22 نوفمبر، 2024 4:48 م
Search
Close this search box.

نصير النهر..أيقونة الكلمة ومحترف صناعة الخبر والتقرير والتحقيق الصحفي

نصير النهر..أيقونة الكلمة ومحترف صناعة الخبر والتقرير والتحقيق الصحفي

نصير النهر (أبو أوس) هو أيقونة الكلمة المبدعة، وهو مبدع الصحافة العراقية في عز ازدهارها، وهو فوق كل هذا محترف صناعة الخبر والتقرير والتحقيق الصحفي.

تتلمذ على يديه العشرات من العاملين في الحقل الصحفي، بجريدة الجمهورية الغراء، واستفادوا من خبراته ومهاراته في الإعداد والصياغة الخبرية، ولم يكن بوسع صحفي عراقي في السبعينات والثمانينات من لم يذكر الرجل بالعرفان والاعتزاز، ومن سماته المحببة أنه يحب البساطة في التعامل والتعاون مع الاخرين، ومرح وصاحب نكتة، وله علاقات واسعة مع كل من عمل في الوسط الصحفي طوال عقود من السنين.

وما من خبر أو تحقيق أو حتى مقالة في جريدة الجمهورية دون أن تكون للأستاذ نصير النهر لمسة عليها، وهو يمتلك قدرات فائقة في تشذيب الخبر وصقله واعادة تركيبه، وكذلك بقية الفنون الصحفية، ما أكسبه مهارة قلّما يمتلكها آخرون من بني جيله، وكيف لا وهو الذي خبر ميدان الكتابة الأدبية والصحفية منذ نعومة أظفاره.

ومن دواعي سرورنا وفخرنا أننا عملنا مع الأستاذ نصير النهر في جريدة الجمهورية منتصف السبعينات والثمانيات وما بعدها، وكان أحد مخضرمي السلطة الرابعة، ومن ولج قصور صاحبة الجلالة وأبدع في الكتابة الأدبية والصياغة الصحفية، منذ أيام شبابه الأولى، وقد أرسى دعائم صياغة الخبر والتقرير والتحقيق الصحفي، ووضع لها قواعدها وأصولها المهنية، ويشهد له الكثيرون بأنه مطوع الحرف الصحفي، وهو من يصهر الكلمة ويضيف عليها نكهة من بهاراته المميزة ليظهر بريقها، ويكون بمقدور من يتذوقها أن يتلذذ بطعمها الطيب المستساغ.

عاصر الزميل نصير النهار الكثير من مخضرمي الصحافة وكبار محترفيها، وقد عمل في الصحافة العراقية منذ الخمسينات، ولاحقا كان من أبرز من عمل معهم في الثمانينات الزملاء حسين فوزي وزهير العامري وكاتب هذه السطور ومنذر آل جعفر وضرغام هاشم وسلام كاظم والمرحوم لؤي البلداوي وحسن كامل وعدنان العامري واخرون كثيرون لم تسعفنا الذاكرة لإدراج اسمائهم في هذا العرض السريع.

يذكر أن الاستاذ نصير النهر ولد بمدينة الصويرة في محافظة واسط عام 1943، وقد أكمل دراسته الأولى فيها ثم أكمل الثانوية في بغداد، عمل في صحف البلاد والتآخي والنور ثم مجلة ألف باء وجريدة الجمهورية وعين سكرتيراً للتحرير، وأبدع الرجل في اعداد الخبر والتقرير الصحفي، وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب وعضو نقابة الصحفيين العراقيين.

ومن بين الأسماء التي لها أثر كبير في الصحافة العراقية كما يقول هو الاستاذ سعد قاسم حمودي، الذي ابتدأ العمل منذ الخمسينات في صحيفة والده “الحرية”، ثم رأس تحرير صحيفة الجمهورية، ودار الجماهير للصحافة، وكان يتميز بـ “الباب المفتوح” أمام كل كادر التحرير، ويتعامل مع هيئة التحرير على أساس الكفاءة، بعيدا عن التحزب، وفي اثناء رئاسته لصحيفة الجمهورية كان الزميل نصير النهر، من أبرز الذين ساهموا في اصدار أول ملحق علمي إسبوعي “طب وعلوم”، وعلى ذكر صحيفة الجمهورية التي عمل فيها مدة تقارب الثلاثة عقود، تزايدت طباعة ومبيعات الصحيفة من الفي نسخة الى نصف مليون نسخة يومياً، ومعها الملاحق الأسبوعية الرياضية والعلمية والثقافية وغيرها.

يقول الاستاذ نصير النهر في حوار معه انه قد التحق بالحركة الطلابية اليسارية، في عام 1955، وكان الشعر ملهمه في النشاط السياسي، وشاءت الظروف ان ينتقل الى مدرسة أخرى، في السنة التالية، هي الثانوية الشرقية في الكرادة، وكان في الصف الثالث المتوسط، فيما صار بيت والده أقرب الى بيت صديقه الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، الذي كان محباً له، ومعجباً به، كونه صديق أبنائه كفاح ونجاح، إضافة الى انه فُصل من المدرسة لأول مرة عندما القى في الاصطفاف المدرسي قصيدة “يوم الشهيد” للشاعر الجواهري.

في تلك الحقبة، كانت النقمة على تحالف ميثاق بغداد “السنتو” تتفاقم في الشارع العراقي، وزاد منها العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، واشتعال الانتفاضة الشعبية ضد العدوان، وبرزت الثانوية الشرقية في الانتفاضة بإجماع لا نظير له، وقد كان (النهر) من أبرز عناصرها، ولمدة 3 أيام متواصلة كان -كما يقول -مرفوعاً على الاكتاف، لإلقاء القصائد الثورية الحماسية.

ويؤكد السيد نصير النهر أن الصحافة العراقية شهدت ازدهارا في فترة النصف الثاني من الستينات أكثر من سواها…لافتا الى أن الوضع الإعلامي والثقافي الحالي مرتبك جدا، لاسيما للمتلقي البسيط، الذي يتابع الفضائيات ومواقع الانترنت، مع وجود أفضليات لدى الكثير من قراء الصحافة الورقية ونكهتها المتميزة، وهو يرى أن الاستقرار السياسي والاقتصادي هو الكفيل بفرز الغث من السمين… وهذا الاستقرار يبدو احتمالا بعيد المدى، ويتطلب الكثير من الجهد لإعادة الحياة للثقافة العراقية.

أما القول بأن الدور المهم للصحافة العراقية قد انتهى بعد هذه الفوضى في الصحافة مهنيا ونقابياً «في الوقت الحاضر»، فان ذلك، كما يقول، لا يلغي المستقبل، وكما يقول الجواهري “أعُقماً واُمّات البلاد ولودةٌ…. وإنك يا اُم الفراتين أنجَبُ”.

تحياتنا للأستاذ نصير النهر (أبو أوس) .. وله من جميع من عملوا في رحاب صاحبة الجلالة ومن مخضرميها ألف تحية وتقدير .. وأمنياتنا له بالعمر المديد والتوفيق الدائم.

أحدث المقالات