ما عاد الإسلام دينا بل فتوى , وما أضحى المسلم حرا , بل عبدا تابعا لمن أفتى!!
والفتوى رأي بكل ما فيه وعليه وما يحوم حوله من نوازع ومطمورات وتطلعات ورغبات ودوافع الأمّارات الكامنة في البشر.
والمسؤولية تقع بالدرجة الأولى على مَن يتبع الفتوى , وليس على مبتدعها وحسب.
وبما أن الفتوى رأي , فأنها نسبية الصوابية وفقا للمعلومات المتوفرة , وللظروف المكانية والزمانية , فلا توجد فتاوى مطلقة.
ولا فتوى ملزمة الإتباع , مهما توهم المتوهمون , فالمسلم ملزم بإتباع دينه الذي عليه أن يجتهد لمعرفته بنفسه , لا أن يتبع فلان وعلان من أساطين الضلال والبهتان.
إن إبتعاد المسلم عن دينه وفر الأرضية الخصبة لتجار الدين , وإرتضى لنفسه أن يكون عبدا مطيعا لذوي العاهات النفسية والسلوكية بإسم الدين.
فالذين يتقنعون بالدين ويطلقون الفتاوى كما تشتهي أنفسهم وبما يملأ جيوبهم , لأن الفتوى صارت بضاعة لها مسويقيها وأسواقها وزبائنها المغفلين , هؤلاء يحسبون الناس جهلة وهم العارفون , وهم من أجهل الجاهلين بالدين , لأن من أبسط مبادئ الدين مخافة الله , ومَن يتاجر بالدين عدو الله.
وبموجب الآراء السقيمة التي تسمى جزافا فتاوى , ما عاد الإسلام دينا , وإنما منهج أدعياء دين يسمون بالفقهاء أو العلماء , ولكل منهم دينه الذي يتوافق مع هواه.
ومن هنا صار الإسلام إسلامات , أي أديانا متعددة , وأما المذاهب التي إنتصرت على الدين , فيحسب كل منها بأنه الدين القويم.
وعندما تسأل عن الإسلام , لا تجده في الواقع , وكأنك تبحث عن قشة في بيدر شعير.
والأجيال تبّع خنّع لهذا وذاك من الأدعياء , الذين يتاجرون بدماء الجاهلين , ويؤججون الصراع بين أمة العرب والمسلمين , وهم الغانمون المنصورون من أعداء الدين!!
فأين الإسلام يا أمة الإسلام؟!!