26 فبراير، 2025 1:11 م

(النساء والكتابة 2- 46): أبدعت المرأة العربية في الكتابة عن هموم عالمها كأنثى في المقام الأول ونجح بعضهن في الكتابة خارج هذا الإطار

(النساء والكتابة 2- 46): أبدعت المرأة العربية في الكتابة عن هموم عالمها كأنثى في المقام الأول ونجح بعضهن في الكتابة خارج هذا الإطار

 

 

خاص: إعداد- سماح عادل

الاعتراف بتميز الكتابات النسائية، ووجود كاتبات توفقن في مجال الكتابة أمر جيد عندما يصدر من كتاب رجال، لأنهم بذلك يقرون بالتميز الذي تتمتع به الكاتبة ونصوصها.

هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق عن الصعوبات التي تواجه الكاتبات، وطرحنا هذه الأسئلة:

  1. في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
  2. ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  3. ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
  4. هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
  5. هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟

النساء الآن أصبحن قادة وتكسرت كل العوائق..

يقول الفنان التشكيلي السوداني والكاتب “إسماعيل حسن”: “بالنسبة للتواجد على الساحة الثقافية للكاتبة أفضل طبعاً التفرغ التام للكتابة، لأن مسؤوليات الأمومة والتزامات المنزل أحياناً قد تحد من لحظة الإلهام، ولكن تلك المسؤوليات بالتأكيد لا تؤثر على الإنتاج الفني والأدبي والمواكبة للساحة الثقافية. عموماً هنالك مخرج من ورطة المسؤوليات وهي استغلال الزمن الأمثل والتحكم في العمل الفني المتواصل لأيام، فالكاتبة الحقيقية والمنتجة لا تتأثر بالقيود بل توظفها توظيفاً جمالياً في مشروعها”.

ويواصل: “للنساء طبعاً قيمة فنية كبيرة جداً مقارنة بالرجال وذلك في إحساسهن بمعنى الحياة الأعمق ومعاني الوجود والحب والوطن والعلاقات الاجتماعية وغيرها من المواضيع التي يتم تناولها. أما من ناحية التفرغ وفرص الرجال الأفضل في الإنتاج فهي بالتأكيد قادرة على العطاء في كل الأحوال، فالمرأة الكاتبة هي شعلة فنية لا تموت بمسؤوليات المنزل والالتزامات الاجتماعية إذا كان لديها مشروعاً فنياً بفكر عال ومبدأ لا يتزحزح فهي الأفضل بالتأكيد من الرجل”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “بالنسبة لتحطيم التابوهات فأنا دوماً أقف بجانب الجرأة والحرية والاختلاف وكلها تقود إلى الإبداع، لماذا يكون هنالك قيداً سياسياً تجاه الإبداع بالرغم من أن الفلسفة أو الإعلام أو غيرها من المجالات الأخرى انتهت من مسألة القيد السياسي مبكراً، دوماً يكون الإبداع بكافة أشكاله مراقب ومسلط عليه سيف النقد والديكتاتوريات الاجتماعية والدينية والسياسية.

من هنا أحيي جميع النساء الكاتبات في وطننا العربي والعالم أجمع لهذا النضال الإبداعي المستمر. وبالنسبة للكتابة الأيروتيكية فالعالم العربي لم يستطع التعبير عن الأحاسيس التي تتعلق بالجسد الإنساني والشهوات، فالقضية قضية لغة هنا في فك المصطحات. نحتاج لوقت طويل لكي نعبر بكل حرية تجاه حاجاتنا وحاجات المجتمع ونزاعاته بشكل إبداعي”.

وعن التواجد على الساحة السياسية يقول: “خلال السنوات الماضية بدأت النساء في التواجد بانتظام على الساحة الثقافية ولكن ليس بالمطلوب عموماً، نحتاج لمزيد من الإبداع والمواكبة مع التغيرات التي يشهدها العالم من كل النواحي، هذه التغيرات تصحبها مساهمات ثقافية إذ لابد من الإنتاج، والنساء الآن أصبحن قادة وتكسرت كل العوائق ابتداء من لحظة الكتابة مروراً بإنتاجها وعرضها للمتلقي وتدشينها على المحافل الإقليمية. بالنسبة للحركة النقدية المصاحبة لكتابات النساء لم ألحظ أو أدقق حول الكتابات النقدية والتي عموماً أتمنى أن تكون منصفة وعميقة تساهم في مزيد من الإنتاج الفني”.

وعن وجود اختلافات ما كتابات النساء وكتابات الرجال يقول: “في رأيي أن هنالك اختلافات بين كتابات النساء وكتابات الرجل، هذه الاختلافات طبيعية من ناحية التعبير، التفكير، الدلالات، الأسلوب”.

مجتمعاتنا العربية قادرة على فرز المزيد من الكاتبات المميزات..

ويقول الكاتب الأردني من أصل فلسطيني “سعيد الصالحي”: “المرأة كما الرجل كل منهما لديه العديد من الأعباء اليومية والمسؤوليات تجاه الأسرة في المقام الأول ومن ثم تجاه المجتمع بشكل عام، فإن كانت الأعباء وحسب هي السبب في غزارة الإنتاج ونوعيته فالرجل سيتأثر كما تتأثر المرأة، ولكننا نشاهد غزارة نسبية في إنتاج الرجال مقارنة مع النساء وبرأيي يعود السبب في ذلك إلى طبيعة البيئة اليومية التي تتواجد فيها المرأة في بلادنا العربية، والتي تحد كثيرا من تعزيز تجربة المرأة.

وكما نعلم جميعا فإن التجربة والمعايشة المختلفة لكافة مكونات المجتمع من أبرز العناصر التي تثري فكر الكاتب وتدفعه نحو الإبداع الأدبي والفني بشكل عام، فمن وجهة نظري القيود العملية العديدة التي تفرضها مجتمعاتنا العربية على المرأة هي السبب في قلة إنتاجها الفني وفي مختلف المجالات الأدبية والفنية الأخرى”.

وعن مقارنة النصوص يقول: “عندما أحكم على النص في أي رواية لا أنظر إلى جنس كاتبه، فعندما أبدأ بسبر غور رواية ما أعيش تفاصيل هذا النص حسب مقتضيات السرد، فتحملني الكلمات والعبارات بين المشاهد وأجد نفسي في العالم الذي أراده لي الكاتب أو الكاتبة.

ولكن ما يميز النصوص التي تنتجها المرأة العربية في الغالب هو الانحياز للعواطف على اختلاف أنواعها، فالمرأة هي المرأة وغالبا ما تحاول أن تتغلب بالقلم والأوراق على كل ما يقف في طريق مشاعرها وأحاسيسها، وهذا لا يعني أن المرأة لا تبدع إلا عندما تكتب في الرومانسية ولكنها تتبع مشاعرها وأحاسيسها الخاصة عندما تتناول أي قضية في أعمالها الأدبية.

لقد أبدعت المرأة العربية في الكتابة عن هموم عالمها كأنثى في المقام الأول ونجح بعضهن في الكتابة خارج هذا الإطار”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “الكتابة في هذا المجال تتطلب لغة مميزة تثير وتلهب القارئ وتشعل خياله بشتى أنواع الصور والتخيلات، ولكن الخط الفاصل بين هذا النوع والإسفاف خط رفيع جدا يتطلب عدم قطعه مهارة ودقة من الكاتب، أنا لست ضد وصف مشهد صغير بهذه الطريقة في رواية كبيرة ولكنني لست مع هذا النوع من الكتابة كتخصص صريح، ربما ينجح هذا النوع من الكتابة في الشرق أو الغرب ولكن في بلادنا لن ينجح إلا إذا منعت المادة المكتوبة من جهات الرقابة، وفي هذه الحالة سيتم تداولها سرا كما يتم تداول أي نوع من الممنوعات وفي هذه الحالة لا أستطيع أن اسميها عملت أدبيا، لأن العمل الأدبي كالشجرة لا يزدهر إلا فوق الأرض وتحت الشمس.

أنا لا أفضل هذا النوع من الكتابة لكلا الجنسين وليس للمرأة وحسب”.

وعن تواجد النساء على الساحة الثقافية يقول: “وأنا أبحث في ذهني على إجابة لهذا السؤال قفز إلى ذهني أسماء كاتبات عربيات مميزات من أمثال “مي زيادة ورضوى عاشور وأحلام مستغانمي وغادة السمان ونازك الملائكة” وغيرهن،  ولم أجد عناء أيضا في استعادة أسماء أعمالهن التي قرأتها أو سمعت عنها، إن هذه الكوكبة الرائعة من الكاتبات العربيات قد استطاعت أن تحجز لنفسها موقعا متقدما وبارزا لدى الجمهور العربي والعالمي في بعض الأحيان، وعلى غير عادة مجتمعاتنا الذكورية فقد اعترفت بنجاحهن وتم الإشادة بهن من جميع النقاد وتم تكريم بعضهن في معظم الدول العربية.

وما زلت موقنا بأن مجتمعاتنا العربية قادرة على فرز المزيد من الكاتبات المميزات الرائعات”.

وعن وجود اختلافات ما بين كتابات النساء وكتابات الرجال يقول: “كما أسلفنا سابقا الكتابة هي الكتابة ولكن المرأة في الغالب تولي اهتمامها الأول لنصرة قضاياها المختلفة والتي تشعر بأن تعاطي الكتاب الآخرين معها كان على استحياء أو غير مكتمل، فالمرأة تجد أن تحك جلدها بظفرها وأن تطرح قضاياها وتقدم الحلول بكل جرأة، فالمرأة العربية في معظم كتابتها تقدم الحلول أكثر مما تطرح من أسئلة وتحاول أن تتواصل مع القارئ وتغيره بما يخدم قضيتها التي تؤمن بها وتطرحها من خلال الكتابة.

فنرى هموم المرأة العربية ومشكلاتها وسبل التغلب على هذه المشكلات هي الشغل الشاغل لكاتبتنا العربيات، في حين أن كتابنا العرب من الرجال قد تعاطوا مع كل شيء تقريبا في حياتنا مع تخصص بعضهم في موضوعات وقضايا وطنية محددة.

ولكن مما لا شك فيه أن بعض الكتابات العربية التي غزلتها المرأة العربية ستبقى خالدة لأزمان في وجدان القارئ العربي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة