أعلن البنك المركزي العراقي يوم الثلاثاء الماضي في الاول من فبراير 2022 انتهاء العراق من تسديد كامل التعويضات المالية البالغة 52.4 مليار دولار لصالح الكويت بسبب حرب الخليج والتي أقرتها لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التابعة لمجلس الأمن الدولي المشكلة بموجب القرار (687) للعام 1991، وقال البنك في بيان له إنه تم إكمال تسديد الدفعة الأخيرة المتبقية من التعويضات والبالغة 44 مليون دولار، ولغرض بيان الدوافع التي كانت وراء هذة القرارات المجحفة بحق العراق لابد من مناقشة موضوع التعويضات ضمن البعد السياسي والقانوني لعمل اللجنة المذكورة .. حيث كان الغرض السياسي من التعويضات مضاعفة الديون والمبالغ المترتبة على العراق زائداً الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضا عليه لاكثر من ثلاثة عشر عام كجزء من مخطط استنزاف اموال العراق واضعاف قدراتة الاقتصادية والتنموية ودمار بناة التحتية تمهيدا لاحتلالة، وقد حصل ذلك بعد ان تحققت الغايات المرجوة من الاستنزاف للوصول الى الاحتلال تحت ذريعة الوهم المجهول المسمى اسلحة الدمار الشامل.
اما البعد القانوني لهذا النوع من القرارات الدولية التي تتعلق بالتصرف في الامور المالية لأي دولة يتطلب أدانة قضائية لكي تكتسب تلك القرارت الصفة الشرعية ولا يجوز فرض تعويضات على أي دولة بموجب قرارات سياسية، ولو سلمنا بذلك جدلا استنادا الى مقولة حكم القوي على الضعيف يجب ان لا تتخذ معايير مزدوجة في التعامل على ان تفرض تعويضات بموجب قرارات اللجنة المشكلة من قبل مجلس الامن ومرة اخرى تفرض تعويضات عن طريق المحاكم كما حصل للدعوى التي رفعتها الكويت ضد الخطوط الجوية العراقية في المحاكم البريطانية لمطالبتها بالتعويض عن اضرار حصلت للطائرات الكويتية خلال فترة الاحتلال. وهناك دعوى اخرى تتعلق بعقود تجهيز مع شركات المانية ولم يتم التجهيز بسبب الحرب الا ان تلك الشركات قامت بتسليم العقود الى بنك درزدنر الالماني الذي كان لدية اعتمادات مودعة لحساب العراق بقيمة اربعمائة مليون دولار وقام بتسليم مائتان وعشرة ملاين دولار بموجب قرار صدر من محكمة فرانكفورت الى تلك الشركات مقايضة عن تلك العقود بالرغم من عدم التجهيز كما اسلفنا اضافة الى ان تلك الاموال كانت مجمدة بموجب قرارات مجلس الامن ولا يمكن التصرف بها الا بموافقة المجلس. لهذا يتطلب شرح الاليات التي قامت بها الامم المتحدة لاستنزاف اموال العراق من خلال لجنة التعويضات التي تشكلت بموجب الفقرة 19 من القرار الصادر عن مجلس الامن المرقم 687 لسنة 1991 وتم تفعيل أليات عملها بموجب الفقرة 20 من الوثيقة التي اصدرها الامين العام للامم المتحدة برقم 225539/S وبموجبها ايضا سميت بـ “لجنة الامم المتحدة للتعويضات” ومقرها جنيف وقد وصفها الامين العام “بأنها لا تعتبر محكمة او هيئة تحكيم، وانما جهاز سياسي وظيفته تقصي الحقائق ودراسة المطالبات والتحقق من صحتها والبت في المطالبات المتنازع عليها وتقدير الدفعات والخسائر”. وفي هذا الجانب الاخير من الوصف ينطوي على اللجنة صفة شبة قضائية. وجاء في الفقرة 5 من نفس الوثيقة المشار اليها في اعلاة من تقرير الامين العام “اللجنة عبارة عن مجلس ادارة مكون من خمسة عشر عضوا من ممثلي أعضاء مجلس الامن، وتعمل تحت سلطة المجلس بوصفها جهازا تابعا له”. حاول العراق مرارا الحصول على صفة مراقب في اللجنة المذكورة الا انة لم يفلح، وقد حددت فترة لتقديم طلبات التعويض ابتدأ من عام 1991 لغاية عام 1996 مع ذلك تم قبول طلب تقدمت به ايران في عام 2003 لغرض التعويض عن تلوث مياهها الاقليمة عام 1991. استثنت اللجنة العراقيين المتضررين من تقديم الطلبات والله اعلم ما هي الحكمة من وراء ذلك، بينما تم قبول الاف الطلبات المضحكة الى اللجنة المذكورة لغرض التعويض ولا بد من سرد بعض الوقائع كنماذج من سياقات عمل اللجنة ليطلع عليها المواطن العراقي والعربي ليرى مدى هيمنة الولايات المتحدة على الامم المتحدة وتسخيرها لاهدافها المشبوهة وكيف كانوا ينهشون في اللحم العراقي المستباح عبر بوابة الكويت ..
– كانت رواتب عمال الخدمات الاسيويين العاملين في الكويت تتراوح ما بين 100 الى 200 دولارشهريا بموجب عقود مسجلة في مكاتب العمل، ولاغراض التعويض قامت اللجنة باحتساب 800 دولارشهريا لكل عامل.
– رجل باكستاني قدم طلب الى اللجنة بمبلغ ستون الف دولار ثمن ايجار طائرة خاصة لسفرة من الكويت الى عمان لكون زوجته حامل .
– شركة نقل بحري اندنوسية قدمت طلب تعويض عن أضرار أصابت احدى سفنها من جراء قلة اقبال الركاب على تلك السفينة للابحار بها من اندونيسيا الى أستراليا .
– أدارة سينما في أسرائيل تقدمت بطلب تعويض لقلة عدد الرواد الى السينما.
– ألاف من الاشخاص قدموا تقارير طبية الى اللجنة لغرض تعويضهم عن اضرار صحية ونفسية ومنهم اربعة أمريكان قدموا قرار صادر من محكمة نيويورك بتعويضهم ٦٠ مليون دولار نتيجة احتجازهم في العراق بسبب دخولهم بصورة غير شرعية وانقطاعهم عن ممارسة الجنس مع زوجاتهم لمدة ستة اشهر .
– سوريا تقدمت بطلب تعويض نتيجة غيمة مرت في سمائها وامطرت ماء ملوث بزيوت نفطية.
– الاردن قدمت خدمات للنازحين وطالبت الجنة بدفع ثمنها من التعويضات.
– السعودية بسبب تأثيرات بيئية على التربة طالبت اللجنة بالتعويض.
– الكويت تقدمت بطلب تعويض بملايين الدولارات عن اضرار بيئية نتيجة وجود طبقة خفيفة من غبار نفطي على التربة سببت رواسب كاربوهدراتية، وبعد استلام التعويض قام خبراء من منظمة الزراعة والاغذية الدولية بأجراء فحوصات مختبرية على تلك التربة تبين انها ادت الى تحسين ادائها الزراعي وسببت في زيادة انتاج المراعي، وذلك بموجب تقرير المنظمة المقدم الى الامم المتحدة.
– الشركات الكبرى في الكويت قامت باحراق مخازنها بعد تفريغها من المواد وتقدمت بقوائم لشركات التامين تقدر بملايين الدولارات على انها احرقت من قبل العراقيين فضلا عن احتساب المواد المسروقة والتالفة والسيارات القديمة بسعر الجديدة.
وهذا جزء ضئيل من كم هائل من الطلبات التي غرفت من اموال العراق المستباحة بدون وجه حق لان الغاية ليس تثبيت حقوق نتيجة اضرار مادية وانما لإلحاق اكبر ضرر بالعراق من خلال استنزاف أمواله بطرق خبيثة، بالاضافة الى قيام الامم المتحدة بترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت من قبل لجنة ترسيم الحدود الدولية المشكلة وفق القسم ( أ ) الفقرة (3) من القرار 687 الصادر عام 1991 التي استقطعت من العراق أراضي واسعة غنية بالبترول بالإضافة إلى القاعدة البحرية الوحيدة المطلة على الخليج العربي ألا وهي قاعدة( الخليج العربي) البحرية في ام قصر بكل مراسيها ومنشاتها ومداخلها البحرية وضمها إلى الكويت وحرمان العراق من إطلالته الوحيدة على الخليج فضلا عن جريمة استيلاء الكويت على الممر الملاحي في خور عبد الله وسببت تعطيل العمل بموانيء عراقية عديدة مثل الأرصفة العشرة والبتروكيمياويات وميناء خور الزبير والحديد والصلب والمينائين التجاري والنفطي في أم قصر خارج اطار القرارات الدولية .. والأكثر جرماً تنازل حكومة المالكي الثانية على ما استولت علية الكويت من ميناء وقناة خور عبد الله وملحقاته من الارصفة المذكورة عن طريق رشاوي وصفقات مشبوهة، الغاية منها غلق كل المنافذ البحرية التي تؤدي الى العراق الا من خلال الربط السككي مع ميناء مبارك المراد ايصاله بالقناة العراقية السككية الجافة خلافاً لإدعاء الكويت بأن الربط السككي يؤدي مصلحة الى العراق بينما في حقيقة الامر من اجل سيطرة الكويت على الخط التجاري العراقي عبر الخليج العربي، لذلك يمكن اعتبار هذا النهب المنظم والسطو على الاراضي العراقية جرائم لا تسقط بالتقادم، وعلية يستوجب على الحكومة العراقية المقبلة اذا كانت فعلاً وطنية فتح تلك الملفات سواء التي تتعلق بالقرارات الدولية المجحفة التي بموجبها تم استحواذ الكويت على ما لا تستحق من خلال قناتين الاولى التعويضات التي فرضت لاعتبارات سياسية كما مبين حيث كان الهدف منها استمرار حالة التوتر والعداء الدائم بين البلدين أي بمثابة قنبلة موقوته تنفجر متى استجدت ظروف موائمة لها، والقناة الثانية الاستحواذ على الاراضي العراقية عن طريق لجنة ترسيم الحدود الذي استقال رئيسها الاندنوسي الجنسية لانها اتخذت اجراءات لا تتوافق مع القانون الدولي او على الاقل المطالبة باسترجاع الاراضي التي تم الاستيلاء عليها من قبل الكويت خارج اطار القرارات الدولية أي عن طريق الرشاوي وشراء الذمم ولابد من محاكمة المسؤولين الذين فرطوا بحقوق العراق ومصالح الشعب لانه من الناحية القانونية لم تحصل سابقة في تاريخ العلاقات الدولية بالمفهوم القانوني والسياسي من قيام منظمة دولية تنصب نفسها قاضيا وتصدر احكام تهب فيها ما لا تملك من اموال لدولة اخرى وكذلك منح اراضي عراقية وضمها الى الكويت خلافا لما معمول بة دوليا في حل المنازعات الحدودية بين الدول، والتي عادةً ما تكون اما عن طريق المفاوضات للتوصل الى اتفاقيات ثنائية مرضية للطرفين المتنازعين او اتباع وسائل التحكيم الاخرى باللجوء الى المحاكم الدولية. لذلك اقل ما يمكن توصيف ما قامت به الكويت جرائم مخالفة للقانون الدولي بمشاركة المنظمة الدولية التي سخرتها الولايات المتحدة لتفيذ اجنداتها العدائية في المنطقة والعالم ومساعدة مسؤولين عراقيين اقل ما يقال عنهم فاقدي الغيرة والشرف على ما قاموا بة من تفريط بحقوق العراق وشعبه .