5 نوفمبر، 2024 8:46 ص
Search
Close this search box.

الأقلية والأكثرية وأمة ضحية!!

الأقلية والأكثرية وأمة ضحية!!

قال لي: أن الإنكليز سبب دمارنا لأنهم ساندوا الأقليات لتحكم الأكثريات في مجتمعاتنا , وجاءوا بمن لا يعرف البلاد ليكون سلطانا عليها!!
تأملت ما قاله , وأول ما تبادر للذهن ما المقصود بالأقلية؟
الأقلية: جماعة تربطها أواصر القرابة والأصل واللغة والدين والوطن , وتعيش وسط شعب يفوقها عددا.
إذا نظرنا إلى هذا التعريف الواضح , فأنه يشير إلى إنتفاء وجود ما نسميه أقلية في مجتمعاتنا , فإختلاف اللغة لا يتمم توصيف الأقلية , وكذلك االدين , إن ما يمكن قوله بخصوص مجتمعاتنا , هو طائفيات وعنصريات ومذهبيات , وليس أقليات.
فالواقع العربي محكوم بالمصطلحات المبهمة التي تسوَّق وفقا لتحقيق الغايات المؤمِّنة لمصالح الآخرين.
والأمة تعيش في محنة المصطلحات لتشويش الوعي الجمعي , وتمرير إرادة الطامعين في البلدان المستهدفة.
الدول المعاصرة تستقطب البشر من كافة العناصر والأجناس والمعتقدات , وتضمهم في وعائها الوطني , فلا أقليات , بل إنتماء للوطن , فالكل ينتمي للبلاد التي هو فيها , فلماذا لا ينتمي العربي إلى بلاده , ويتوهم بإنتماءات أخرى , يتم تسويغها وتأكيدها لإمتهانه وتدمير وجوده؟
فتواصلَ التغني بالعرقيات والمذهبيات والعشائريات والقبليات والطائفيات , والتشديد على إظهار الهويات اللاوطنية والعلامات المفرقة الداعية للفتنة والتناحر.
فهل نظر المواطن إلى الدنيا من حوله؟
وهل إغتنمَ وسائل التواصل الإجتماعي ليرى ما يدور في مجتمعات الآخرين؟
وهل تساءلَ لماذا لا نعيش مثلهم؟
ففي هذا الزمن المفتوح , والعالم المتمازج , ستتهاوى الدعاوى المغرضة البالية , ولن يكون لها معنى وقيمة , رغم ما تبدو عليه بسبب الذين ينتمون إلى غير أوطانهم.
ولابد من القول أن الدول العربية منذ نشأتها لم تتجسد فيها الرؤية الوطنية السليمة بمفاهيمها الصحيحة , التي تعز المواطنة وتعلي من قيمة المواطن وتؤمن حقوقه الإنسانية المشروعة , وأكثرها تسلطت عليها أحزاب قومية ومؤدينة ومعولمة وهي لا وطنية , فأدبياتها تتخذ من أي وطن قاعدة للإنطلاق إلى مراميها التي توهمها بها عقائدها.
وبعد أن أطلَّ القرن الحادي والعشرون بإرادته الكوكبية , وتفاعلاته العابرة للحدود والقارات والبحار والمحيطات , لن تعيش هذه المفاهيم والمصطلحات العقيمة البائدة التي تحط من معنى الإنسان , وتمنع عنه هواء الحرية والكرامة والعزة.
فلن يدوم ما يتعارض وإيقاع الزمن المنوَّر بالمعارف والعلوم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات