملية اتخاذ القرار، واختبار بالمجمل لعمل أي منظومة إدارية أو فنية.
هي نوع من آليات التطوير والحصانة للشأن الخاص والعام
لكن لطبيعة المجتمع الباحثة عن المثالية واعتبار الخطأ في القرارات عيب ينقص من قيمة الإنسان وهذا التصور المنزه لبشر أصلا لا يملك في خلقه الكمال هو خطأ شنيع في منظومة التفكير القيمية لتقييم الناس.
المسؤولية تأتي معها المسائلة؛ ومساءلة الذات هي مساءلة كما المساءلة الشعبية أو مساءلة الإداري عن إدارته أو الفني عن الإنجاز، فالأصل قناعة المسؤول بما يعمل وإقناع الناس يأتي بظاهر الإنجاز وإقناع رب العمل بما يتحقق له من عمل به ديمومة وديمومته هي شهادة الجدوى والنوعية والدقة والإخلاص.
كيف يتعامل العالم مع هذا الأمر
الأمم تقبل بناقدين لكل تفاصيل نظمها، بل تسهل لهم ترتيب ندوات وقاعات كبيرة تتسع لجمهور كبير وتسجل محاضراتهم التي تنتقد النظام الرأسمالي والحداثة، ومن ابسط الأمور إلى أكبرها وكل ما يتعلق بالمحدثات ونرى ناقدين وفلاسفة يتحدثون بعمق وقسوة عن النظم، هذه النظم لا تفعل ذلك لمجرد التسامح فقط بل إن أمثال هؤلاء يشخصون فجوات لا يراها من هو داخل المنظومة كعامل بها ويرى الإيجابية ويتمناها، ومن هنا يجري سد الثغرات.
الإنكار الوهمي
تجد غالبا في المجتمعات المتخلفة من لا يقبل أن يكون مخطئا أو يعتذر، لأنه يعتبر أن الاعتذار دليل الفشل واعتراف به وقبول بنتائج الحكم عليه كفاشل وفي هذا انتقاص من قدراته وأوهامه بالتفوق أو انه سيحقق النجاح، ولعلها تعتمد على ثقافة مجتمع ففي قاموس اللغة د تجد معنى مساءلة ليس التحقق وإنما اللوم، لهذا فهو حتى إن اجبر على الاعتذار فهو يطرحه بشكل تبريري، اني لم انجح لان المعلم لم يشرح الموضوع جيدا أو اني لم أفز لان حكم المباراة ضدي، أو هنالك من يتعمد إفشالي، ولا تستغرب إن أتى نادي لكرة اليد مثلا أو مصمم لعمارة بخبير أو مركز بحثي ليقول أن التصميم ممتاز وان لا غبار عليه فاذا فشل الفريق أو سقطت العمارة فالحكم ومراقب الخط هما السبب أو سقوط العمارة لان السكان عدد نفوس أسرهم كبيرا، والحقيقة أن لا الجمهور ولا من يحقق بالكوارث يصدق ما يوهم به امين النادي أو مالك العمارة نفسه بما يعرف حقيقته، فهذا الإنكار الوهمي هو مرض في الحقيقة وينبغي مواجهة الذات قبل أي احد آخر بدل خداع الذات ليستعد النادي موضوع مثالنا على تحسين الأداء وربما تغيير المدرب أو اللاعبين أو الاستعانة بتقنيات أخرى ليرتقي النادي بدل أسلوب الإنكار الذي يقود للفشل ويضيع الوقت ويحمل المسؤولية لمن ينكر تحملها ويفقد الثقة عند المشجعين بان هنالك خللا في المصداقية عند النادي لا ينفع معه أي محاولة للترقيع.
إن خداع الذات هو تضييع فرصة عمل على الإصلاح بالظن أن ما قمنا به صالح لا يأتيه الخلل من أي جانب، بل علينا أن نقول إن ما فعلناه نراه جيدا، ومن يرى عيبا فيه فليدلنا على كيفية إصلاحه، وهنا تجب الإشارة أن الانتقاد ليس كالنقد فمن يرى الخلل فليضع الحلول أو يشير إليها، لان تبيان العيوب انتقاد لا يأتي إلى حل وإنما تشكيك في عمل ربما يكون صوابا.
زبدة القول
أن الحفاظ على مكاسب سابقة لا يأتي بإنكار الواقع، بل بتصحيح الأساليب والتكيف مع الواقع، كما أن علينا أن ندرك أن مصارحة الذات بالمرض أولى خطوات الشفاء فهي من سيدلك على الطبيب وهي من سيساعد الطبيب عندما تصف له الأعراض، والطبيب سيشخص وفق الأعراض ومعاينته لك المرض فيقرر نوع الفحوصات ثم العلاج كما أن النقد ـــــــــ وهو تبيان المحاسن والمساوئ لغة ـــــــــ مفيدا جدا في رسم الطريق إلى الصالح والأمثل، وهو الأسلم من السقوط في وهم الإنكار.

أحدث المقالات

أحدث المقالات