لكي يكون العراق من الأفضل أن لايحكمه حزب!
تلك حقيقة ساطعة أكدتها الأعوام الجمهورية الدامية , وكذلك الثورات والتغيرات بأنواعها ومؤهلاتها وتفاعلاتها مع الحالة وفقا لإرادة القوى الداخلية والخارجية وغيرها من المؤثرات العديدة.
وبرغم هذه الحقيقة الواضحة واكتسابها صفة البديهية , لكن الجميع يتجاهلها ولا يريد النظر فيها , لأنها تتعارض ومصالحه ورغباته الشخصية وتتقاطع مع منافعه.
فلو سألنا أنفسنا مَن دمّر العراق؟
لتبين لنا بأن الأحزاب السياسية هي التي فعلت ذلك وبلا إستثناء , وبدرجات متفاوتة تتفق ومدة بقائها في السلطة.
فلا يوجد حزب واحد لم يساهم في تدمير البلاد , وإشاعة الظلم والفساد والقتل والعذاب والتهجير وتسخير القانون لمنافعه الحزبية , وتقوية المنتمين إليه على أبناء الشعب , والنيل من الذين ينتمون إلى حزبٍ غيره وترويعهم وتشريدهم والفتك المشين بهم.
وجميع الأحزاب قد تبادلت الأدوار في الفظائع والمفاسد والمظالم والسلب والنهب والقتل الرهيب.
فلا يوجد حزب واحد لم تتلطخ أيادي أعضائه بدماء الأبرياء , ولم يتنعم بحقوق الآخرين من أبناء الشعب المقهورين.
تلك هي حكاية حزبية تدور في أروقة العراق منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين وحتى يومنا هذا ولا جديد في الأمر , إلا أن الأحزاب أخذت تعبّر عن أجنداتها بإسم الدين , وتسعى بجد وعنف وتفجير وإجتهاد عدواني للنيل من بعضها وسحق ما تبقى من العراق.
ولهذا فمن الظلم بحق العراق أن يكون رئيسه رئيسا لحزب وكذلك رئيس وزرائه, لأنهما سيسعيان إلى تحقيق مصالح حزبيهما ولن يجتهدا في تحقيق مصالح العراق , بل إنهما يسخران ثرواته لتأكيد مصالحهما الحزبية وتعزيز مواقع المنتمين لحزبيهما, وبهذا فأن تشكيلة كهذه تدفع بالعراق إلى مزيد من الويلات والخسران.
ومن الأفضل للعراق أن يكون رئيسه مستقلا , ويخضع رئيس وزرائه لمساءلات برلمانية , والأحزاب عليها أن تتنافس على مقاعد البرلمان.
فالرئيس ورئيس الوزراء ينتميان ويدينان بعقيدة العراق أولا وحسب , وأن يكون العراق والعراقية قيمة وطنية عليا يعبران عنها بصدق وأمانة وتفاعل عادل ونزيه.
بهذا يمكن بناء العراق المعاصر , الذي يساهم في سعادة أبنائه وتوفير الفرص اللازمة لتقدمهم وقوتهم وتأكيد مصالحهم في الحاضر والمستقبل.
إن عدم الخروج من أسر الأحزاب سيؤدي إلى تكرار المآسي , ومهما كانت الوسائل الانتخابية فأنها لن تأتي بجديد , ولن تحقق تغيرات ذات قيمة وطنية , وإنما ربما ستدفع إل مزيد من الصراعات الحزبية والفئوية وتنسى العراق , وتتجاهل إرادته ومصلحته فيصاب أبناءه بمزيد من الظلم والقهر والمعاناة , وربما ستؤدي إلى خراب ودمار وتفاعلات سلبية مؤذية, لأنها إنتخابات حزبية لا غير.
ترى هل سيتمكن العراقيون من إبعاد الأحزاب والانتماء إلى العراق , وعدم التنازل عن الهوية العراقية الوطنية الخالصة.
نتمنى أن نرى بعيون الوطن ونفكر بعقله ونجسد روحه الحضارية السمحاء , التي آوت الأجيال البشرية المتنوعة ومزجتها في بودقة العراق , وأذابت الفروقات القائمة بينها , فبنت حضارات تفخر بها الدنيا وتنظر إليها بتقدير وإعجاب وإنبهار كبير.
فلا يستحق الوطن وتأريخه أن يكون المسؤول فيه لا يعرف إلا السعي لتحقيق مصالحه ومخططات حزبه وجني المكاسب الحزبية على حساب القيم الوطنية العراقية.
نرجو من الله أن يؤهل العراقيين كافة لتحقيق مصالحهم الوطنية , وأن يترفعوا عن جميع الأحزاب , لأنها جعلتهم يتأخرون كثيرا.
فاسقطوا كل مسمى وارفعوا اسم العراق إنه يبقى أبيا وسريع الانطلاق.