المقدمات تؤدي الى النتائج ، وحفلة محمد رمضان نتيجة عادية ومتوقعة (من تقصير جميع المتصدين في هذا المجتمع من أكبر مرجع الى اصغر طالب في الحوزات العلمية ) (1) وجميع المؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية والنخب العلمية والاجتماعية وباقي شرائح المجتمع لأن الحديث الشريف (يقول كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ، فمنذ أن بدأت دقائق التغير والخلاص من دكتاتور العصر صدام التكريتي العفلقي عام 2003 بدأ الاجتياح التغير الأسود للعراق من خلال فتح الأجواء العراقية لجميع الفضائيات في العالم أن تنشر بسمومها على العائلة والفرد العراقي بدون أي قيد أو شرط بعد ان كان المواطن العراقي يشاهد قناتين في التلفزيون العراقي (القناة السابعة والثامنة) بالإضافة الجهل المفرط بالثقافة الإسلامية نتيجة السياسة البعثية التي حاربت كل شيء له صلة بالدين والثقافة الإسلامية وسيطرة الأحزاب التي أدعت بأنها إسلامية والإسلام من أفعالها براء على الحكم بعد التغير فقد شوهت هذه الأحزاب سمعت الإسلام والمذهب نتيجة الفساد وسرقة الثروات وسوء الإدارة والخدمات بالإضافة الى الدورات التي يراد منها غسل أدمغة الشباب والشابات التي تقوم بها قنصليات الأمريكان في البصرة و اربيل وكذلك في بغداد ، ونتيجة لهذا الاجتياح الفكري والغير أخلاقي والاجتماعي الذي أجتاح العراق وإغراق فكر وعقل وغرائز وأخلاق المواطن في وحل شباك الشيطان مع عدم وجود أي جهة تقف بشكل مسؤول لهذا الاجتياح فقد غسل هذا الغزو الثقافي والغير اخلاقي عقول الشباب والشابات وحتى كبار السن ، فنشأ جيل ليس له أي صلة بالأخلاق الإسلامية أو التقاليد والأعراف التي يتبناها ابناء العراق الغيارى ، فأنتشر في المجتمع الفساد والعلاقات المحرمة بكل أنواعها مع الرفض القاطع للدين وما يمت له بأي صلة ، لهذا لاحظنا وبشكل واضح الكثير من الظواهر السلبية التي انتشرت في المجتمع ككثرة الطلاق وقضايا زنا المحارم والمثلية وخروج الشابات للعمل في الأماكن الوضيعة كالمقاهي والملاهي الليلية بالإضافة الى ابتعاد الشباب والشابات وبشكل واضح وجلي عن الدين وتعاليمه بل ظهرت ظاهرة الإلحاد بشكل ملفت وواضح في المجتمع مع تفشي ظاهرة الفصول العشائرية السيئة الصيت وما قام به الشباب التشريني في ساحة التحرير وخصوصاً في جبل أحد أو المطعم التركي من مفاسد نتاج لغسيل الأدمغة التي قامت به المؤسسات الغربية والصهيونية ، ومع كل هذه المفاسد وسوء الأخلاق والتفكك الأسري والابتعاد عن الدين وتعاليمه نلاحظ مؤسستنا الدينية وإدارات العتبات المقدسة والمؤسسات الاجتماعية والنخب ومنهم الخطباء لم يقوموا بعمل يوازي أو يكافئ هذا الاجتياح الغير اخلاقي والفكري الذي أجتاح العراق بل لم يقوموا بعمل حقيقي يواجه هذه الهجمة الشرسة التي هجمت على المجتمع العراقي وهذا رافقه انعدام أو موت القوة الضاربة الكبرى التي تصحح مسار اي مجتمع بل هي صمام الأمان ألا وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ قال الله سبحانه وتعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)( 2) وقال رسول الله صلى الله عليه واله ( لتآمرن بالمعروف ولتنهُنَّ عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم (3 ) وقال أمير المؤمنين عليه السلام ( وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجي )( 4 ) وقال أمير المؤمنين عليه السلام ( قوام الشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود )( 5)، فاكتفوا بأعمالهم وطرحهم الروتيني الذي أعتاد المجتمع عليه وإن صاحب هذا العمل بعض التغير للمواجهة ولقلته وضعفه فأنه لا يذكر ، فطرح الحوزات العلمية والمنبر الحسينية لم يكن بالمستوى الذي يواجه هذا الغزو بل كأنه لم يرى او يسمع به فلهذا نلاحظ قد ابتعدت هذه المؤسسات كثيراً عن تربية المجتمع بما يوازي هذه الهجمة المنظمة الشرسة التي تقودها حكومات ومنظمات دولية متمرسة بهذا الغزو الغير اخلاقي والفكري والديني ، بحيث عندما طرحت على أحد العلماء وهو أبن مرجع كبير أن لا يركزوا على دروس العقائد في هذه الفترة بل يركزوا على دروس الأخلاق ودفع طلبة الحوزة الى الشارع من أجل إعادة وتثبيت مبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن المجتمع قد أنهار أخلاقياً وتفككت الأسرة العراقية ضحك ضحكة استهزاء ؟؟؟؟ ، فإذا كان جواب عالم أبن مرجع كبير بهذه المستوى من المسؤولية فماذا يقول المواطن العادي ؟؟؟؟ فإذا كان الخطباء وأصحاب المنابر ( الذين تصدوا هذه الأيام لحفلة محمد رمضان) قد واجهوا مواجهة حقيقية هذه الهجمة الغير أخلاقية والفكرية والدينية منذ البداية مع التأكيد على نشر مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطرح الحلول لمشاكل المجتمع الأخلاقية لكان وضعنا غير هذا الذي نعيشه الان ، فعندما يجتاحك فيضان يريد أن يجردك من الأخلاق والدين والفكر وأنت لا تمتلك بما تقاومه والتصدي وإليه فماذا تعتقد أن تكون النتيجة غير الضياع والغرق في وحل الفساد والظلم فما حفلة محمد رمضان إلا تحصيل حاصل لما فرطنا به من التقصير في التوجه الى تربية المجتمع بأخلاق أهل البيت عليهم السلام وتحصينه من هذه الهجمة البربرية الشيطانية الماسونية ، علماً إن الله سبحانه وتعالى قد مَنَّ علينا ( أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام) بأدوات لتربية المجتمع لم تتوفر في أي دين أو مذهب أو مجتمع آخر في العالم إلا وهي موسم عاشوراء وزيارة الأربعين بالإضافة الى ولادات و وفيات رسول الله صلى الله عليه واله و المعصومين عليهم السلام وجهازها الإعلامي المنبر الحسيني ، ولكنها تأتي وتذهب ولا نستغلها بالشكل الصحيح في التربية والإرشاد وهذا تقصير ما مثله تقصير وسوف يسألنا عنه الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ، فأرجوا من الله سبحانه وتعالى ان تكون حفلة محمد رمضان قد هزة المجتمع بما يحتوي من مؤسسات دينية وحوزات علمية ومؤسسات اجتماعية و أيقظته من سباته العميق من أجل السير على الطريق الصحيح في تربية المجتمع ونشر وتثبيت مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لا يأتي القادم اسوء من حفلة محمد رمضان لا سامح الله سبحانه وتعالى .
(1) هذا المقطع مقتبس من كلام السيد العالم الجليل علي الميلاني الذي التقيت به في فندق قصر الكاظمية في كربلاء المقدسة وكان محور اللقاء حول تفشي سوء الأخلاق في المجتمع شهر رمضان عام 1441 هجري – 2019 ميلادي (2) سورة آل عمران آية 104(3) ) وسائل الشيعة – الحر العاملي ج16ص118 (4) بحار الأنوار ج67ص89(5) ميزان الحكمة ج3ص1940 .