5 نوفمبر، 2024 8:47 ص
Search
Close this search box.

ما السبيل لإيقاف مد الإسلام السياسي المتعاظم في العراق؟

ما السبيل لإيقاف مد الإسلام السياسي المتعاظم في العراق؟

من يوم لآخر ومنذ حدوث التغيير وسقوط الصنم، ورعاة الإسلام السياسي ودعاته ومؤيدوه والمستفيدون من هيمنته على الحياة السياسية في العراق يتعاظم دورهم ويمتد في كافة مفاصل الحياة العراقية بالرغم من قسوتها ومكابدات العراقيين وبلاويهم المتواصلة، موظفين كل امكاناتهم للاستحواذ على كل شيء بما فيها مصادرة الحريات وقمع الأصوات المناوئة، وأقصد هنا دعاة السلام السياسي، من خلال تشكيل مليشيات منحوها صلاحيات واسعة في لجم أي صوت معارض واحتجاجي لتجاوزات معمميهم ممن ابتعدوا كثيرا عن الدين والعبادات وتوجهوا الى مسلسل الفساد والاستحواذ على خيرات البلاد وتبديد ثروة البلاد وافقار العباد بتسييس الدين بشكل سافر لمصالحهم الضيقة، خلال هذه الفترة المريرة والعراقيون المغلوبون على أمرهم في حالة من اليأس وفقدان الأمل بتغيير أحوالهم وتحسين أوضاعهم بعد أن راهنوا على حصول تغيير ولو نسبي للخروج من نفق المغامرات التي سببها طاغية العراق وزمرته المجرمة، ولكن حدث العكس تماما فقد تحول دعاة الإسلام السياسي الى أسوء خلف لأتعس سلف، وبقيت رحى الوضع تدور في فلك الخراب وتدمير البلاد وسغب العباد، وهكذا وقع العراقيون في حفرة أخرى أشمل وأوسع من حفرة جرذ البعث المجرم، وبقيت دار لقمان على حالها دون أي تغيير أو بصيص أمل يلوح في الأفق، بل بالعكس فأن هؤلاء الدعاة سعوا بكل وقاحة وتحدى للإنسان العراقي في سلب حريته وفرض وصاية غلّفوها بالاطار الديني، بشكل أضر كثيرا بالدين وسماحته وأبعد الآلاف من العراقيين عن التدين، فكانت هبّة تشرين المباركة التي زلزلت عروش هؤلاء الدعاة بالدين نفاقا وتشويها، وكانت ثورة الشباب العراقي الذي فاض به الكيل فخرج في ثورة عارمة أرعبت الطغاة الجدد وادخلتهم في حالة من الرعب بحيث سخّروا كل امكاناتهم المليشاوية والمادية وجنّدوا ذيولهم لتصفية الحركة الشبابية الناهضة واستخدموا كل أساليب القمع والوحشية فكانت النتيجة سقوط مئات الضحايا وآلاف الجرحى والمعطوبين والمغيبين الذين لا يعرف ذووهم مصائرهم.
إزاء هذه الغُمة التي خيّمت على العراقيين بحيث تعاظم الفقر وتناسلت البطالة واستشرس الفساد وعمّت الفوضى وأُهمل الإعمار بشتى مناحيه وغاب أي أثر للدولة. ما زال الإسلاموييون ودعاة التدين المرائي، يزدادون شراسة وفتكا ووقاحة بتوظيف وصاياهم وفتاواهم للجم الصوت العراقي الحر ومحاولات فرض هيمنة دينية كما يدّعون على الشعب العراقي متعدد الأطياف والمذاهب والأديان والاتجاهات وفرض اللون الواحد الذي دونه والموت والملاحقات والتصفيات الجسدية وتتمة نهب خيرات البلاد وافقار العباد.
وما حصل أخيرا بسبب الزوبعة التي حصلت إثر حفلة المخبول محمد رمضان وما تبعتها من تحركات وأفعال وردود فعل استغلتها قوى الإسلام السياسي بطريقة فضّة ومخادعة ومنافقة، قصد توجيه الاتهام للقوى المدنية، لتشويه هذه القوى الحية الآخذة بالتمدد وإزاحة النفوذ الاسلاموي وفضح دعاته ومنافقيه وفاسديه ومشوهي كل جميل في العراق المعروف بالفن والجمال والإبداع وحب الحياة، مستخدمين شتى الوسائل الكاذبة والمفضوحة لتشويه المد الحضاري الحقيقي الذي يهيمن على عقول الشباب اليوم، خشية أن يزحف هذا الضياء المبارك نحوهم قصد كنسهم وتخليص العراق من شرورهم وتبعيتهم وكل ما قاموا به من فساد وخراب وفرض محاصصة مقيتة ووضع العراق الكبير في وجه العاصفة.
ما السبيل إذن لفرض السلطة المدنية الجامعة لكل الهويات المجتمعية الوطنية التي تشكل النسيج العراقي المتنوع والبهي، دون حدوث خروقات من ها الطرف أو ذاك تحت أية ذرائع أو مسميات سيما من دعاة الإسلام الذين ساحوا في الأرض العراقية وهم يوزعون تهديداتهم وحضورهم المسلح السافر دون رادع قانوني أو أخلاقي بمباركة وتبني وتحريض وإفتاء من لدن رجال دين، يدّعون بسعيهم للحفاظ على مبادئ الدين وهم يمارسون هيمنة لا تعترف بالقوانين ولا بالتقارب المجتمعي ولا الاعتراف بالرأي الآخر ولا الاحترام لحرية المواطنين وقناعاتهم ولا التقارب والتساكن المجتمعي السلمي المعروف لدى العراقيين، إنهم يستغلون أية حجة أو حدث لا يرغبون فيه لشن الهجوم السافر على الحريات العامة تحت يافطة الدفاع عن الدفاع عن الدين، تلك الأسطوانة المشروخة، وهم أبعد ما يكونون عن الدين وسماحته.
وها نحن نمر بأزمة جديدة تشبث بها المعممون السياسيون، تلك التي تتعلق بالعرض المسخ والمرفوض للمدعو محمد رمضان وإتهام القوى المدنية بأنها هي من تبارك هذا المسخ، في حين أن المدنيين بشتى مشاربهم رفضوا تلك المسخرة، وكانوا يصرحون بأن محمد رمضان يعرض فنه بشكل داعر من خلال التعري، ورغم أننا نرفض ونستهجن مثل هكذا مسخ يسمونه بالفني، ألا أننا نوجه اتهامنا لقوى الإسلام السياسي بأنها تريد أن تقوض ارادة الناس في ممارسة حرياتهم دون تدخل من هذا الطرف أو ذاك، وإلا ماذا يسمي المعممون السياسيون تعري الشباب في المواسم الحسينية وهم يلطمون ويمارسون طقوس (الزناجيل) والتطبير وما سواها من شعائر معروفة لدى العراقيين وهم عراة الصدور، وما هو رأيهم بأنواع الرياضات التي تستوجب تعرية الصدور لأجل ممارسة الرياضة مثل الملاكمة والمصارعة والسباحة وغيرها، ألا يلاحظ القارئ أن ما يدعيه المتدين السياسي هو مجرد فرية ونفاقا وتعمية في المواقف والادعاءات الباهتة.
هنا ينبغي أن يعرف من له علاقة بالدين مهما كانت صفته، بأن المدنيين والعلمانيين من أشد المدافعين عن شعائر الناس وطقوسهم مهما كان نوعها، شريطة أن لا تقترب بالإساءة للمواطن العراقي وحريته وطبيعة عيشه المسالم التي لا تستهدف لا فلان ولا علان، بل هي ممارسات شخصية وقناعات ينبغي أن يحترمها الجميع متدينون وغير متدينين.
تتعالى الأصوات اليوم في الوقوف بحزم للتصدي لهذه التجاوزات الخطيرة التي تصدر من رجال الإسلام السياسي واتباعهم وذيولهم من خلال التجاوزات الخطيرة التي تصدر منهم يوميا بدعوى الحفاظ على الدين ومبادئ الشريعة، فما علاقة غير المسلم وممن ينتمون لديانات أخرى بهكذا ادعاء؟
أن مد الإسلام السياسي بغطاء الدين نفاقا، يشكل خطورة كبيرة لهدم المجتمع العراقي وإحداث التفرقة ونشر الحقد والكراهية، يصل حد الاقتتال بين مكونات الشعب العراقي، وهنا تكمن خطورة الإسلام السياسي، لهذا ينبغي الوقوف بحزم ضد هذا المد المخيف الآخذ بالتمدد والانتشار تحت استخدام السلاح وتناسل المليشيات التي تشكل الخطر الداهم والحقيقي على المجتمع العراقي والسلم الأهلي.
إذن ما الذي ينبغي فعله لإيقاف هذا الطوفان الذي يهدد أمن العراقيين وسلامتهم واستقرارهم الحياتي؟
تتصاعد الأصوات الحرة عبر الكتابات والإعلام النزيه والبرامج التي يديرها اعلاميون وطنيون وأحرار لتناول هذه الظاهرة وغيرها وهي تخرج لنا يوميا بتصريح أو فتوى أو خطبة منبر أو لقاء تلفزي وهي تهدد وتتوعد من يدعو الى الحرية والكرامة واحترام الرأي الآخر والتعايش السلمي، بعيدا عن المسلمات الدينية التي تستهدف الحرية الشخصية وكرامة المواطن في العيش الكريم البعيد عن كل المنغصات وفي مقدمتها الدينية اتي تشكل الخطر الداهم في العراق، إن لم يتحرك المجتمع المدني بكل انتماءاته وتشكيلاته وامكاناته للوقوف ضد هذا المد الظلامي المخيف وتحجيمه،
إن التدين من هذا القبيل وما يفتي به معممو الإسلام السياسي لهو بعينه سلاح فتّاك لا يقل عن رعب أسلحة الدمار الشامل، إن لم يتحرك الشعب العراقي ويوقف هذا الخطر الداهم.
ليبقى الدين لله والوطن للجميع.

أحدث المقالات

أحدث المقالات