22 نوفمبر، 2024 2:17 م
Search
Close this search box.

الفضائع الجنسية تطال الكنيسة الكاثوليكية (7)

الفضائع الجنسية تطال الكنيسة الكاثوليكية (7)

أسباب استقالة البابا بنيديكتس السادس عشر في عام2013م
ومن جهته شكك كثيرون في تصريحات البابا والأسباب التي برر بها استقالته التي أعلنها مؤخرا، واعتبروها غير مقنعة، وتضاربت الآراء حول هذه الخطوة غير المسبوقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية منذ 600عام، عندما قام البابا (شيليستينو الخامس) بالاستقالة، وإن كانت الأسباب والظروف مختلفة عن اليوم. واعتبر العالم الكاثوليكي والعالم الغربي إعلان بابا الفاتيكان بنيديكتس السادس عشر التنحي عن سدة البابوية يوم 28 فبراير/شباط عام2013م بالقرار الشجاع والاستثنائي، لما يحمل في طياته من مسؤولية كبيرة لرئيس الكنيسة الكاثوليكية. وجاء قرار البابا المفاجئ خلال جلسة استثنائية للكرادلة على هامش اجتماع للمجلس البابوي، مبررا ذلك بأن صحته وسنه لم يعودا ملائمين لقيادة الكنيسة، وقال البابا “بعد أن فحصت ضميري أمام الله تيقنت بأن قوتي وتقدمي في السن أصبحا غير ملائمين لممارسة منصب الوزارة البطرسية، كما أن عالم اليوم يخضع لتغيرات سريعة، وتحركه مسائل لها أهمية كبيرة لحياة الإيمان، لهذا أُعلن تنازلي عن منصب أسقف روما”.
ويرى أستاذ التاريخ في جامعة الدراسات العليا في مدينة بيزا الإيطالية (البروفيسور دانييلي مينوتسي) في حديث للجزيرة نت، أن مشاكل كثيرة هي التي قد تكون تسببت باستقالة البابا، ويذكر مينوتسي في هذا الصدد فضائح الفساد والاعتداءات الجنسية والصراع على السلطة والخلافات حول “عقيدة الإيمان”، معتبرا أن كل هذه المشاكل ألقت بثقلها على البابا بحيث لم يعد قادراً على إدارة الحكم بنفس النهج السياسي الذي اتبعه حتى الآن. لكن المشكلة الحقيقية كما أوضح مينوتسي، هي عدم مواكبة الكنيسة للعصر الحديث، “فمنذ تسلم البابا منصبه عام 2005م أصبحت الكنيسة أكثر تزمتاً، وخاصة فيما يتعلق بفرضية الحقيقة الحصرية الصالحة لكل زمان ومكان كمعيار عالمي”. ويضيف أن هذه الفرضية خلفت اعتراضات كثيرة في كنيسة روما لأنها تصر على أن المبادئ والقيم الكاثوليكية غير قابلة للنقاش وتنطبق على كافة المجتمعات والسياسات بالتساوي، معتبرا أن هذا يدل على انغلاق الكنيسة تجاه العالم الآخر والحوار مع الديانات الأخرى. ‬‬‬‬‬‬
من جهتها ذكرت الباحثة البلجيكية (البروفيسورماركو فينتورا)، أن البابا برر استقالته بمشكلة صحية “لكن المشكلة الحقيقية هي الصراع من أجل الدين في عالم علماني سريع التغيرات، فالبابا ضحية مثله مثل باقي القيادات الدينية للتغييرات السريعة، ولفكرة أن العلمانية تتناقض مع الدين”.‬‬‬ وأضاف فينتورا للجزيرة نت، أن البابا ركز على السلطة واللاهوت منذ المجمع الفاتيكاني الثاني ولم يترك حيزاً لإبداعات جديدة لإدخال تغييرات على الكنيسة، وركز على شخص الكاهن، واستثنى المرأة من الكهنوت ووطد السلطة الذكورية والهرمية للكنيسة، لكن استقالته أثبتت أنه لم يكن بمقدوره الاستمرار في هذه السياسة المتناقضة مع العصر الحديث.
وفيما يتعلق بالبابا القادم، توقع فينتورا أن يكون من الولايات المتحدة ” لأنها أصبحت المكان الذي يشهد تزايدا في أتباع الديانة الكاثوليكية المتشددة، لكنه أبدى تخوفه من تأثير البابا المستقيل على البابا المنتخب، “لأنه سيكون هناك اثنان وليس واحداً، بما أن بنيديكتس السادس عشر تنحى عن منصبه ولم توافه المنية مثلما يحصل عادة في تاريخ الكنيسة”.
وبحسب مينوتسي، سيعتمد ذلك على اختيار الكرادلة للبابا الجديد، وما إذا كانوا سيختارون بابا على نهج البابا المستقيل أم أنهم سيدركون أن سياسته أظهرت ضعفها وبالتالي يلزم الأمر اختيار بابا قادر على التغيير والتحديث؟. المصدر: الجزيرة نت.
بدايات التحرش الجنسي في عام 1985م
قد تكون بدايات النحرش الجنسي لرجال الكنبسة الكاثولية بشتى مراتبهم الكنسية قديمة، ولكنها ظهرت للملاْ بحق الكرادلة في عام 1985م في ولاية لويزيانا الأمريكية بعد ما اعترف الكاهن (جيلبرت جوث) بالاعتداء الجنسي وإساءة معاملة 37 صبيا، بالإضافة إلى اعترافه بأنه مُذنب في الـ34 تهمة جنائية الموجهة له بحسب صحيفة نيويورك تايمز، وحُكم على جوث بالسجن لمدة 20 عاماً، لكنه أفرج عنه بعد عشر سنوات فقط. وبحسب وكالة رويترز فإن البابا فرانسيس طالب بضرورة تسريع وتيرة التحقيقات التي يخضع لها الكرادلة المتهمين بالاعتداءات الجنسية. وأضافت أنه خلال اجتماع البابا بعدد من الكرادلة الذين يجتمعون في الفاتيكان 4 مرات خلال العام الواحد من أجل مناقشة عدد من الأمور الهامة والتي كان من بينها هذا العام قضية الاتهامات الجنسية.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان (جريج بورك) أن البابا ناقش مع الكرادلة خلال الاجتماع الخطوات التي من الممكن أن يتخذوها من أجل الإسراع من وتيرة التحقيقات المتعلقة بالتحرش الجنسي. وأضاف أن من بين تلك الإجراءات هو إقامة عدد من المحاكم الإقليمية بعدد من الدول من أجل أن تتابع التحقيقات مع الكرادلة والكهنة المتورطين في تلك القضايا.
وتجدر الاشارة إليه أنه عندما اُنتخب البابا الارجنتيني فرانسيس زعيماً للكنيسة الكاثوليكية (بابا) منذ نحو ثمانية أعوام، وتحديداً في 13 مارس/ آذار من عام 2013، تم اصطحابه في جولة – مثله في ذلك مثل أي بابا سبقه – من كنيسة سيستين إلى “غرفة الدموع”، وهي المكان الذي يتوقف بداخله أي بابا جديد لبضع لحظات، ودون شك ذرف الكثير منهم بضع دمعاتٍ في هذه الغرفة وهم يفكرون في المسؤولية الضخمةالمُلقاة على عاتقهم، قبل أن يخرج ليطل من شُرفة كاتدرائية القديس بطرس ليحيي العالم كقائدٍ جديد للكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
ووفقًا لما ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية فإنه عند ظهور البابا فرانسيس، الذي كان يعرف حتى ذلك الوقت بـ”خورخي بيرغوليو”، أسقف العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، لأول مرةٍ في تلك الليلة، بدا متفائلاً بشكل ملحوظ، ومزح قائلاً إن الكرادلة قد ذهبوا إلى أطراف الكرة الأرضية لاختيار البابا الجديد. لكن لو كان البابا يعلم كيف ستسير السنوات الثماني الأخيرة، لكان انفجر في البكاء داخل “غرفة الدموع، حسب ما جاء في تقرير الصحيفة.
بينما حظى البابا فرانسيس بشعبيةٍ ضخمة في معظم أرجاء العالم سواء في الأوساط الكاثوليكية وغير الكاثوليكية، فقد عانى من معارضةٍ شرسةٍ داخل الفاتيكان بسبب سعيه لأن تواكب الكنيسة الكاثوليكية ما يجري في القرن الحادي والعشرين، حيث كافح من أجل إصلاح الحكومة، وحاول إقناع الكرادلة بمراجعة آرائهم بشأن الطلاق والزواج مرة أخرى، ولاقى معارضةً واضحة من بعض الأساقفة المتمردين.
و مع بداية “الصوم الكبير”، وهو واحدة من أهم الفترات في تقويم الكنيسة، وهي الفترة التي يصوم خلالها الكاثوليك، ويقدمون الصدقات ويتأملون في الذنوب البشرية، في الفترة التي تسبق إحياءهم لذكرى صلب المسيح وعيد الفصح. وتتميز هذه الفترة عادةً بالتقوى وفعل الخير، سيغادر البابا روما، الأحد 5 مارس/ آذار 2017م، بصحبة أعضاء الكوريا الرومانية، وهي الجهاز الإداري والتنفيذي والاستشاري الذي يساعده في الفاتيكان على إدارة مهامه المختلفة، من أجل بدء فترة اعتكاف روحي لمدة خمسة أيام.
البابا سيترك دولة محاطة بالاضطرابات والتمرد، وهناك شائعات تزعم أن أعداداً متزايدة من المواطنين في الفاتيكان ترى أنه يجب أن يرحل، وفي يوم أربعاء الرماد، أول أيام الصوم الكبير، تلقى البابا ضربة موجعة من أعدائه، حيث تقدمت (ماري كولينز) التي نجت من حادث اعتداء جنسي بالكنيسة في صغرها، وكانت آخر الأعضاء الباقين باللجنة التي فوضها البابا للتصدي لحالات الاعتداء الجسدي على الأطفال في الكنيسة، باستقالتها من اللجنة، معربة عن خيبة أملها بسبب عدم إحراز أي تقدم وما سمته “الغياب المخزي للتعاون” من جانب المسؤولين المعنيين بحالات الاعتداء الجسدي، لافتة إلى تعنت أعضاء الكوريا الرومانية أو الهيئة الحاكمة في الفاتيكان، وهي الهيئة التي يرغب البابا فرنسيس في إصلاحها.
وباستقالة كولينز من لجنة حماية القاصرين، التي شكلها البابا للتحقيق في فضائح الاعتداء الجنسي للكهنة والقساوسة بمختلف أنحاء العالم، وتواجد الباحث البريطاني (بيتر ساوندرز) عضو اللجنة والذي تعرض هو الآخر لاعتداء جنسي من أحد القساوسة، في إجازة لأجل غير مسمى، فقد فقدت اللجنة مصداقيتها.
واعترض مسؤولو الكوريا الرومانية =) الدائرة الرومانية Curia Romana) أي ما يقابل أمانة سر الدولة على توصية اللجنة بضرورة إنشاء محكمة للتعامل مع حالات الأساقفة المتهمين بالاعتداء الجنسي، على الرغم من موافقة البابا نفسه عليها، وتضع المعارضة التي يواجهها البابا فرانسيس الكنيسة في منطقة مجهولة، وقال (ماسيمو فاجيولي)، وهو عالم لاهوت بارز وصحفي متابع لأخبار الفاتيكان: “الوضع والحالة في الفاتيكان هي السبب وراء ذلك. إنها معارضة ثقافية وسياسية كانت ظاهرة بالفعل بعد أسابيع قليلة من انتخاب البابا فرانسيس، إنهم يعارضون تغيير أسلوب وموقف الكنيسة والتحول من التقاليد الغربية إلى التقاليد العالمية”..
في أيام فرانسيس الأولى كبابا للفاتيكان، ركَّزت الأصوات الخافتة في الفاتيكان على الإصلاحات المالية التي يريد القيام بها. استقال البابا بينيديكتس السادس عشر بعد سلسلةٍ من التسريبات عُرفت باسم “فاتيليكس”، والتي كشفت عن ممارساتٍ مالية فاسدة في الفاتيكان، وسعى البابا فرانسيس إلى إنهائها، ولكن الأصوات المعارضة للبابا تعالت بعد رغبته في الحوار بشأن الزواج والطلاق والمثليين والعائلة.
وبعد اجتماعين للكنيسة بشأن هذه القضايا عامي 2014م و2015م، أصدر البابا فرانسيس وثيقة ( Amoris Laetitia) التي يطلب فيها من أساقفة الكنيسة أن يتخذوا قرارات موضوعية بشأن المُطّلقين والمتزوجين مرة أخرى وتلقيهم للإرشاد الروحي، حيث إن تعاليم الكنيسة التقليدية تنص على أن الشخص الكاثوليكي الذي يتزوج مرة أخرى بعد الطلاق يمكنه أن يتلقى الإرشاد الروحي فقط إذا ألغت الكنيسة زواجه الأول. بعض الأساقفة رأوا وثيقة Amoris Laetitia كتوجيه للترحيب بالأشخاص الذين لم تُبطِل الكنيسة زواجهم ولمنحهم الإرشاد الروحي.
أثار هذا الأمر غضب المحافظين، وأعلن أربعة كرادلة معارضين للتغيير بالكنيسة عن خطابٍ وجهوه إلى البابا فرانسيس، وأعرب الكرادلة في الخطاب الذي أخذ هيئة تعرف باسم “دوبيا”، عن شكوكهم، وطلبوا إجاباتٍ واضحة، وفي حقيقة الأمر تحدوا سلطة البابا من خلال مطالبته بتوضيح تعاليم الكنيسة بخصوص هذه القضية والحياة المسيحية. وخلال أيام، ظهرت ملصقات معارضة للبابا فرانسيس في شوارع روما، بالإضافة إلى انتشار أخبار وهمية وعبارات ساخرة منه على صفحات الجرائد بالفاتيكان. ويحاول البابا أن ينقل بعض القرارات على الأقل إلى الأساقفة والكنائس المحلية في مختلف أنحاء العالم من خلال السماح للكهنة والأساقفة باتخاذ القرارات بخصوص السماح للمُطّ لقين بتلقي الإرشاد الروحي، وكان هذا الأمر بمثابة ناقوسِ خطرٍ بالنسبة للمحافظين.
وبشأن حالات الاعتداء الجنسي الكاثوليكية التي اهتمت الصحافة الغربية بها كثيراً في الآونة الاخيرة، فهي سلسلة من الدعاوى القضائية، والملاحقات الجنائية والفضائح المتصلة بالاعتداءات الجنسية التي ارتكبها كهنة كاثوليك وأعضاء في النظام الديني من الرهبان، وكلاهما تحت السيطرة الأبرشية والأوامر تصدر منهم لهذه المؤسسات برعاية المرضى أو تعليم الأطفال.
بدأ اهتمام الرأي العام بهذا الموضوع وعلى نطاق واسع في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، وعلى الرغم من الوعي الذي انتشر وعلى نطاق مدى واسع النطاق لهذه التجاوزات، كانت أول الدول المهتمة بهذه الانتهاكات الخطيرة وتلقى الموضوع اهتماما واسعا في وسائل الإعلام في كل من: فرنسا، المانيا، استراليا، كندا وأيرلندا والولايات المتحدة، وبدأت بعدها حالات أخرى يتم التبيلغ عنها بلدًا بعد اخر وحصلت الانتهاكات حتى في قارات مختلفة وفي بلدان عديدة.
إن الكثير من الفضائح تركزت حول تصرفات بعض الأفراد من رجال الدين الكاثوليك الذين لم يتم الإبلاغ عن الجرائم الجنسية التي ارتكبوها إلى السلطات القانونية، في حين على العكس من ذلك فقد تم التستر عليهم ونقل الجناة إلى أماكن أخرى، في خطوة من شأنها التغطية على الفضائح وضمان عدم وصولها للسلطات القضائية وبالتالي الإعلام، في حين أن ذلك تركهم على اتصال مع الأطفال، وبالتالي إتاحة الفرصة لهم لمواصلة الاعتداء الجنسي على هؤلاء الأطفال، و في استجابة لهذه الفضائح بعض الأساقفة والأطباء النفسيين ادعوا أن علم النفس الحديث يشير إلى أنه من الممكن في بعض الأحيان إلى أن يتم الشفاء من مثل هذا سلوك من خلال تقديم المشورة.
وعلى الرغم من أن الفضائح الجنسية والاعتداءات على الأطفال والقصر حدثت في كثير من الكنائس لكن وقعها كان الأكبر على الكنيسة الكاثوليكية فقد كانت الأكثر تضررا من الفضائح التي تنطوي على البالغين من العاملين فيها الذين يمارسون الجنس مع الأطفال. وفي الولايات المتحدة الامريكية على سبيل ألمثال، دفعت الكنائس أكثر من 2 مليار دولار على سبيل تعويض مادي للضحايا. أما في أيرلندا مثلا، فقد هزت تقارير الاعتداءات الجنسية رجال الدين الكاثوليك في أعلى قمة التسلسل الهرمي والدولة على حد سواء مما أدى لاحقا إلى استقالة الحكومة. كما قد كشفت دراسة حكومية دامت لمدة تسع سنوات، تقرير ريان، الذي نشر في مايو/حزيران عام 2009م، كشفت عن أن عمليات الضرب والإهانة من قبل الراهبات والقساوسة أو الكهنة كانت حالة عامة في المؤسسات التي كانت ترعى ما يصل إلى 30000 طفل، وكشف التحقيق أن القساوسة الكاثوليك والراهبات وعلى مدى عقود قاموا ب “ترويع الآلاف من الفتيان والفتيات، في حين أن مفتشي الحكومة فشلوا في وقف مثل هذه الانتهاكات”.

أحدث المقالات