كنت قد اعتدت في كل دورة جديدة لمجلس النواب ان انشر خطابا اوضح فيه تحديات المرحلة الجديدة والحلول اعلونها الى السادة اعضاء مجلس النواب وفي الدورة الاخيرة التي اسقطت فيها الجماهير مجلس النواب جعلت رسالتي بعنوان السادة نواب الفرصة الاخيرة ، وفعلا كانت فرصتهم الاخيرة ، وأن استمروا على النهج فسيسقطهم ثوار تشرين مرة أخرى كتبت لكم الكثير ، كما فعلت مع القليل من الطبقة السياسية ، دون جدوى بل وتحدثت على الشاشات حول جيشي الذي هو جيش العراق لأني اعي بأنه الورقة الرابحة من بين كل الاوراق لمن يبحث عن وطن حر سيد ومن يبحث عن وطن لا يأت قائد فيلق من اية دولة حتى لو كانت دولة انبياء ليلف على الطبقة السياسية كلها ومنها الشخصية الاولى في عراق اليوم السيد الصدر ، والذي خفف من ألمها تغريد السيد بعد اللقاء .. ويذكرني ذلك بألف شاب ياباني انتحروا على الطريقة اليابانية والتي هي شق بطونهم بالخناجر بسبب ان امبراطورهم وقع عقد الاستسلام ليس مع الرئيس الامريكي بل مع قائد الاسطول الامريكي في وقت ازهقت فيه امريكا ارواح ربع مليون ياباني بقنبلتين بدقيقتين .
قلت لسيادتكم في احد خطاباتي المنشورة التي لم تصلكم ومصيرها كان كمصير هذا المقال طالما مكاتبكم الاعلامية مهتمة بالنسغ النازل غير المهم (( القائد العام يوجه بفتح تحقيق)) و (( القائد العام يقول انه سيلقي القبض على المجرمين )) و(( لا بد من استعادة هيبة الدولة وحصر السلاح بيدها )) وغير ذلك من الامور المكررة الى حد الملل .. اما ان تجد مكتب اعلامي ينقل اليكم النسغ الصاعد فهذا امر شبه مستحيل ، والنبتة التي يشتغل لديها النسغ النازل فقط تذبل وتموت وهكذا السياسي الذي لا يصله النسغ الصاعد من شعبه .. وقد يقودكم هذا الالحاح الى تساؤل وهو : لماذا لا تحترم نفسك وتترك الكتابة طالما الأمر هكذا فأزيل هذا التساؤل في ان بيني وبين هذا الجيش حالة قد لا يفهمها البعض ، وقد يفهمها جميل بثينة او قيس الذي هوى ليلى
قلت لسيادتكم مرارا ان وزارة الدفاع متكرشة ومتورمة بشكل مخجل وحددت لكم بالتفصيل اين يكمن الورم الذي يستنزف موازنة الدفاع مع الضرر البائن ، وقلت على التلفاز يوم اوعزتم بتقليص الرتب الكبيرة بأن هذا التقليص لن يتحقق الا برفع اورام وزارة الدفاع ، وأن من الاشياء المخجلة ان تقود 12 قيادة عمليات 14 فرقة لأن 14 فرقة يمكن لخمسة قيادات عمليات ان تقودها وليس 12 وأن علينا حل سبعة قيادات عمليات واليوم اضفتم قيادة اخرى ليزيد الطين بلة ، رغم اني ذكرت لكم مثلا وهو ان الفيلق الاول كان يقود محافظات العراق الشمالية برمتها ومعها محافظة صلاح الدين وصولا الى حدودها مع بغداد وفي الوقت نفسه يقاتل ايران التي هي ثلاثة اضعاف قوة العراق في كل شيء ويحقق عليها نصرا عسكريا تاريخيا لم يتم استثماره فحققت علينا نصرا سياسيا حينها .
اسألكم بل اسال كل عراقي : ما هي صلاحيات القائد العام ؟؟؟ هل هي موجودة في الدستور ؟؟؟ كلا .. وهل هي مشرعة بقانون ؟؟؟ اما انها مطلقة ؟؟ خصوصا وأن دستورنا اكتفى بالقول (( رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة)) ولكن الدستور لم يعط صلاحية تعيين قائد فرقة للقائد العام ولا لمجلس الوزراء برمته بل لمجلس النواب فكيف بنا اذا شكلنا قيادة عمليات وعينا قائدا عليها بأمر فردي
وهل يوجد قائد عام بلا قيادة عامة ؟؟ اعطيكم مثلا يوضح لكم ذلك وهي ان ملك العراق قبل ثلاثة ارباع القرن تقريبا قرر ان يحرك فوجا الى الديوانية لقمع حالة نزاع عشائري فيها فاعترض وزير المالية (عضو القيادة العامة ) لأنه لا يوجد تخصيص في الموازنة فألغي الأمر .
آخر نصيحة تصلكم مني – ان وصلت- وهي ان يعلم سيادتكم فقط ان الجيوش تحتاج الى عقيدة عسكرية تقول لها كيف ننظم جيشنا فهذا لا يمكن تسديده الا بعقيدة عسكرية وليس وفق كتاب (كيف تشكل قيادة عمليات بدقيقة واحدة وبدون عقيدة عسكرية وبحكومة تسيير اعمال) وتقول لنا تلك العقيدة : كيف نتدرب ، وكيف نتسلح ، وكيف نبني منظومة اختيار الافراد .
ملحوظة للقراء الذين لاحظوا حتما الفرق بين هذا الخطاب الجاف وخطاباتي السابقة ، ولكي ازيل الغموض اقول ان تلك الخطابات يوم كان فاتحا لميناء الفاو الكبير وهذ الخطاب جاء بعد توقيع اتفاقية سكة حديد الشلامجة التي تؤذي الميناء الحلم بغياب مجلس النواب وفي الظلمة حيث اننا سمعنا بالخبر من مسؤول ايراني .