18 ديسمبر، 2024 6:37 م

لماذا يفشل التدخل الأمريكي دائمًا في الشرق الأوسط؟

لماذا يفشل التدخل الأمريكي دائمًا في الشرق الأوسط؟

ترجمة: د. هاشم نعمة
التدخل الأجنبي والنتائج غير المقصودة تضمن فشل التدخلات الأمريكية. هذا ما قرأته كارولين رويلانتس* في كتاب “خسارة اللعبة الطويلة.**”
كما وعدتُ، أعود إلى كتاب فيليب غوردون عن محاولات أمريكا الفاشلة خلال السبعين عاما الماضية لتغيير الواقع غير المرغوب فيه في بعض بلدان الشرق الأوسط (بما في ذلك أفغانستان)، أي تغيير النظام وتشكيله. يطلق على هذا التدخل بجلب الديمقراطية أو معالجة انتهاكات حقوق الإنسان، ولكنه غالبا ما يتعلق بالمصلحة الخاصة مثل القضاء على الخصوم المزعجين وتهديدهم المتصور. ويفلت حلفاء أمريكا دائما من الانتهاكات التي يرتكبونها طالما أنهم يشترون الكثير من الأسلحة الأمريكية أو يدعمون واشنطن. سأسمي فقط دول الخليج العربي والأردن، وماذا عن السيسي في مصر وسجناؤه السياسيين الستون ألفا؟
لا يعني ذلك أنني أدعو إلى تغيير النظام هناك! وقد عنون غوردون كتابه بـ “خسارة اللعبة الطويلة: الوعد الكاذب بتغيير النظام في الشرق الأوسط”، وكانت وجهة نظره أن التدخلات الأمريكية تفشل دائما. غوردون نفسه هو الآن عضو في مجلس العلاقات الخارجية، ولكن بصفته مسؤولا حكوميا، كان آخر منصب له هو منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط من 2013 إلى 2015، فقد حضر مداولات رفيعة المستوى بشأن مثل هذه التدخلات.
مثال غوردون الأول هو إيران في عام 1953، حيث جرى الانقلاب على رئيس الوزراء مصدق، الذي قاده الشاه مباشرة، إلى الخميني والجمهورية الإسلامية، لذلك لم يكن ذلك نجاحا حقا. كما أن الكتاب يغطي أفغانستان في مرحلتين، الأولى من 1980 إلى 1989 والأخرى من 2001، والتي انتهت للتو إلى فوضى عارمة. وكذلك العراق ومصر وليبيا وسوريا. تختلف التدخلات الأمريكية، بالطبع، اختلافا كبيرا، من الغزو الكارثي للعراق للإطاحة بصدام حسين على أسس زائفة إلى الدعم المالي وتسليح المعارضة الضعيفة والمنقسمة ضد الرئيس السوري الأسد. وفي النهاية، وعلى الرغم من دعم واشنطن بقيمة مليارات الدولارات لكنها لم تؤد إلى سقوط الأسد لأنه لم يكن هناك خليفة مستقر وجاهز. لم يرد أوباما أن يسمع شيئا عن عمل عسكري أمريكي كما حدث عام 2011 في ليبيا بالاشتراك مع الحلفاء. ويعتقد غوردون، أنه محق في ذلك، فكل الدلائل تشير إلى أن الأمر في سوريا سينتهي بنسخة أكثر كارثية من ليبيا بعد القذافي.
أوجه التشابه الهامة بين هذه التدخلات المختلفة تتمثل في فشلها. البداية تكون سهلة، لكن بعد ذلك ينشأ فراغ وصراع على السلطة وتدخل أجنبي معيق، انظر العراق، انظر أفغانستان، انظر ليبيا، وانظر أيضا إلى سوريا دون سقوط الأسد. للعملاء، سواء أكانوا حكوميين جدد أو مجموعات معارضة، مصالح خاصة بهم لا تتطابق مع مصالح الراعي الأمريكي. وهناك أيضا قانون النتائج غير المقصودة – استنتج الجيش الأمريكي أن إيران كانت الفائز الوحيد في القضاء على صدام. وأدى سقوط القذافي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها، مما تطلب مزيدا من التدخل الغربي؛ حيث باتت الجماعات الإرهابية القديمة والجديدة تستفيد من الوضع. من المهم أيضا أن واشنطن ليست لديها دراية كافية بالمنطقة مما سمح بخسارتها المناورة. كما أن هذا الأمر يكلف الكثير من المال أكثر مما كان يعتقد في الأصل.
يقول غوردون إن إغراء التدخل لن يزول أبدا. “ولكن يمكن القول بأمان أن مثل هذا المسعى سيكون أكثر تكلفة، وأقل نجاحا، ومن المرجح أن تكون له عواقب غير مقصودة أكثر مما يدرك المدافعون عنه أو هم على استعداد للاعتراف به”. نأمل أن يقرأ هذا الكتاب جميع كبار المسؤولين الأمريكيين (السابقين) الذين لا يزالون غير قادرين على مقاومة الدعوة إلى تغيير النظام في إيران.

* كارولين رويلانتس هي خبيرة في شؤون الشرق الأوسط.
** نشر الكتاب في 6 تشرين الأول 2020، الناشر: دار سانت مارتينز، نيويورك.(المترجم)

الترجمة عن: NRC Handelsblad, 30 Augustus 2021