قصيدة الشاعر سعدي يوسف:
طِلْعَت الشُمّيسهْ
على شَعَرْ عيشهْ
عبشه بنت الباشا
تِلْعَبْ بالخرْخاشةْ !
*
لَكأنّ عائشةَ الجميلةَ تستجيرُ . تقولُ لي : سعدي !
أوَلستَ مَن يهوى الجميلاتِ ؟ الحرائرَ … والصبايا ؟
كيفَ تخذلُني ، إذاً ؟
أنتَ العليمُ بأنني ، بنتٌ لتاسعةٍ ، وأني كنتُ ألعبُ بالدُّمى.
لكنهم جاؤوا
وقالوا : ثَمَّ تطْريةٌ لوجهِكِ …
( كان وجهي وجهَ طفلتكم ، وليس من معنىً لتطريةٍ …)
أجابوني :
النبيُّ أرادكِ !
*
طِلْعَت الشمّيسةْ
على شعَر عَيشة
عيشة بنت الياشا
تلعب ْ بالخرخاشة ْ
*
وعائشةُ ، الحـُـمَيراءُ …
الجميلةُ مثل إيرلنديّةٍ ، والشَّعْرُ أحمرُ .
يا عطاَ الله !
كان محمّدٌ ، ما بين رُكعته ، وتالي رُكعةٍ ، ينوي يُباشرُها
وأحياناً يرى ما بين ساقَيها ، صلاةً …
هكذا
ذاقتْ عُسَيلَتَهُ
وذاقَ محمدٌ ، دبِقاً ، عُسَيلَتَها …
هيَ مَنْ هيَ : الـحَوّاءُ
عائشةُ الحـُمَيراءُ ،
الجميلةُ مثل إيرلنديّةٍ …
صنمُ النبي ّ !
*
طِلْعَت الشمّيسة
على شَعَر عيشة
عيشة بنت الباشا
تلعبْ بالخرخاشة …
*
لكنّ عائشةَ الجميلةَ ، سوفُ تُعْلي أن ناعمَ شَعرِها سيظلُّ أحمرَ
سوف تُعْلِنُ أنها ، أبداً ، محاربةٌ …
لقد قهرتْ نبيّاً في السريرِ
وهاهي ذي ، على جملٍ ، تقاتلُ .
إنّ عائشةَ الـحُـميراءَ
النبيّةُ
بعدَ أن ذهبَ الذكورُ الأنبياءُ إلى الهباء …
*
طِلعت الشمّيسة
على شعَر عَيشةْ
عيشة بنت الباشا
تِلْعَبْ بالخرخاشة !
لندن 16/11/2013
***
تثير فينا قصيدة سعدي يوسف مجموعة من الاسئلة ، كما طرحت هذه القصيدة الاسئلة على محبيه ومبغضيه على السواء وخرجوا بنتائج كثيرة ، منهم من قال انه يؤسس لشيوعية سنية ، ومنهم من رأى انه سب وشتم السيدة عائشة ، ومنهم من طالب بسحب جائزة نجيب محفوظ منه ، ومنهم من عد القصيدة ” سقطة ” للشاعر ، ومنهم من وصفه جاهلا، ومنهم … ومنهم ، ولو قرأ هؤلاء مراجع التاريخ الاسلامي ، وبعض كتب الحديث النبوي بامعان وتروي لجاءت ردود افعالهم غير التي ظهرت.
في هذه السطور سنقرأ معا مراجع التاريخ الاسلامي ، وكتب الحديث النبوي ، لنرى ان ما طرحه الشاعر سعدي يوسف من حقائق قد ذكرتها مراجع ومصادر التاريخ الاسلامي وكتب الحديث النبوي ،وهذا ليس دفاعا عن الشاعر، وانما لوضع الامور في نصابها .
اول ما نقرأ في القصيدة بعد المقطع التراثي الشعبي هذا البيت:
* (( أنتَ العليمُ بأنني ، بنتٌ لتاسعةٍ ، وأني كنتُ ألعبُ بالدُّمى.
لكنهم جاؤوا
وقالوا : ثَمَّ تطْريةٌ لوجهِكِ …
(كان وجهي وجهَ طفلتكم ، وليس من معنىً لتطريةٍ …(
أجابوني :
النبيُّ أرادكِ !)).
تذكر مصادر التاريخ الاسلامي ، وكتب الحديث ، ان النبي قد دخل بالسيدة عائشة (تزوجها) وعمرها كان تسع سنوات ، وكانت تلعب بالدمى.
يذكر البخاري في الحديث 3605 : ((حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ وَإِنِّي لَأُنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ)).0
ولكي نتأكد من هذا القول ، نستشهد باجابة ( مركز الفتوى – موقع على الانترنيت ) على سؤال عن عمر السيدة عائشة:
الاجابة: ((فإن عائشة رضي الله عنها عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين، وقيل سبع، بإذن أبيها، ولكنه لم يدخل بها حتى كبرت وبلغت سن المحيض وشبت شبابا حسنا، وكانت عائشة تفخر بزواجه منها وهي بكر، وهذا يدل على أنه لم يدخل بها حتى أصبحت في مرحلة تطيق فيها الوطء فقد دخل بها وهي بنت تسع، وكان نساء قريش يبلغ بعضهن عند السنة التاسعة كما قال الإمام الشافعي، وقد هنأها النساء بهذا الزواج فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر، ومثل هذا النكاح لم يطعن أحد به في ذلك العصر مع كثرة أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود والمشركين، فقد كان معروفاً في الجاهلية، وجاء الإسلام وأقره، وهو أن الصغيرة تخطب وتتزوج بإذن وليها، وقد كانت عائشة مخطوبة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن مطعم بن عدي، كما ذكر ذلك الطبري وابن كثير، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخل بها إلا بعد أن أصبحت صالحة للجماع، وبنت تسع سنين صالحة للوطء وبالغة مبلغ النساء في كثير من البلدان، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والبيئات.
قال النووي: قال الداودي: وكانت قد شبت شباباً حسناً رضي الله عنها. ولما كانت أعرف بنفسها وأنها بلغت مبلغ النساء قالت -كما روى عنها الترمذي-: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة. )).
واجابة اخرى عن لعبها:
((فقد بنى النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة بعد أن بلغت مبلغ النساء في تحمل أعباء الزواج، وكانت حينذاك بنت تسع سنين، وقد روت هي رضي الله عنها قصة ذلك فقالت: أتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين. رواه البخاري ومسلم.
وهذا يدل على صغرها وأنها لم تبلغ الحلم؛ فقد كانت تلعب في أرجوحة لها مع صواحبها في اليوم الذي بُني عليها فيه، ومع ذلك فقد كانت بلغت مبلغ النساء من حيث صلاحها للزواج وتوابعه في هذه السن، ولذلك قالت رضي الله عنها: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة. ذكره الترمذي في سننه. وهذا ليس معناه أنها قد بلغت المحيض وصارت مكلفة، وإنما معناه صلاحها للزواج في الغالب، فيكون لها حكم المرأة في هذه الأمور وما يتصل بها.
قال ابن قدامة في (المغني): المراد به حكمها حكم المرأة. اهـ.
وقال المباركفوري في (تحفة الأحوذي): كأن عائشة أرادت أن الجارية إذا بلغت تسع سنين فهي في حكم المرأة البالغة؛ لأنه يحصل لها حينئذ ما يعرف به نفعها وضررها من الشعور والتمييز. اهـ.
وقال الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير في (شرح الموطأ): المرأة في عرفهم لا يقتصر على المكلفة، بل إذا بلغت البنت تسعاً فهي امرأة. اهـ.
ولذلك فإن أهل العلم يستدلون بزواج النبي صلى اللهعليه وسلم بعائشة، ودخوله بها في هذه السن، على مسألة نكاح الصغيرة.
قال المرداوي في (الإنصاف): البكر التي لها تسع سنين فأزيد، إلى ما قبل البلوغ: له تزويجها بغير إذنها، على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): أخرج أبو داود، والنسائي من وجه آخر عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، فذكر الحديث في هتكه الستر الذي نصبته على بابها قالت: فكشف ناحية الستر على بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي… ـ فذكر الحديث. وقال : ـ فهذا صريح في أن المراد باللعب غير الآدميات، قال الخطابي: .. إنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغ. انتهى. قلت: وفي الجزم به نظر لكنه محتمل؛ لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة، إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها، وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعا، فيترجح رواية من قال: “في خيبر” ويجمع بما قال الخطابي؛ لأن ذلك أولى من التعارض. اهـ.
وهذا الترجيح فيه جواب للسائل، فلم تكن السيدة عائشة قد بلغت آنذاك.
قال البيهقي في (السنن الكبرى): كانت صغيرة في الوقت الذي زفت فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعها اللعب … وليس في شيء من الروايات أنها كانت بلغت مبلغ النساء بغير السن في وقت زفافها, فيحتمل إن كان انشغالها بلعبها وتقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياها على ذلك إلى وقت بلوغها, والله أعلم. وعلى هذا حمله أبو عبيد فقال: وليس وجه ذلك عندنا إلا من أجل أنها لهو للصبيان, فلو كان للكبار لكان مكروها. اهـ.
ولذلك بوَّب عليه ابن حبان في صحيحه فقال: باب “ذكر جواز لعب المرأة إذا كان لها زوج وهي غير مدركة باللعب”. وبوب على حديث غزوة خيبر فقال: باب “ذكر الإباحة لصغار النساء اللعب باللعب، وإن كان لها صور”. وبوب أبو نعيم على حديث لعب عائشة بالبنات في مستخرجه على صحيح مسلم. باب: “تزويج الصغار”. وكذلك فعل البغوي في (شرح السنة).)).
فما هو الجديد الذي جاء به الشاعرفي هذا القول ؟
***
قال الشاعر سعدي يوسف:
*( وعائشةُ ، الحـُـمَيراءُ …)
هل هذه الصفة ادعاء كاذب من الشاعرالصقها بها ، او سبة ، او شتيمة اطلقها بحق السيدة عائشة ؟
لنقرأ ما كتبته مصادر التاريخ الاسلامي في ذلك :
(( في رواية صحيح النسائي من طريق أبي سلمة عنها دخل الحبشة يلعبون فقال لي النبي – صلى الله عليه وسلم- : ( يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم ). إسناده صحيح ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا)). (( فتح الباري 2/444)).
يكفي هذا الشاهد على ما ذكرته مصادر الحديث النبوي ان كان هذا الحديث صحيحا او موضوعا ، فقد ذكرت هذه الكتب هذه الصفة للسيدة عائشة.
***
وقال الشاعر سعدي يوسف :
* ((هكذا
ذاقتْ عُسَيلَتَهُ
وذاقَ محمدٌ ، دبِقاً ، عُسَيلَتَها …)).
اما ما ذكره الشاعر عن تذوقها للعسيلة فهذا مذكور في مصادر التاريخ الاسلامي ، وكتب الحديث النبوي:
((وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت ” جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني فبنت طلاقي، فتزوجني عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدبة الثوب، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك؟” .
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والبيهقي عن عائشة ” أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً فتزوجت زوجاً وطلقها قبل أن يمسها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أتحل للأول؟ قال: لا حتى يذوق من عسيلتها كما ذاق الأول”.)).
***
ويقول الشاعر:
* (كان محمّدٌ ، ما بين رُكعته ، وتالي رُكعةٍ ، ينوي يُباشرُها
وأحياناً يرى ما بين ساقَيها ، صلاةً …
هكذا)
ما الذي غلط به الشاعر؟ اليس هذا هو ما يحدث بين النبي والسيدة عائشة؟
يذكر البخاري في الصحيح:
((الحديث 483: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ 0)).
من الاحايث التي تدعو للعجب فضلا عما طرح في متنها من سؤال كما رأت السيدة عائشة من عجيب امور النبي، هو الحديث الذي يذكره الزمخشري في تفسيره ، كما يذكره البغوي في مصابيح السنة (1 : 231 )، اذ يقول : (( عن ابن عمر : قلت لعائشة : أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله “ص” فبكت وأطالت ، ثم قالت : كل أمره عجيب ، أتاني في ليلتي فدخل في لحافي حتى الصق جلده بجلدي ، ثم قال : يا عائشة : هل لك أن تأذني لي الليلة في عبادة ربي . . .)).
جاء في الادب المفرد للبخاري :530 :(( عن عائشه قال لي رسول الله “ص “: أدفئيني أدفئيني، فقلت له: أني حائض، فقال: وان اكشفي عن فخذيك، فكشفت فوضع خده ورأسه على فخذي حتى دفئ )).
وفي سنن ابي داود 1: 70 (( سألت عائشه : قالت : أخبرك بما صنع رسول الله “ص” : فقال ادني مني ، فقلت : اني حائض ، فقال “ص” : وان اكشفي عن فخذيك ، فكشفت فخذي فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفئ ونام )).
***
يقول الشاعر سعدي يوسف في قصيدته تلك:
* (عائشةُ الحـُمَيراءُ ،
الجميلةُ مثل إيرلنديّةٍ …
صنمُ النبي ّ !)
نتساءل : ماذا ترسم لنا الاحاديث الاتية؟
((يذكر مسلم في صحيحة الحديث 453 : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ وَلَمْ يَذْكُرْ زُهَيْرٌ فَيَشْرَبُ 0)).
ويذكر الزمخري في الكشاف – 3: 552، هامش 2 :
تقول عائشة: (( ما كان رسول الله “ص” يفضّل بعضنا على بعض في القسم، وكان قلّ يوم إلاّ وهو يطيف بنا ويدنو من كلّ واحدة منا من غير مسيس، حتى ينتهي إلى التي هي يومها، فيبيت عندها، ولقد قالت له سودة بنت زمعة وقد أراد أن يفارقها: يومي منك ونصيبي لعائشة! فقبل ذلك منها)) .
و يذكر البخاري في الحديث 242 : ((حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ0)).
والكثير من الاحاديث التي وردت وهي ترسم صورة حية لحبه لها ، وتميزها عن الاخريات. ( راجع كتابنا ” القول الصريح ” – قراءة في احاديث السيدة عائشة – منشور على الشبكة العنكبوتية ).
الم ترسم هذه الاحاديث صورة لصنم كان يراه محمدا لهذه السيدة ؟ ولولا الخشية من الناس ،ولكونه نبيا مرسلا،لعبدها بديلا عن الله.
***
ويقول الشاعر سعدي يوسف في قصيدته تلك:
* (وهاهي ذي ، على جملٍ ، تقاتلُ .)
قصة معركة الجمل وقيادتها لهذه المعركة معروفة للجميع ، ولا حاجة للتكرار .
***
اذن ما الذي جاء به الشاعر من خارج مصادر التاريخ الاسلامي ، وكتب الحديث النبوي والصقة بالسيدة خديجة لنقول عنه انها نال منها او ذكرها بسوء؟
نظفوا – ان كنتم ترون في هذه الكتب وساخة – هذه الكتب مما ورد فيها من اخبار في عرفكم انها تسيء للسيدة عائشة وقد ردده الشاعر في قصيدته.
ويبقى الشعر هو الشعر يقول الحقيقة كما يراها الشاعر شئنا او ابينا ، ولكن مخيلته لا تتخيل الاشياء فقط، إنما تعيد بناء هذه الأشياء وتقدمها لنا بطريقة لا تخلوا من تلك المخيلة وذلك الواقع.
الشاعر لا يسأل بصورة “منطقية” عما يكتبه ، ولا عن الحقيقة التي ترد في تلك القصيدة ، لا نسأله عنها أهي متطابقة عما عندنا من الحقيقة ام لا ؟
الشعر بناية بعد ان يخرج منها العمال تصبح ملكا لمن يسكن فيها، اي ان القصيدة تصبح ملكا للمتلقي ،فان سعدي يوسف غير مسؤول عن كيفية تلقي القراء لها ،فمن المتلقين من يفهما على انها سب وشتم ونيل من السيدة عائشة ، ومن المتلقين من ينظر لها على انها نقل للحقيقة ، ومنهم من يرى فيها مدح ، … الخ ، ولكنها تبقى شعرا ، لها ما للشعر وعليها ما على الشعر.
وقالوا قديما )مَنْ يزرع الريحَ يَحْصد العاصفة (فلماذا ذكروا عن السيدة عائشة هذه المعلومات ان كانوا لا يريدون ان تحصل عاصفة هوجاء من ذكرها في عصرنا الحاضر؟
اما قضية التناص سأتركها الى وقت اخر، فهو تناص واع يتناص مع ما ذكرته المصادر التاريخية من حياة السيدة عائشة.