انشاء اقليم كوردستان في عام 1991 بعد تحديد المناطق الآمنة للشعب الكوردي بقرار دولي، خلق هاجساً بل فوبيا لدى الدول التي تتقاسم ارض كوردستان في المنطقة ولم تتوانى هذه الدول عن استخدام اية ادوات لزعزة الاوضاع في الاقليم امنيا واقتصاديا وسياسيا واحيانا بادوات الضغط الداخلية وفي احيان اخرى من خارج حدود الاقليم.
المتتبع لأوضاع اقليم كوردستان منذ انشائه في ربيع 1991 ولغاية اليوم يلاحظ وبشكل جلي بأن النظام البعثي اول من كان له ردة فعل ازاء الاوضاع الجديدة في جنوب كوردستان عندما سحب مؤسساته ودوائره من اقليم كوردستان وفرض حصارا اقتصاديا جائرا على الشعب الكوردي بغية تركيعه ومن ثم محاولة الانقضاض عليه وفرض هيمنته وسطوته عليه.
الشعب الكوردي الذي تعرض خلال 35 عاما من سلطة البعث لجرائم الابادة الجماعية من الانفالات واستخدام الاسلحة المحرمة الدولية لم يستسلم امام الضغوطات التي مارستها سلطة البعث عليه ،بل تحدى تلك الضغوط بصمود قل نظيره ولم يركع امام جرائم التجويع والترهيب التي مارسها البعث ضد اقليم كوردستان،بل زاده عزيمة واصرارا على تجاوزها وتطوير الاقليم من جميع النواحي واعمار الدمار الذي خلفته العمليات العسكرية للسلطة الدكتاتورية.
بعد سقوط نظام البعث في 2003 وحصول تغيير جذري في نظام الحكم في العراق بدعم دولي،تنفس الشعب العراقي بشكل عام والكوردي على وجه الخصوص الصعداء ضنا منه ان الأوضاع الجديدة ستبني عراقا جديدا مبنيا على تكافؤ الفرص وحقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية وتوفير حياة حرة امنة للمواطنين وبناء مؤسسات حكومية تنسجم مع الواقع الجديد وفقا للقانون والدستور.
الا ان تقادم الزمن اثبت ان تلك الاحلام الوردية كانت مجرد اوهام وسراب،في ظل نظام المحاصصة والصراع على السلطة بين القوى التي تسلمت زمام الامور في البلاد والفشل الذريع في ادارة دفة الامور وزج البلاد في حرب طائفية واستمرار جرائم القتل ونهب ثروات العراق عبر عمليات فساد كبرى قل نظيرها في التاريخ ،اريد منها هذه المرة تدميرماتبقى من البنى التحتية وجعل العراق بلدا ضعيفا ومتخلفا قياسا بدول المنطقة لأهداف معروفة.
وخلال تلك الفترة لم تنته معاناة الشعب الكوردي على يد النظام الجديد، بل استمرت الضغوطات على اقليم كوردستان وشعبه بأملائات من قوى اقليمية بحيث وصل الأمر الى استخدام سياسة العقاب الجماعي وتجويعه عبر قطع موازنته ورواتب الموظفين في عام 2014 من قبل بغداد لفرض هيمنة و ارادة شوفينية عنصرية عليه ووضع العصي في عجلة التقدم والاعمار والازدهار الاقتصادي الذي شهده الاقليم من جميع النواحي.
وضمن استمرار مسلسل الضغط على حكومة اقليم كوردستان وبعد فشل القوى الاقليمية ويأسها من استخدام ادواتها من الاحزاب والقوى العراقية المشاركة في العملية السياسية ،اقدمت وبالتعاون مع اجهزة مخابرات مشبوهة على تأسيس منظمة ارهابية وحشية من بقايا المنظمات الأرهابية السابقة القاعدة ومشتقاتها وضباط وعتات مجرمي النظام السابق سمتها( تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام) لتعمل على شكل منظومة ارهابية عالمية مخيفة لضرب الحركات الوطنية والديمقراطية في المنطقة.
اذ قام التنظيم الارهابي منذ بدايات نشوئه بمحاولة ضرب القوى الكوردستانية الوطنية في المنطقة وحاولت بعد السيطرة على مدينة الموصل التمدد نحو قرى ومدن وقصبات اقليم كوردستان ،الا ان قوات البيشمركة تصدت لها بكل ما تمتلك من قوة وتمكنت من وقف زحفها وتكبيدها خسائر كبيرة ومن ثم طردها من جبل شنكال والمساهمة الفاعلة في تحرير الموصل.
وطبقا لأحصائية وزارة شؤون البيشمركة نشر في وسائل الاعلام، بأن مسلحوا داعش الارهابيين نفذوا خلال ثمانية ايام فقط اي في الفترة بين (27 تشرين الثاني 2021) و(5 كانون الأول 2021)،ست هجمات في مناطق كركوك وكرميان ومخمور، أسفرت عن استشهاد 22 بيشمركة وثلاثة مواطنين مدنيين”.
وتشير تلك الأحصائية التي نشرت في نهاية شهر كانون الأول الماضي إلى أن “مسلحي داعش نفذوا خلال عام 2021 فقط 229 عملية إرهابية في المناطق الكوردستانية الواقعة خارج إدارة إقليم كوردستان، أسفرت عن 356 شهيداً و480 جريحاً إلى جانب اختطاف 33 شخصاً”.فضلا على العمليات الأرهابية في السنوات الماضية التي تقدر خسائرها بآلاف الشهداء والجرحى والمفقودين والمختطفين.
حزب العمال التركي الذي لم يعد خافيا على المتتبع للشأن الكوردي الهدف من وراء انشائه في المنطقة بدعم مخابراتي مكشوف ومفضوح هو الاخر اتخذ موقف العداء لأقليم كوردستان منذ الايام الأولى لأعلان الأقليم تماشيا مع مواقف الدول المحتلة لأرض كوردستان ومنذ ذلك الوقت يسعى للضغظ على الاقليم عبرالتدخل في شؤونه الداخلية تارة وجر الجيش التركي الى اراض الاقليم تارة اخرى.
وتشير مصادر اعلامية الى أن خسائرقوات البيشمركة والمدنيين في المناطق الحدودية لأقليم كوردستان جراء الاستهداف المباشر لقوات البيشمركة والمدنيين العزل من قبل مسلحي ال(pkk) والعمليات العسكرية التركية داخل اراض الاقليم بذريعة مطاردة هؤلاء المسلحين خلال العام الماضي اوقعت عشرات الشهداء والجرحى خلال العامين الأخيرين فقط فضلا على اضرار وخسائر مادية تقدر بملايين الدولارات جراء حرق الغابات والمزارع وتدميرالبنى التحتية وتدمير القرى الحدودية وتهجير اهاليها.
وتعزيزا لما ذكرناه في مقالنا نستشهد بتصريح للكاتب وعالم الأجتماع التركي إسماعيل بيشكجي لموقع (نرينا آزاد)(الرأي الحر)والذي اكد فيه أن حزب العمال ال ((PKK يعمل على إنهاء وجود كيان إقليم كوردستان بما يمثل إرادة كل من تركيا و سوريا و العراق و إيران.
بناء لما تم سرده من احصائيات واحداث حقيقية و واقعية يمكن القول بما لا يقبل الشك أن داعش وال(pkk) يجمعهما اهداف مشتركة في المنطقة منها محاولة زعزعة الأمن والأستقرار في اقليم كوردستان خدمة لأهداف النظم التي تتقاسم ارض كوردستان فضلا على خدمة مصالح بعض القوى الأقليمية والدولية الأخرى التي تحاول السيطرة على امكانيات ومقدرات المنطقة الأقتصادية والعسكرية والجيوسياسية.