لي صديق فاجأني ذات يوم بقوله , أن فلان الفلاني يدّعي بأنه سيد ومن أشرف الأشراف , وتأجج غضبه ليقول: “ترى هل نحن أولاد….”!!
موضوع الأنساب وإدّعاء أن فلان سيد , بمعنى لدية صلة دم بالنبي الكريم , وصل حدا غير معقول ولا مقبول مهما توهم أصحابه , فلا رصيد له من الواقع.
فإذا أخذنا بنظر اعتبار الأوبئة والأمراض السارية والمعدية , والحروب والمعارك المتواصلة , التي قامت في زمن الدولتين الأموية والعباسية وما قبلهما , فلا يعقل هذا الإدعاء الذي يجاهر به من هب ودب , حتى تجدنا أمام الملايين من المدّعين بالنسب إلى النبي الكريم.
فما قيمة أن تكون عظاميا؟
هل ستقدم شيئا مفيدا للبشرية , أم أنه تعبير عن النزعة الإستعبادية , التي تجعل الناس سادة وعبيد؟
فلان سيد!!
فلان من الأشراف!!
فلان جده رسول الله!!
وكل مَن جلس على كرسي , أو صار عنده مالا , إدّعى بذلك , وراح يتبختر ويتوهم ما ليس فيه!!
وهذه ظاهرة مستفحلة , ومتورمة بشكل سرطاني مرعب!!
كلهم سادة وأشراف!!
وأضحى المفهومان بضاعة تجارية , ذات ماركة مسجلة , تدر أرباحا وأموالا على المدّعين بها!!
فهذا سيد وعليه أن يسود ويتمشيَخ , ففي المجتمع أصبح الآلاف سادة وشيوخ وأشراف , ومن حولهم العبيد!!
الطاهرة تعزز العجز والقنوط , وتعطي مبررات لأنعدام الجد والإجتهاد , وإعنبار العمل سُبّة , ومن الضروري أن يكون الناس خدما للرموز المتسيّدة التي لا تنتج ما ينفع.
إنها لعبة السيطرة والحكم , فصار السادة والأشراف يقومون بالواجب العبثي والدور السلبي , الذي يزيد من تعويق الناس وإفراغهم من إرادة الحياة , وتعزيز التبعية والخنوع والإذلال.